مجاهدون وأكاديميون ومسؤولون لصحيفة “المسيرة”: الذكرى السنويةُ للشهيد محطةٌ لتذكر التضحيات الجسيمة ومكانة الشهداء عالية ورفيعة

 

المسيرة – محمد المنصور

يُحْيي اليمنيون كُـلَّ عام الذكرى السنوية للشهيد في معظم مُحافظات الجمهورية اليمنية، سواءً في العُزل أَو القُرى، وفاءً وعرفانًا وإجلالاً لما قـدّمَه هؤلاء الشُهداء من تضحياتٍ وتفانٍ في سبيل الله، ونصرة دين الله، وقضية الأُمَّــة، وخدمةٍ لهذا الوطن الذي قدم خيرة أبنائه شُهداء، كانوا هم الأوفياء، وأرخصوا دماءهم؛ مِن أجل أن نحيا في عزةٍ وكرامةٍ وإباء.

وها نحنُ اليوم نعيش في حرية وكرامة وذلك بِفضل دِماء الشُهداء الذين أرخصوا أرواحهم؛ مِن أجلِنا ونصرة الدين، وإقامة العدل والحق، وتحَرّكهم الصادق في الدفاع عن أمتهم وشعبهم الأبي، ضد الباطل والظلم، ولذا كان لزاماً أن نحيي ونخلد بطولاتهم ونتحدث عن شجاعتهم، وقوة إيمَـانهم الراسخ، وتحَرّكهم في ميادين البطولة والجهاد، كما أن من واجبنا تجاه الشهداء هو الوفاء لهم لتفقد وخدمة أسرهم، والعناية بأبنائهم، والاهتمام بِهم، فهم مسؤولية وأمانة في أعناق الجميع.

ويقول القاضي الدكتور حمود العزاني -الباحث في الدراسات الشرعية والقانونية ورئيس جامعة البيضاء الأسبق: إن الذكرى السنوية للشهيد بأنشطتها وفعالياتها تحمل في طياتها التأكيد والإصرار على السير على درب أُولئك الشهداء العظماء.

ورسائل قوية لتحالف العدوان على اليمن بأنه لن ينال من تعاظم الصمود لأبناء الشعب اليمني في مواجهته حتى تحقيق الانتصار وإفشال المخطّطات التي حيكت وتحاك ضد بلادنا، موضحًا أن الاحتفال بهذه الذكرى هو تذكير حقيقي للأجيال أنها ترخص كُـلّ الأشياء وفي مقدمتها تقديم الدماء والتضحية بالأرواح؛ مِن أجل نصرة الحق ومواجهة الغزاة ومن أجل العزة والكرامة والحرية لأبناء شعبنا اليمني.

ويضيف أنه من المهم جِـدًّا الإشارة إلى أن دماء الشهداء وتضحياتهم قد تجلت انتصاراتها في كافة الجبهات وأن تلك التضحيات تجسد مشاعر الفخر والاعتزاز بالدفاع عن اليمن، لافتاً إلى أنها كذلك محطة للتزود بالعزم والثبات ذلك أنه بدماء الشهداء سيكون النصر وتكون الحرية والكرامة.

ويواصل: “الشهداء تحدوا الأخطار وكسروا شوكة الذل والانكسار واستمدوا ثقتهم وعونهم من الله الواحد القهار فمضوا بعزيمة ثابتة وإصرار، ولذلك فَـإنَّ من الواجب علينا تجاه الشهداء الوفاء لهم وتفقد أسرهم والعناية بأبنائهم فهم مسؤولية وأمانة في أعناق الجميع”.

 

مناسبةٌ أغلى وأطهر

من جانبه يرى مدير مكتب الهيئة العامة للزكاة بمحافظة البيضاء حيدر الغريب، أن الشهادة في الثقافة الإسلامية صفة يُوضع من ينالُها في مرتبة تلي المرتبة التي منحها الله سبحانه وتعالى للأنبياء في الدنيا، ودرجة مساوية لهم في الآخرة، حَيثُ يجمع المسلم في دعائه للميت بين “النبيين والصديقين والشهداء” عند ذكر الدرجة المرجوة للشهيد في الآخرة، موضحًا أن الشهداء هم العظماء الذين قدموا أرواحهم ليحيا غيرهم في عزة وكرامة، واسترخصوا دماءهم ليرفض أبناء اليمن كُـلّ مشاريع الوصاية والعبودية، وهم من تركوا الدنيا بما فيها ليعيشوا عند ربهم يرزقون.

ويزيد قائلاً: “ثمان سنوات من التضحية المُشرِّفة في سبيل اليمن، إن دماء الشهداء هي التي جعلتنا نعيش في أمن وأمان، ويكفي الشهيد قول الله تعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، فهم في حياة أبدية منذ استشهادهم وهذا الفوز العظيم.

