السعوديّة نحو إعلان “العلاقة المحرَّمة” مع “إسرائيل”.. صدَق قائدُ الثورة وكذَب أعداؤه

 

المسيرة: نوح جلّاس

يوماً تلو الآخر، تزدادُ حقيقةُ التطبيع الصهيوني –السعوديّ انكشافاً، وتخرج خباياها إلى العلن؛ تمهيداً لإعلان اتّفاقية “التطبيع” بشكل رسمي، بعد سنوات من التعاون والتعامل السري الذي اندرجت تحته العديدُ من الخدمات السعوديّة لكيان العدوّ، تتمحور جميعها فيما اعترف به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي أكّـد أن النظام السعوديّ كان خلال السنوات الماضية ركيزةً أَسَاسية للوجود “الإسرائيلي”.

 

“تنويمٌ مغناطيسي”.. التطبيعُ على دفعات!

وكما جرت العادة، ينتهج الكيان الصهيوني مبدأ “التنويم المغناطيسي” للرأي العام العربي والإسلامي، وذلك من خلال الحديث عن العلاقة مع النظام السعوديّ في ملفات “هادئة”، كالتجارة والسياحة والخطاب الإعلامي الموجه وغيرها من القضايا بعيدًا عن الحديث الجاد الخارج عن التسريبات بشأن التعاون العسكري والأمني والدبلوماسي، وهو ما يجعل الحديث الصهيوني “الهادئ” بمثابة الضرب بهدوء على “عظم” الرأي العام لجعله يمتص الصدمات الخفيفة المتتالية دون انفعال، حتى يتقبل الإعلان المباشر لاتّفاقية مشابهة لما حدث مع أبو ظبي والمنامة والخرطوم والرباط.

الصحف الصهيونية –ومنذ تولي ابن سلمان منصبَه كولي عهد لأبيه على رأس النظام السعوديّ– تحدثت بإسهاب عن جوانب العلاقة “الإسرائيلية” السعوديّة، غير أن حديثها في هذا السياق تسارع بوتيرة عالية خلال الأشهر القليلة الأخيرة، وهو ما يجعل من مسألة الإعلان المباشر للتطبيع بين الكيانين السعوديّ والصهيوني أقرب من أي وقت مضى، لا سيما مع تصاعد أصوات الخيانة “التطبيع” في الوسط السعوديّ من قبل الإعلاميين وقادة الرأي ووزراء ومسؤولين وقادة عسكريين وأمنيين، ووصول زرع ثقافة “السلام مع إسرائيل” إلى ذروتها –دون حياء– في الوسط الاجتماعي السعوديّ، وذلك من خلال المسلسلات والبرامج والأعمال التلفزيونية المتنوعة والتي تدعم جميعها التوجّـه السعوديّ الصهيوني، فضلاً عن تكرار استضافة الصهاينةِ داخل الأراضي السعوديّة واستقدام حاخام صهيوني إلى أرض الحرمين، وأخيرًا إبرام صفقات تجارية معلَنة مع كيان العدوّ، علاوةً على تمادي باقي الأنظمة العربية المطبعة في خيانتها والإيغال في التباهي والتفاخر بالقبول بـ”إسرائيل” كدولة صديقة!، بالتزامن مع الحديث عن الدور السعوديّ الكبير في إبرام صفقات واتّفاقات تلك “الخيانات”، علاوة إلى عدم إنكار الرياض لأي حديث صهيوني كشف التعاون الأمني والسيبراني مع كيان العدوّ.

 

استضافةٌ لليهود وتحَرُّكٌ سعوديٌّ لفرض ثقافة “التطبيع”

وبعد أَيَّـام من استضافة النظام السعوديّ لحاخام صهيوني والتقاطِه صوراً ومقاطعَ فيديو مع شخصيات سعوديّة داخل المملكة، وهم في حالة من “الرقص، والغناء، والنشوة”، كشفت وسائلُ إعلام عبرية عن صفقات تجارية جديدة بين الرياض وتل أبيب، إضافة إلى بدء إعلان هبوط الطائرات الإسرائيلية في السعوديّة والعكس، لتتزامن بذلك خطوات التمهيد وتتوالى نحو إعلان “التطبيع” المباشر، حَيثُ باتت مسألة دخول اليهود والصهاينة إلى الأراضي السعوديّة “فخراً” بالنسبة لبعض السعوديّين “العاديين”، على غرار ما يقوله المسؤولون السعوديّون في حديثهم لوسائل الإعلام.

