مأساةُ آل الرميمة بتعز.. الحياةُ بثوب الحزن

ملتقى الكُتاب العرب والأحرار يسلِّطُ الضوءَ على المظلومية ويدعو لمحاسبة المجرمين

 

المسيرة – أحمد داوود

تظلُّ مأساةُ آل الرميمة بتعز واحدةً من أقسى المشاهد التي لا يمكنُ نسيانُها بسهولة، وعلى الرغم من مرورِ سبع سنوات على الكارثة إلا أن القلوبَ لا تزالُ مكلومةً لما حدث، وهي شاهدٌ لا يمكنُ نسيانُه على توحُّش الجماعات الإجرامية التكفيرية “داعش والقاعدة” المرتبطة مباشرة بالعدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا.

وقعت هذه المأساة في محافظة تعز وتحديداً في قرية حدنان 2015م، غير أن آثارها لا تزال إلى يومنا هذا، فقد قتلت النساء المسنات والفتيات في بيوتهن بقناصات قتلة تنظيم داعش الإرهابي، وتحالف العدوان، وحرقت المنازل وسرقت، واستبيحت بطريقة مفاجئة وغير شرعية، وعندما حاولت أسرة بيت الرميمة دفن الشهداء تم أخذهم من منازلهم وقتلهم بعد تعذيبهم، وتم رميهم من أعلى الأسطح.. شهداء تم إخفاؤهم، ولا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اليوم، وَجرائم لم توثق بل تم التعتيم عليها وَتضليلها.

وحتى هذه اللحظة لا يزال الأسرى في علم الغيب، ولم يتم الكشف عنهم، رغم التواصلات المُستمرّة عن طريق لجنة شؤون الأسرى، ومع كُـلّ ما حَـلّ بأسرة الرميمة، فَـإنَّ العناصر الإجرامية لا تزال تعيث في الأرض فساداً، ووصل بهم الحال إلى تفجير الأضرحة، ومنها ضريح السيد الشيخ علي بن أحمد الرميمة، والتعدي على مقامه وسبهِ وشتمهِ على مرأى ومسمع من الجميع، وبعد أن سيطر الدواعش على قرية حدنان نبشوا القبور، وأخرجوا الجثث، بحجّـة البحث عن سلاح، وهذه الجرائم لا تزال ترتكب إلى الآن، ناهيك عن سرقة الأراضي، وسبهم بألفاظ عرقية.

وسلط ملتقى كتاب العرب والأحرار، مساء أمس الأول الخميس 29 سبتمبر 2022م الضوء على هذه المظلومية، بمشاركة نخبة من المثقفين والناشطين والحقوقيين اليمنيين والعرب والمسلمين في فعالية شاركت فيها الحملة الدولية لفك الحصار عن مطار صنعاء الدولي، والاتّحاد العربي للإعلام الإلكتروني فرع اليمن، وجمعية الشتات الفلسطيني بالسويد، ومعهد قوة اللحظة للتدريب والتطوير mpi، والحملة الدولية لمناصرة الأسرى (أسرانا مسؤولية)، إضافة إلى مركز الشهيد أبو مهدي المهندس –العراق، والملتقى الثقافي النسائي –لبنان، وَالمرصد العربي لحقوق الإنسان والمواطنة –لبنان، كما شارك في الفعالية اتّحاد كاتبات اليمن، وملتقى كاتبات وإعلاميات المسيرة، والوكالة العربية للدراسات والإعلام، والملتقى الثقافي النسائي لبنان.

وحضر الفعالية عددٌ كبيرٌ من النخب العربية والإسلامية والمفكرين والكُتاب، وقادة وسياسيين وإعلاميين وحقوقيين، ووجهاء من أشراف آل الرميمة الذين تم تشريدهم من أرضهم ومنازلهم، كما تم تغطية الفعالية التي أقيمت عبر منصة zoom قناة اللؤلؤة البحرينية، وإذاعة الاقتصادية إف إم 93:3.

