سيناريو الوضع الصهيوني ..بقلم/ الأسير: منذر خلف مفلح *

 

ترتفع في الآونة الأخيرة في دولة الكيان خطابات إعلامية ومصطلحات تُعتبر جديدة على وسائل الإعلام، ففي السابق تم استخدام الخطابات المهدّدة تجاه أعداء الكيان والأطراف الخارجية، أما الآن فقد استخدمت مصطلحات جديدة مثل (حرب أهلية، دولة أَو حكومة فاشية، أفراد في الحكومة فاشيين دينيين، دولة الكيان ليست بيت اليهود، أَو لم تعد كذلك، أَو الكثير من الشبان يفكرون في الهجرة، أَو استخدام لغة التهديد الصريحة والمبطنة تجاه أعضاء في الحكومة، أَو المعارضة أَو قضاة، أَو المستشارون القضائيون وغيرهم).

استخدام مصطلحات (دولة فاشية، دولة ظلامية، غير ديمقراطية) تصب في مواجهة الخطة القضائية التي لا تستهدف المحاكم وسلطة القانون فقط، بل تلغي مفهوم فصل السلطات في دولة تعتبر نفسها ديمقراطية.. لقد حذر يساريّو الكيان في شعارهم “الاحتلال يُدمّـر” والذي يعني أن قيم الظلم والاضطهاد وتجاوز القانون في الأراضي المحتلّة والتي تطبق على الفلسطينيين ستنعكس داخل الدولة نفسها، وهذا ما يحصل بحسب وجهة نظرهم، في حين يذهب البعض إلى أن الدولة غيرت وجهها، أَو أن المشروع أفلس تاريخيًّا وأخلاقيًا وقيميًا، والدليل الأكبر هو انتخاب رئيس وزراء متهم بالفساد بالأغلبية، وثانيًا يدافع عن وزراء متهمين بقضايا جنائية، كُـلّ ذلك على حساب ما يُسمى قيم الدولة والديمقراطية والقانون.

فمن يدافع عن مَنّ في هذه الأزمة؟

نتنياهو يستخدم الآن قضية درعي كي يحرك الشارع الصهيوني ضد المحكمة العليا ورجال القانون، وكي تظهر أن القضية هي قضية درعي، وليست قضية رئيس وزراء فاسد، وكان وراء تقديم الخطة القضائية لتجاوز القضايا المقدمة ضده، وتجاوز إمْكَانية محاكمته، والأهم إمْكَانية إيقافه عن العمل.

هل سيقبل نتنياهو، أن تطال الأحكام القضائية عنقه؟ تذهب هذه المقالة إلى أن نتنياهو سيصور قضية درعي جماهيريًا (باعتباره ممثل الشرقيين) ويعتبر القضاء والقائمين على الاحتجاجات من وجهة نظره غربيين، إذن هو يرهن ما يُسمى “الحالة الوطنية” لتعزيز الانقسام فقط؛ مِن أجل إنقاذ نفسه، وقضائيًا يصعد قضية درعي كي يتمكّن من التوصل إلى تسويات تمنع المحاكم وتعطل القانون من أن يأخذ إجراء ضده، بما يعنيه ذلك ما أشرنا له في البداية من التهديد بحرب أهلية.

في الختام، يمكن القول وبكثير من الاعتقاد من أن الكيان اليوم، لن يكون هو ذاته غدًا، فالاحتجاجات والانقسام الحاصل داخل الكيان هو حالة غير مسبوقة من حَيثُ شدة الانقسام عموديًا وأفقيًا.

عموديًا بانقسام النظام والقوى إلى كتلتين متصارعتين يُعبر عنه بمفهوم “الانقلاب”، مع ملاحظة أن استخدام كلمة الانقلاب كان عام 1977م، حين انتصر اليمين بقيادة بيغين وانهزام التيار العمالي التاريخي الذي أسس الدولة.

ويستخدم اليوم مفهوم “انقلاب” للتعبير عن الحالة التي يقوم فيها اليمين الديني بتغيير أسس الدولة، والنظام والقانون، ويتجاوز الدستور الصهيوني المعروف بوثيقة “الاستقلال”، ويتجاوز اتّفاقية الوضع الراهن التي تحدّد العلاقة بين قوى اليمين الديني والدولة، نحو وضع أسس دولة تقوم على الدين والقيم العنصرية العرقية والأثنية، بما يؤسس لتجاوز مصالح أثنية محدّدة “الاشكناز” لصالح إثنية الحكام الجدد “الشرقيين” الذين يسعون للانقضاض على آخر معاقل (الليبرالية الاشكنازية) القضاء والتعليم والجيش وتحديد الحريات العامة وحرية الأقليات.

وأفقيًا يعبر عن هذا الصراع عبر مفهوم صراع الإثنيات والأقليات والجماعات ومصالحها، فهل أفلس الكيان كمشروع، أَو يؤمن مصالح المستوطنين والمهاجرين جميعاً ليتحول المشروع نفسه كلفة يرغب الجميع بتقاسمها.

لنتصور السيناريو التالي:

خلال عام أَو أكثر ستضعف قوة الحكومة جماهيريًا أَو قانونياً وربما يدخل عوامل أُخرى اقتصادية وأمنية، تجعل قوى وجماعات الحكومة الجديدة خارج نظام الحكم والمصالح، وتنجح قوى يسارية أَو تكتلات ليبرالية، ستسعى لإعادة تصويب مسار الدولة (الكيان) بحسب وجهة نظرهم، ما الذي سيحصل مستقبلًا؟

هذا سؤال برهن الإجَابَة من خلال السلوك المنفلت للقوى اليمينية الفاشية، والتي تُعبّر عن كرهها تجاه الآخر فلسطينياً كان أم صهيونياً مختلفاً عنها.

* كاتب فلسطيني، مدير مركز حنظلة للأسرى

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com