صُنَّاعُ المعجزات والخزنة المقفلة

 

أمل المطهر

يبدو أنَّ هذا الزمان ليس زمن الانتصارات وكشف الأقنعة فحسب بل إنه أصبح زمن المعجزات.

ها نحن اليوم نرى معجزةً جديدةً تتجسد أمامنا واقعاً ملموساً في ستة أسرى فلسطينيين مجاهدين نجحوا في الفرار من سجن (جلبوع) الذي سمي بالخزنة المقفلة لشدة إطباقه على الأسرى، فهناك لا مجال للتحَرّك أَو التنفس دون رقابة أَو حراسة سجن جلبوع الذي تعد فيه أنفاس الأسرى، مزوداً بأحدث الأجهزة التكنولوجية للحراسة، حراسة مشدّدة يتخللها الامتهانُ والتعذيب الجسدي والنفسي لكل من فيه، لكن هؤلاء الستة كسروا قاعدة المستحيل التي كنا نراها في الأفلام فقط كخيال لا يمكن أن يتحقّقَ ليضعوه أمامنا معجزةً تصنعُها الإرادَة الصلبة والنفسيات المؤمنة الصابرة الواعية المثابرة.

يخرج الستة الأسرى من تلك الخزنة عن طريق نفق ضيِّق يحفرونه بملعقة تحولت رفش ومعول، فثقتهم الكبيرة بالله تعالى ملأت أرواحهم بهواء الحرية قبل أن يخرجوا من ذلك السجن، لذلك لم يروا في كُـلّ تلك العوائق شيئاً يُذكر أمام تأييد الله وعونه لهم فولدت المعجزة في خضم ولادة العهد الجديد الذي ستكون فيه نهاية العدوّ الإسرائيلي من الوجود وهذا هو ما أربك العدوّ وأغضبه وأحرجه.

ليس الهروب بحد ذاته ما أوجعه بقدر ما أوجعه وجود مثل أُولئك الأسرى الذين حملوا نفسيات قوية واثقة بعدالة قضيتها وبأحقيتها في العيش على أرضها بحرية مطلقة.

تلك النفسيات هي من أفجعت العدوّ الإسرائيلي وأربكته، فالعدوّ يؤمن بحدوث المعجزات ويعلم جيِّدًا أنها لا تحدث إلا عند وصول أصحابها لدرجة الكمال الإيماني والثقة العالية بالله تعالى، وحينها سيبدأ عصرُ المعجزات وستصيب الجميع العدوى عدوى النفوس الأبية الحرة المؤمنة التي لا ترى إلا بعين الله ولا تسمع إلَّا من خلال أوامره ولا تخافُ إلا من بطشه وغضبه ولا تواجه إلا في خندقه ومع جنده.

هذه العملية هي درس جديد لكل الشعوب بأن عليكم أن تنظروا لإسرائيل ولجيشها وسجونها وأسلحتها كما رآها صناع المعجزات هشةً كالقشة وواهنة ضعيفة كبيت العنكبوت، وكل ذلك الجبروت والاستكبار سيزول أمام أول خطوة لكم في طريق المواجهة والمقاومة لهم.

والعاقبة للمتقين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com