وعبر رئيس الحملة الدولية لفك الحصار عن مطار صنعاء الدولي العميد حميد عبد القادر علي عنتر، عن عميق حزنه لما حَـلّ بآل الرميمة، داعياً الإعلاميين بتسليط الضوء عليها بشكلٍ مُستمرٍّ؛ كي لا تدخُلَ عَتمةِ النسيان، وتشكيل رأي عام ضاغط على التكفيريين الذين ارتكبوا هذه المجزرة، والتحَرّك لإنصاف أسرة الرميمة وما حَـلّ بهم من قتل وسحل وهدم للمنازل ورفع دعاوى في محكمة العدل الدولية، مُشيراً إلى أن ما حدث هو نتاج للفكر المتطرف الماسوني الدخيل على الأُمَّــة والمدعوم من قبل البريطانيين والأمريكيين واليهود.

 

قتلٌ وسحل وتهجير

ويسرد الأُستاذ محمد عبد الخبير الرميمة جانباً مما حدث، مُشيراً إلى أن التكفيريين هاجموا المنطقة بأعداد كبيرة من المرتزِقة، وقاموا بالسحل والذبح، والتهجير والأسر، مؤكّـداً أن امرأة مسنة قتلت وعمرها 88 عاماً، كما قتل معها آخرون، وتم رمي بعضهم من أعلى سطح المدرسة، ومنهم من تم أسره وإخفاؤه إلى الآن، مُشيراً إلى أنه لم يكن يتوقع أن يحدث لهم ما حدث، حَيثُ كانوا متعايشين لفترة زمنية طويلة.

ويشير الأُستاذ عرفات الرميمة إلى أن من النساء خمس جريحات وثلاث شهيدات، كما تم سحل وقتل 6 من أبناء الرميمة، وَإحراق ونهب 30 منزلاً، مُشيراً إلى أن الإجراميين أخذوا أحدهم يبلغ عمر ستين عاماً من الطريق، وتم أسره، ولم يعلموا عنه شيئاً إلى الآن، وأن المدرس عبد الرحمن الرميمة قتلوه ولم يسلموا جثته، سارداً بالتفاصيل أسماء الشهداء والجرحى والمفقودين، وما حَـلّ بهم بعد ذلك من معاناة لا تزال متواصلة إلى يومنا هذا.

وتؤكّـد الكاتبة والإعلامية دينا الرميمة، في تسجيل أن نساء آل الرميمة دفنن الشهداء بصبرٍ زينبي، متحدثةً بأسى عن حجم هذه المظلومية وبشاعة ما حَـلّ بهم.

أما الأُستاذ عبد الرحمن الرميمة، فأكّـد أن المرتزِقة والجماعات التكفيرية قاموا بالسحل والتمثيل بالجثث لأبناء الرميمة، وسلب الأموال التي شأنها شأن النفس، كما هدموا منازلَ آل الرميمة في حدنان وفي تعز المدينة، وتم تهجيرهم، مطالباً بالإفراج عن الأسرى، والكشف عن مصيرهم.

بدورها تقول الأُستاذة إيمَـان الرميمة: إنَّ ما حَـلَّ من قتلٍ وسحلٍ وتهجير هو نتيجة رفضهم للعدوان وللثقافة الوهَّـابية، مؤكّـداً أن هذه الجرائم ارتكبت على مرأى ومسمع الأمم المتحدة، لكنها لم تحَرّك ساكناً.

 

كربلاء تحضُرُ من جديد

ويستغرب الأُستاذ وسام المقيد وهو ناشط من فلسطين ما حَـلّ بهذه الأسرة الكريمة، لافتاً إلى أن مظلوميتهم تشبه مظلومية كربلاء المقدسة، وأهالي فلسطين وغزة، منوِّهًا إلى أن العدوّ المباشر في فلسطين واضح وهو الكيان المؤقت الصهيوني، لكنه في اليمن غير مباشر، وهو يرتكب هذه المجازر عبر وكلائه، داعياً أبناء اليمن للوقوف ضد المستكبرين والتمسك بشعار “هيهات منا الذلة” و”الدم سينتصر على السيف”.