وفي هذا السياق، يشار إلى أن ابن سلمان اتخذ مؤخّراً خطوةً غير مسبوقة لتعزيز مكانة اليهود في السعوديّة وزيادة أعدادهم في وقت حدّد شرطاً بتحسين معاملة الإدارة الأمريكية له؛ مِن أجلِ التطبيع العلني، فيما يكشف موقع سعوديّ “سعوديّ ليكس”، أنه “تم حديثاً بشكل سري افتتاحُ كنيس يهودي في الرياض يقدم الأكل اليهودي وطقوس المواليد والزواج والصيام والغفران، بشكل دائم بالإضافة للدعوة والحوار”، مؤكّـداً أن “كل هذه الأمور معلَنةٌ في موقع الحاخام ومصرَّحٌ بها من قبل الدولة، يتحَرّك في الرياض بحماية أمنية مدنية وأعلن عن رقم جوال للتواصل مع الجالية اليهودية في السعوديّة”.

 

تطبيعٌ اقتصادي وتمهيدٌ لإعلان “العلاقة المحرَّمة”!

أما في الجانب الآخر للتطبيع وتحديداً في الشق الاقتصادي، فقد ذكرت صحيفة Globes”” العبرية الأسبوع المنصرم أن بعض الصفقات التجارية قد تمت بين الرياض وتل أبيب خلال الأشهر الماضية، مؤكّـدةً أن الأخيرة أجرت محادثات مع الجانب السعوديّ بشأن إعلان العلاقات الدبلوماسية، فيما أبرزت الصحيفة العبرية تصريحات الكاتب الصهيوني المتخصص في الشؤون الاقتصادية “داني زاكين” التي قال فيها: إن “فتح الأسواق السعوديّة أمام البضائع الإسرائيلية ستكون له أهميّةٌ كبيرةٌ للشركات والمصدِّرين الإسرائيليين؛ لأَنَّ السعوديّة ذات قوة شرائية عالية للسكان البالغ عددهم 33 مليون نسمة”، حَــدَّ قوله، فيما تبع تلك التصريحات الإعلان، يوم الخميس، عن “هبوط أول رحلة طيران إسرائيلية في السعوديّة، وهي المرة الأولى التي تهبطُ فيها طائرةٌ عامة من إسرائيل، وتأتي بعد يوم واحد فقط من هبوط أول رحلة جوية سعوديّة في مطار بن غوريون”، وذلك حسب ما أوردت صحيفة “جيروزليم بوست” الصهيونية اليومية في تقرير لها بشأن تطور الحديث في العلاقة السعوديّة –الإسرائيلية، والتي أضافت أَيْـضاً أن “تلك الخطوة تمثل تقدماً كَبيراً في ملف التقارب بين إسرائيل والسعوديّة”، مؤكّـدةً أن “تسيير رحلات جوية بينهما يشير إلى تقدم كبير في العلاقات الرسمية”.

ويأتي كُـلّ ذلك بعد تأكيدات صهيونية –ازدادت مؤخراً– عبر وسائل إعلام عبرية أكّـدت أن مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، جيك سوليفان، بحث في الرياض مع ابن سلمان، في الـ 27 من سبتمبر الفائت، إمْكَانية تطبيع العلاقات بين السعوديّة وإسرائيل، وذكرت موقع “واللا” الصهيوني أن ابن سلمان لم يرفض إمْكَانيةَ التطبيع العلني للعلاقات بين نظامه وكيان العدوّ، لكنه اشترط تعزيز العلاقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وهو ما يكشف حالة الخضوع التي وصل إليها النظام السعوديّ، حَيثُ بات يشترط التودد والتقرب من أمريكا مقابل الخضوع والخنوع لـ”إسرائيل”، وفي كلتا الحالتين يتأكّـد للجميع أن تسلط النظام السعوديّ على مقدسات الأُمَّــة وهو في هذه الحالة من التبعية والعمالة، يحتم على المسلمين رفع أصواتهم لصون مقدساتهم.

