جرائم وانتصارات تفوق الخيال

 

ألطاف المناري

الأرض السعيدة اليوم أُسطورة فيها غرقت دول الشر والطغيان في العالم في مستنقع الهزائم، ووحل الجرائم، فيها فقط جرائم وانتصارات تفوق الخيال، في هذا المقال سأصفُ جانباً مظلماً وجانباً مشرقاً من واقع الحال.

جانب الظلم والظلام كان سبباً في بزوغ فجر الإشراق، فالجرائم الوحشية في البلد أفقدت لُب الرجال، ودفعتهم لرد الصاع صاعين في ساح القتال، ليسطروا انتصارات عظيمة وكبيرة ومجلجلة لا تستطيع مواكبتها الأقلام، ولا يستوعبها تحالف الأقزام، ولا يكل ولا يمل من تسطريها الأبطال الكرام، لا وعورة التضاريس تعيقهم، ولا جليد الشتاء يمنع تقدمهم، بل إن كُـلّ ما على الأرض يشارك الأبطال في غزل خيوط الفتح المبين، فآيات الذكر والتسبيح تتوشحهم فتقيهم صقيع البرد وتجعل رياح السفوح والجبال دفاءً وسكينة، والحيّات والزواحف تنبئهم عن خطر محدق بهم، والطيور والعصافير تجوب السماء مغردة بانتصارات المغاوير، ورمال الأرض تثور فيعانق ترابها السماء مشوشاً على طائرات التجسس والرصد، مهيئ الوضع لتقدم المجاهدين لإحراز النصر.

ليأتي كُتَّابُ الأساطير ليكتبوا أساطير حقيقة تفوق الخيال، تذهل العقل ويتحقّق ما يقال عنه محال ما جرى ويجري في اليمن لا أدباء ولا شعراء يستطيعون أن يصنعوا جملة تصف بدقة الحال، ففيه معجزات تفوق معجزات موسى وطغيان تعدى طغيان فرعون وهامان، وصبر لا يضاهيه صبر أيوب ومريم ابنة عمران، في اليمن حرب أشد من حرب رسول الله محمد (ص) مع الرومان، في اليمن ظلمات عدوان تغشيها ظلمات جهل العميان، ظلمات من تحتها أنهار من الدماء ومن فوقها صواريخ تحرق شجراً وتقتل كُـلّ بشرٍ وحيوان.

في البلد السعيد يموت ألف طفل جراء الحصار والعدوان، وتثكل عشرات النساء، ويُيتم مئات الأطفال الأبرياء، وفي كُـلّ يوم يزداد عدد مرضى السرطان، وينفد مخزون الدواء وتزداد الصواريخ الحاملة للداء، وفي كُـلّ ساعة يخرج عشرات الوفيات، ويستقبل مئات المرضى في المستشفيات، الذي في أروقتها يرى المرضى الموت بدلاً من الحياة، فلا أدوية تنقذهم، ولا أجهزة حديثة تكشفُ عِلّتهم، ولا مطارات مفتوحة تبعث على أملهم، في المراكز الصحية مريض السرطان ومريض فشل الكلى، والسعال كلهم في قانون العدوان سواء، لا ضمير يؤنبه لما يحصل من مأساة، ولا مبادئ تحكمه ولا إنسانية في عروقه، ولا تزيده صرخات ملايين الأطفال إلا إمعاناً في القتل الوحشي، وتفننا في اختيار أسلحة تزيد من دائرة الدمار وعدد الضحايا.

ما يحصل في اليمن لا تشرعه قوانين الغرب ولا قوانين السماء، ما يحدث في كُـلّ يوم وكل ساعة في اليمن من خراب ودمار، وقتل وحصار لا تنقله منظمات حقوق الإنسان التي تكتفي بالإحصاءات الشهرية، المنظمات الدولية في اليمن هي منظمات تحفظ حقوق العدوان، بل تسعى في إيصال ما لم يستطع إيصاله من أوبئة وثقافات ماسخة، منظمات لا تجسد حرفاً واحداً من شعاراتها البراقة الزائفة، وتموت غيظاً عندما ترى وحشية ما يجري في اليمن تصل للعالم.. ولا تلهث إلا وراء المال الذي أعماها من أن ترى شلالات الدماء، وتسمع أنين المرضى، فتعمل على محاسبة تحالف الحمقى كداعية لسلام ويهمها أمر حتى الحيوان، المنظمات في اليمن منظمات حرب لا حقوق إنسان.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com