السلطة رسميًّا جزءٌ من الحكم المحلي المرتبط مع الاحتلال..بقلم/ منذر خلف مفلح*

أزف مشروع السلطة كعتبة للدولة..

 

 

ناقشت مقالة سابقة مألات السلطة، التي ابتدأت كمشروعٍ سياسي، وتنتهي بمشروعٍ أمني. وقد وضعت المقالة السابقة أطراً زمنية مُفترضة، اقترحت المدة الزمنية 1995 – 2005م، بتعريف السلطة كمشروعٍ سياسي، وكممرٍ لتحويل المشروع لما يرغب به الاحتلال من تحويلها لوكيلٍ أمني في الضفة الغربية وغزة. كما اقترحت المقالة المدة الزمنية 2005-2015م؛ باعتبَارها مشروع السلطة اقتصادي معيشي؛ مِن أجلِ خلق مقايضة ما بين الطموح السياسي، وما بين الاحتياجات المعيشية، والتي انتهت باستخدام الاقتصاد والمال، والضرائب، والمساعدات كضاغطٍ على السلطة؛ مِن أجلِ قيامها وتَحوّلها إلى الدور الأمني، والذي اقترحت المقالة أنه مشروع ابتدأ منذ 2015م، مُرورًا بصفقة القرن، وما تلاها من مشاريع إدارة الصراع، وتقليص الصراع، والسلام الإقليمي والاقتصادي، وُصُـولاً إلى الدور الأمني والذي من المفترض أن يترسخ حتى العام 2023م، وهي المدة التي تتزامن مع الحكومة اليمينية الفاشية في الكيان.

والآن هذا رسميًّا، وليس مُجَـرّد اقتراح في مقالة تحليلية أَو مقالة رأي، فمشروع السلطة في الضفة يتم ترسيمه بشكلٍ واضح اليوم؛ باعتبَاره وكيل حكم محلي لإدارة السكان، وفي غزة تقويض السلطة عبر سياسة العصا والجزرة.

هذه الأمور ستتم عبر ترتيبات أمنية متسقة مع رؤية الكيان لهذه السلطة، ومتسقة مع التطورات الإقليمية، التطبيع، واحتمال توسع مجاله إلى دول أُخرى لفرض حَـلّ على الفلسطينيين، متسقاً مع هذه الرؤية تحت الضغط الاقتصادي الإقليمي والمحلي.

لقد حدّدت حكومة الكيان القادمة بقيادة “نتنياهو” الإطار السياسي للسلطة عبر تحديدها لصلاحيات بعض الوزارات في حكومة الكيان، وطموحات وآمال عددٍ من سياسييه اليمينيين، وبطبيعة الحال كلهم كذلك. فقد وقع الاتّفاق الحكومي بين “نتنياهو وبن غفير” كوزير للأمن “القومي”، وهو تعديل طفيف في المسميات والشكل، ولكنه في المضمون يَمدّ صلاحية الأمن الداخلي للكيان لتشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية، وخَاصَّة الشرطة والوزارة لتصبح هي المسؤولة عن الأوضاع في الضفة الغربية، وطبعاً قطاع غزة خارج السيطرة، ويضاف لها ما يحمله هكذا مشروع من تطوير وشرعنة للبؤر الاستيطانية كبيرها وصغيرها.

كما أن “سموتيرتش” يطالب بضم الكتل الاستيطانية وصلاحية تخص الإدارة المدنية في الضفة الغربية، ليصبح رسميًّا مفهوم الضم مُغطى ضمن القانون، وله شكل سياسي بتبعية ما يُسمى المناطق، أَو الضفة الغربية أَو “يهودا والسامرة”، للوزارة والحكومة في الكيان الصهيوني، وللوزارة صلاحية تنظيم الأوضاع في الغربية والقدس.

أما قطاع غزة يبقى تابعاً لوزارة الأمن “الدفاع”، في التنسيق لإدارة معابره، وشروط الحياة، وتصاريح العمال وإدخَال الأموال… إلخ، فهل بقيّ من مشروع السلطة أي مستقبل سياسي؟ لعل البعض يناور في الإجَابَة معتبرين أن السلطة تأخذ تعريفها من القانون الدولي، والمرجعية أوسلو كإطار قانوني مرجعي؟

وهذا يعود بنا لاعتبار أن أوسلو كمرجعية قانونية انتهت في العام 1999م، ولم تُفلح السلطة في الانتقال إلى عتبة الدولة آنذاك، كما أن الطرفين اعتبرا مشروع أوسلو قد انتهى وغير ذي صلة، وتجاوزه الاحتلال بقراراته وقوانينه وإجراءاته، بل وبخطابه السياسي، والنظام الدولي لا يمتلك أن يقرّر بتحويل مرجعية السلطة القانونية للأمم المتحدة أَو الاعتراف بأراضي السلطة وصلاحياتها؛ باعتبَارها دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، أَو مُجَـرّد الاعتراف بها.

فهل نحن أمام استحقاق الدولة، أم انتكاسة المشروع، “أوسلو وسلطته، وتَحوّله إلى مُجَـرّد وكيل حكم محلي، ووكيل أمني فرعي؟؟”.

* مدير مركز حنظلة للأسرى والمحرّرين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com