وفي هذا السياق، كان وزير الخارجية السعوديّ، فيصل بن فرحان، قد صرّح في إبريل الماضي، بأن تطبيع العلاقات المحتمل مع كيان العدوّ الصهيوني سيعود بـ”فائدة هائلة” على المنطقة، وزعم في مقابلته آنذاك مع شبكة سي إن إن الأمريكية “أن تطبيعَ وضعية إسرائيل في المنطقة سيحقّق فائدةً هائلةً للمنطقة ككل.. التطبيع المحتمل سيكون مفيداً للغاية اقتصاديًّا وَأَيْـضاً اجتماعياً ومن منظور أمني”، ومع هذه التصريحات يتبين أن النظام السعوديّ يعزز مسار “التطبيع” مع كيان العدوّ، ويروج لذلك على المستوى الشعبي والرسمي السعوديّ، لا سيما أن الصحف الصهيونية تحدثت خلال أُكتوبر الجاري أن الإدارة الأمريكية تعملُ بشكل حثيثٍ نحو الدفع بإعلان التطبيع السعوديّ الإسرائيلي، واللحاق برَكْبِ البحرين والسودان والإمارات والمغرب، وهي الدولُ التي طبّعت بإشرافٍ وضوءٍ أخضرَ سعوديٍّ!، في حين أعادت الصحف العبرية الحديثَ عن لقاء جمع ابن سلمان ونتنياهو وبومبيو في “مدينة نيوم” السعوديّة أواخر العام الفائت، وهو ما يشير إلى حتمية الإعلان العاجل للتطبيع بين الكيانين السعوديّ والصهيوني بعد جملة من اللقاءات الثنائية الخفية والعلنية بذرائع واهية، أشار إليها القنصل الأمريكي لدى الإمارات “إيلان شتولمان”، حَيثُ صرح مؤخّراً أن “هناك تسارعاً في الاتصالات مع عدة دول عربية في المدة الأخيرة تتمّةً لاتّفاقات التطبيع وعلى رأسها السعوديّة”.

 

تعاوُنٌ عسكري معلَنٌ مؤخّراً.. تأكيدُ تحذيرات القائد المبكرة

ومع كُـلّ هذا وذلك، تتأكّـد للجميع مصاديقُ ما قاله قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أن العدوان على اليمن أمريكي صهيوني بدرجة أولى، حَيثُ انكشفت صفقات التبادل العسكري والأمني بين الرياض وتل أبيب في سياق العدوان على اليمن.

قائد الثورة أكّـد في عدةِ خطاباتٍ سابقة أن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة يشرفان ويديران ويدعمان بشكل مباشر وغير مباشر تحالف العدوان على اليمن؛ بغية السيطرة على الاستراتيجية التي يحتلها بلدنا، وإخضاعها للمصالح الصهيوأمريكية.

ونوّه في عدة مرات إلى خطورةِ التحَرُّك الأمريكي الصهيوني السعوديّ الإماراتي في المنطقة لإخضاع أبناء الأُمَّــة للقبول بـ “إسرائيل” وما يندرج تحته من مخطّطات ومؤامرات هدامة.

وفي ذات السياق، بات التنسيق العسكري الصهيوني السعوديّ الإماراتي أكثرَ وضوحاً، فمعَ الحديث عن تبادُلٍ للقدرات الدفاعية والأسلحة المتنوعة بين الكيان الصهيوني والنظام السعوديّ، شاركت دولةُ الإمارات –أحد أقطاب العدوان على اليمن– الأسبوعَ الفائتَ في مناورة بحرية إلى جانب الكيان الصهيوني، على البحر الأحمر، أكّـد مراقبون أنها بمثابة الإعلان عن التحالف العسكري المباشر بين الدول المطبعة وكيان العدوّ؛ تمهيداً لتوحيد الصف العسكري وفقَ البُوصلة الصهيونية، والتي من ضمنها تصعيدُ العدوان على اليمن وتفجيرُ معارك السواحل والجزر.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com