عُظماءُ رحلوا بدماءٍ حسينية..بقلم/ أم زين العابدين

 

غريب أم مغترب؟! طالَ الانتظار شوقاً لظِله المفقود، وتوقَف الزمنُ حين أتوا بِخَبرِه المشؤوم، لم تتحَرّك أوراق الشجر حينها، ظلت واقفة بين برودة الحياة القاسية، وكأنها لوحة رُسمت في فصل الشتاء بتفاصيلها، فلقد هبّت رياح الحزن طريقها المعكوس وظلّت الطيور في أعشاشها خائفة تترقب الآتي إليها ليستظِل، عسى أن يتذكر شيئاً مؤلماً فيضرب على جذوع الشجر بحرقة، فتطير هاربه مُجبرة دون استئذان.

“غريبٌ ذاك الرأس بين أيادٍ ساقطة تملأها الجُبن، غريبٌ كغربةِ مكروبٍ ضائِع، لقد أعمى أبصارَهم نورُ وجهه فطرقت الهزيمة بابهم الهش حتى هاجت نفوسَهمُ الذليلة لذبحه بُغضاً، لتحتضن الرمالُ دَمهُ باكية وهي تقول: “فزت وخسر هنالك المبطلون”، دقات ساعة تُعزَف أوشكت عقارِبُها الوقوفَ بِبُطء وبصيص من النور الواهم تسلل خلسةً لنوافذ على المحك أن يَكسِرُها الظلام، تجمدَ اليأسُ قليلًا في الأذهان على أملِ العودة أَو الرحيل، فتعاقبَت الأيّام حتى أصبح مغترباً في قلوب محبيه، يُرسلونَ سلامَهم إليه مع هدهدٍ حُلمُهم بِعودته، كالذي يرمي بِشبَاكِه البحر ليصطادَ وينتظر!.

يَصمتون عسى أن تلامسَ البُشرى مَشاعِرُهمْ، وينقطع خيط الانتظار فتتوهُ بحثاً عنه ولم تجده!

يعود خائباً منكسراً ولا يعلم أن السلام كله قد حمل روحه الطاهرة ورحل إلى أعالي الجنان! لم يكونوا عابري سبيل في هذه الحياة! بل هم حكاية عشق أبدية استوحت جمالها من جناح فراشة، جرحتها رياحُ الخريف الآتية بشدة فطارت بجناحها الآخر وعانقت الزهر وهي ذابلة، فارتوت وأزهرت من ثقتها.

فُصولُهم كلُها رَبيع فصنعوا من الحياة الفصل الخامس الذي تَحلى بهاماتهم على أرض المعركة، فلقد نبت الورد من فوهات بنادقهم، وفاحَ أريجُ الشهادة حين امتلأت أكتافُهم بغبارِ المعركة ولم يُبالوا، تَعمقوا بالحروف لتعلموا أن قصصهم اجتاحها الخيال فاشتدت واشتدت حتى ارتقت، فأصبحوا من روايات السماء السابعة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com