حقيقةُ الصراع الأبدي وكذبةُ الإبراهيمية..بقلم/ إخلاص عبود

 

يقول تعالى: (… وَقَاتِلُوا الْـمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَـمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْـمُتَّقِينَ) من سورة التوبة- آية (36).

يأمرنا الله تعالى في القرآن الكريم، في جميع أوامره ونواهيه وتحذيراته، من التعامل مع اليهود والنصارى ومن دار في فلكهم من المشركين، وأكثر ما تحدث عنه الكتاب المقدس والعظيم هو عن عدم تولينا لهم، ووصف طباعهم ونفسياتهم، ومكرهم وخدعهم، وأنهم العدوّ الحقيقي والأزلي لنا إلى أن تقوم القيامة، ولن يأتي زمن أَو يولد جيل منهم يحب المسلمين، أَو يتمنى لنا الخير، أَو حتى يتركنا في حالنا بدون أن يؤذينا، أَو أن يسعى لأذيتنا، أَو أن يدفع بأجندته لمحاربتنا في كُـلّ تفاصيل حياتنا، حتى في لبسنا وألفاظنا.

سعى اليهود لطمس معالم الإسلام منذ أول يوم لهم، على طول الدهور والأزمان، واختلاف الأنبياء والمرسلين، وتحول حالهم من المستضعفين إلى أصحاب الملك والكتاب والنبوة، وكانت نفسياتهم في تقدم مُستمرّ وتطور في مجال الخداع والمكر والتزييف وتبديل الحق بالباطل، والتعامل بالربا، وقتل الأنبياء والمرسلين، يكفرون بكل نبي يُبعث إليهم ويحاربونه بكل أنواع الأساليب -التي نراها الآن- ثم إذَا ما بَعث الله نبياً آخرَ لهم قالوا بأنهم مؤمنين بالنبي الذي قبله، وبما جاء به لا زالوا متمسكين، وقد كفروا في الحقيقة بما جاء به الأنبياء السابقين واللاحقين قال تعالى: (فَلَـمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَـمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ) من سورة القصص- آية (48)، وهكذا مع جميع رسالة الله واختلاف المُرسل إليهم كان نفس الأُسلُـوب ونفس الكذب والخداع، ولقد سلبهم الله كُـلّ ما كان قد مكنهم -بسبب عصيانهم وكفرهم- ثم غضب الله عليهم ولعنهم على لسان أنبيائه، قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسرائيل عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) من سورة المائدة- آية (78)، وإلى أن تقوم القيامة لن يخرجوا من تلك الدائرة، وعندما يخبرنا الله تعالى بأنهم أعدائنا ويحذرنا منهم، فهذا هو تحذير للمسلمين في كُـلّ زمان وفي أي مكان في الدنيا، وهو تحذير مباشر لا يحتاج إلى مفسرين وعلماء ليُخبرونا من هم الفئة الذين حذر الله وشدّد في تحذيره منهم، ومن توليهم ومن التعامل معهم بأي شكلٍ من أشكال التولي، الظاهر والباطن، نحن لا نحتاج إلى من يخبرنا من هو عدونا، فنحن نعلم ونعي من هم الذين يستهدفوننا بجميع أنواع الحروب الصلبة والناعمة، وبمختلف وسائلها، نعي ذلك من كلام الله في المصحف الشريف المقدس، ونعي أن الصراع الأزلي والأبدي هو معهم إلى أن تنتهيَ الحياة، وما التطبيع إلا نوع واحد فقط من أنواع تلبيسهم الحقائق الواضحة بالباطل.

طبعت الأعراب بمسمياتٍ سخيفة، وبأساليب تلبيس الحق بالباطل كما أسلفنا، فلو جئنا لنبرّر تطبيعهم ونحاول أن نُقنع أنفسنا فلن نرى لهذا التطبيع من مسمى سوى توَلٍّ لليهود، وهذا ما حذر الله منه، وإن كان أُولئك سيقولون أنهم ليسوا يهود زمان وأنهم (إسرائيل) فهم من لعنهم الله -كما ذكرنا سابقًا- وأكثر ما ذم القرآن الكريم بني إسرائيل، وإن كنتم تُسمونهم أهل الكتاب فقد قال عنهم الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهل الْكِتَابِ وَالْـمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولئك هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ)) من سورة البينة- آية (6)، والحديث عن أهل الكتاب واسع جِـدًّا في القرآن الكريم، وإن أنتم طبعتم؛ لأَنَّهم قالوا لكم بأن أبونا جميعاً إبراهيم، فَـإنَّ هذا هو حجّـة عليهم هم، فأبونا إبراهيم كان حنيفاً مسلماً، بدليل قوله تعالى: (قُولُوا آَمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إلى إبراهيم وَإسماعيل وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحد مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِـمُونَ) من سورة البقرة- آية (136)، هذا دليل على أن من تطبعون معهم باسمه كان مسلماً، ومن هنا عليهم أن يتبعوا ملة أبيهم، ومذهب سيدنا إبراهيم -الذي يلبسون جريمة التطبيع باسمه- وأبوهم يعقوب، والأسباط، ومن هذا الواقع عليهم -واليهود المقصود- إما أن يعودوا لدين أبيهم الذين يريدون أن نجتمع باسمه وهو (الدين الإسلامي) أَو وجب قتالهم؛ لأَنَّهم ارتدوا عن الدين وأنشقوا عن الرسالة الإلهية، التي يجب أن يكونوا هم السباقين إلى اعتناقها، فمن كُـلّ الأبواب يجب قتالهم، إما كعدوٍ حذر الله منه، أَو مرتدٍ عن دين إبراهيم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com