ويتفق الدكتور إسماعيل النجار، مع الطرح السابق بأن هذه الجرائم هي كمثل الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني، داعياً للوقوف صفاً واحداً ضد الغزو الغربي ومواجهة الفكر الوهَّـابي.

ووجهت الإعلامية لبنى محمد مرتضى، من سوريا السلام والتحية للشعب اليمني ولكل محور المقاومة، مؤكّـدة أن ما عاشته سوريا هي نماذج مشابهة لمأساة بيت الرميمة.

وقالت: إن الجريمة التي حدثت لأسرة بيت الرميمة أصابت الشارع اليمني بالذهول، وإن عناصر “داعش والقاعدة” بقيادة العميل الخائن لوطنه حمود المخلافي قد استهدفت المدنيين والأسرى، وقامت بإحراقهم أحياء، والتنكيل بجثثهم، وسحلها بالشوارع، وتعليق جثثهم لتكون نهباً لسكاكين إجرامية تقطع أعضاءهم وأطرافهم أمام مئات المدنيين البسطاء من أبناء الحالمة تعز.

بدوره أوضح الأُستاذ أشرف ماضي، وهو كاتب سياسي من الصعيد مصر، أن كربلاء من جديد تعاد بكل لحظة، مقدماً التحية للقيادة الثورية وللسيد القائد العلم عبد الملك بن بدر الدين الحوثي وللقيادة السياسية، ولكل أبناء اليمن والجيش واللجان الشعبيّة التي هي فخر الأُمَّــة.

وتحدثت الأُستاذة صباح الحوثي -عميد كلية الآداب الأسبق بجامعة الحديدة- عن حجم معاناة ومظلومية أشراف آل الرميمة، وبالذات الأطفال المفجوعين والمحرومين من الأمان في العيش والتعليم، موضحة أن أدوات العدوان في تعز وهم ما يسمى عادل عبده فارع الملقب أبو العباس، وعدنان زريق، وحزب المسخ التكفيري الذي أفزع الآمنين وقتل وسحل الأشراف من آل الرميمة.

الناطق الرسمي لحقوق الإنسان الأُستاذ عارف العامري، طالب في مشاركة له كُـلّ الأحرار والإعلاميين بتوثيق هذه الجرائم، والاقتصاص من المجرمين بأسرع حال، كما وجه الإعلامي هشام عبد القادر، التعازي لأشراف آل الرميمة ولكل شهداء محور المقاومة من فلسطين إلى سوريا ولبنان والعراق وإيران وفي اليمن وفي كُـلّ مكان، مؤكّـداً ضرورة الوقوف مع مظلومية أشراف بيت الرميمة وكلّ مظلومية بالفكر والقلم.

وتأسف بقلب يغمره الحزن على المرأة المسنة البالغة بالعمر ثمانين عاماً التي تم قتلها، وهي من أشراف آل الرميمة، وتذكر من خلالها أم وهب التي تم ضربها برأسها في كربلاء المقدسة وكانت أول شهيدة في كربلاء المقدسة.

وأكّـد أن شعار كُـلّ محور المقاومة والمظلومين هو “هيهات منا الذلة” وشعار “القتل لنا عادة والكرامة لنا من الله الشهادة”.

وتخللت الفعالية كلمات متعددة لكتاب عرب ويمنيين، ثم اختتمت ببيان ناشد من خلاله أهالي وضحايا بيت الرميمة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وكلّ القوى والأحزاب السياسية، والأحرار للتحَرّك لإنقاذ ما يزيد عن 300 طفل و300 من النساء وكبار السن يعيشون مهجرين نازحين في صنعاء تحت رحمة المنظمات اللاإنسانية والتي تفتقر الحد الأدنى من توفير المستلزمات الضرورية للحياة.

وأكّـد البيان أن مرتزِقة العدوان في مديرية مشرعة وحدنان وصبر مثّلوا الحد الأعلى في سفالة الأخلاق الذميمة التي تجاوزت كُـلَّ الشرائع والمواثيق والأعراف الإنسانية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com