ويشير إلى أنه مع كُـلّ ذكرى سنوية للشهيد نتذكر هؤلاء الرجال وعطاءهم وما بذلوا ونبادلهم قليلًا من الوفاء من خلال الاهتمام بأسرهم وذويهم وتلمس احتياجاتهم تقديراً لتضحياتهم العظيمة التي توجّـها الله بالنصر والصمود خلال ثمانية أعوام من العدوان، منوِّهًا إلى أن التقصير في هذه المسؤولية هو تقصير في المبادئ والقيم والأخلاق، فأقل واجب نقدمه للشهداء هو تكريم أسرهم التكريم الذي يليق بهم، ويعاب علينا أن نقصر في حقهم حتى الابتسامة مطلوبة لهم.

بدوره يقرأ الشيخ الحسن بن علي الجراش وهو مجاهد في كتائب “الوهبي” قوله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون}، مؤكّـداً أن من مات يدافع عن ماله فهو شهيد، ومن مات يدافع عن عرضه فهو شهيد، ومن مات يدافع عن أرضه فهو شهيد.

ويبين أنه وتخليداً منا لذكرى الشهداء يجب أن نشير إلى الدور الكبير الذي سطره شهداء هذا الوطن، الذين قدموا أنفسهم هدية إليه وجعلوه ينال المجد والكرامة والعزة والرفعة أمام من تكالب عليه، وأن أهم ما يمكن أن نتحدث عنه هو دور الشهداء في حياتنا، على الرغم من أن حياتهم انتهت، ولولا دور هؤلاء الأبطال لتعرضت حياتنا للخطر، فهم السبب في بقائنا في أمان حتى الآن، ولأن دورهم عظيم في حياة كُـلّ فرد منا، فأقل تقدير يمكن أن نقدمه لهم، هو إحياء ذكرى يوم الشهيد.

ويرى أن مكانة الشهيد عالية ورفيعة ولا يمكن بلوغها إلا لمن يرضى عنه الله ويرضيه مكانة تشتهيها جميع المخلوقات دون استثناء لرفعتها وعظمتها، المكانة العظيمة والمكافأة لمن يناله، لافتاً إلى أن أثمن وأغلى ما يملكه الإنسان هو دينه وشرفه وحياته ووطنه، ومن البديهي والمنطقي أن الإنسان وُلِدَ بداخله فكرة تحثه على الدفاع عن مقومات الدين والحياة والعرض والوطن، مُشيراً إلى أنه قد ضحى الشهداء بأرواحهم؛ مِن أجل رفع لواء دينهم وحفظ الوطن في سلام وحرصهم على سلامة شعوبهم، لافتاً إلى أنه قد كان للشهداء الدور الكبير في رفع راية اليمن الحبيب، وأن هؤلاء الرجال البواسل الذين لم يفكروا أبداً في حياتهم، هدفهم السامي الأول والأخير هو رفع راية هذه اليمن ورفع مكانته.

من جانبه يؤكّـد المجاهد علي منصور الأقهومي، أن للشهداء مكانة رفيعة، وأن هذه الذكرى التي تطل علينا ونحن في العام الثامن من العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ لا تغيب عن وجدان كُـلّ يمني حر وشريف، بل هي متواجدة بعنفوان وعبق دماء الشهداء الزاكية الطاهرة.

ويواصل: “تطل علينا ذكرى ومناسبة أغلى وأطهر بشر عرفتهم المعمورة، لنجدد عهد الوفاء وصدق الإخلاص ونبل السجايا وعظمة العطاء لمن بذلوا أغلى المهج وسكبوا دماء السخاء لتحيا أشجار الحرية والبقاء شامخة في زمن التراجع والهوان الذي كبل أُمَّـة الجهاد وقزّم جبال الاستشهاد عندما فقدت بوصلة التوجّـه الصحيح وأضاعت خارطة طريق مستقبلها الفسيح”.

ويضيف أن يمن الإيمَـان يسجل تاريخه الحافل بالمكارم ويصرخ بصوته المجلجل ليبدد صمم الأذان المتصرد، وينفخ روح الحياة في جسد الأُمَّــة ليزيل عنها حِمام الجمود الذي عطل حركتها وأوقف نماءها، مُشيراً إلى أن ذكرى الشهيد التي يجددها بلد الحكمة تستمد أدبياتها من نور القرآن وهدى الفرقان ونبراس القرناء الأطهار، فتشرق سماء الوطن وتبتهج جباله الشماء وتخضر رياضه الغناء وتتوشح بصور أعظم من أنجبتهم أُمهات وعرفتهم الرايات وخبرتهم الجبهات وتلقى على أيديهم الأعداء أقسى الضربات.

ويوضح أن اليمن يحتفل بأبناء الشهداء ويكرم أسر العظماء ويتفقد حوائجهم ويزرع الابتسامة على شفاههم، ببذل وعطاء والقيام بواجب الوفاء، رغماً عن الحاقدين المنافقين، داعياً بالرحمة والخلود للشهداء الأبرار النجباء الأخيار، وبالنصر والعزة لشعب الجهاد والاستشهاد، والفرج للأسرى الكرام.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com