تحيةٌ لمن حياتهم أبدية

 

احترام المُشرّف

وفي ذكرى الشهيد نقف إجلالاً وإكباراً وعاجزين أن نصف من بذلوا أرواحَهم في سبيل الله.

شموع جهاد احترقت لتضيء الدرب لمن خلفها، أجساد جعلت من نفسها جسر عبور لمن يأتي من بعدها ودماء أروت أرضنا بطهرها.

ومن أين للكلمات جيد تمده ليخترق السبع الطباق ويصعد، وكيف للأقلام أن تختار عبارات تليق بهم!.

ومن أين للفاني في حياته أن يستطيع أن يصف من حياته الأبدية!.

وإذا كان للمجد درجات فَـإنَّ الشهادة في سبيل الله أعلى درجات المجد، شباب في ربعيهم العمري وفي عنفوانهم الجسدي تخلوا عن الدنيا بقلوب راضية وتعفروا بدمائهم الزاكية.

توجّـهوا للجبهات وهم على يقين بأنهم قد لا يعودون توجّـهوا مبايعين على إحدى الحسنيين النصر أَو الشهادة.

فهم تربية المدرسة القرآنية التي علمتهم أن كليهما فوز وفلاح.

الشهداء هم نجوم الأرض الذين آثروا الاختفاء في باطنها لينيروا الدرب لمن يمشى عليها، الشهداء هم من وضعوا حجر الأَسَاس لمستقبل هم يعلمون أنه لغيرهم سيكون، الشهداء هم من زرعوا بذور الحرية ليهنأ بالعيش بها غيرهم، الشهداء هم وحدهم من يجسد معنى الإيثار والتضحية.

فمن يهب حياته في سبيل حياة من بعده هو فقط من يستطيع أن يقول ويقال عنه إنه من أكرم الناس، فهو لم يبذل ديناراً ولا درهماً، هو لم يهب منزلاً أَو أرضاً، هو لم يتخلَّ عن وظيفة أَو منصب.

الشهيد وهب ما لا يوهب وجاد بما يعز الجود به، جاد بروحه وأعطى ما لا يعطيه إلا أفذاذُ الرجال النجباء الأبطال،

الشهيد وهب لنا حياته لنحيا نحن، فما هي العبارات أَو الكلمات التي بمقدورنا أن نصوغَها لمن هذه صفاتهم؟ وماذا نستطيع أن نقول في ذكراهم وهل يفي لذكراهم يوم أَو أسبوع أَو شهر أَو عام؟ فمن جاد بروحه لكي يحميَ غيره ووهب حياته لتكتمل بها حياةَ مَن بعده، هو فقط الكريم الذي يقف الكرم عند رجليه خجلاً ويقول له لو كان لي أن أتمثل ببشر فلن أتمثل بغيرك يا شهيد.

فماذا يجب على من حماهم الشهداء وقدموا أرواحَهم في سبيل الحرية، يجب عليهم أن يجعلوا ذكراهم خالدة في كُـلّ وقت وحين إلى أن يلحقوا بهم.

ليروا هناك منزلتهم العالية عند العزيز المتعال -جل شأنه- الذي منحهم وألبسهم ما لا يحصل عليه غيرهم من صلحاء ونساك وأنبياء.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com