6 سنوات على “توشكا صافر”.. التنكيل الأول للغزاة!

 

المسيرة – أيمن قائد

تحلُّ ذكرى “توشكا صافر” كُـلّ عام، فيحل معها الألمُ، والحُــزْنُ، والفاجعةُ لأمراء العدوان الإماراتي السعوديّ الذين حصدوا في ذلك اليوم الخيبةَ والحسرةَ والهزيمةَ القاسية، واضطرت أبو ظبي بعد ذلك أن تنكِّسَ أعلامها حِداداً على قتلاها، وأن ترتديَ ثوبَ الحزن، وتذرف الدموع الكثيرة، فتظهر شاشات التلفزة جثامين الجنود الإماراتيين الصرعى، وهو يصلون إلى مطار أبو ظبي في صناديق خشبية، بعد أن أزهقت أرواحهم في “صافر” وتلقوا أقوى الصفعات.

تبدأ حكاية هذا الوجع للعدوان، حينما أرسل جنوده المرتزِقة، بينهم أبناء الأمراء، في مصفحات وناقلات جند، إلى مأرب، معتقدين أن رحلتهم ليست سوى “نزهة”، وأن وجودَهم في هذه المدينة الغنية بالنفط والغاز سيمكنهم من الوصول إلى صنعاء، واجتثاث أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، حَيثُ كان هؤلاء يحملون أحدث الأسلحة، ولديهم ناقلات إسعاف، وطائرات أباتشي، وعدد من طائرات الاستطلاع، لكن اليقظة العالية لقوات صنعاء كانت لهم بالمرصاد، والرصد الدقيق لتحَرّكات هؤلاء المرتزِقة سهّل للجيش إطلاقَ صاروخ من نوع “توشكا” في الرابع من سبتمبر أيلول 2015، على جحافل الجنود الغزاة، وما هي سوى لحظات حتى تحول المعسكر الذي وصلوا إليه إلى جحيم، فاحترقت فيه الأشلاء، واختلطت دماء المرتزِقة بدماء الجنود الإماراتيين المغرورين وقادتهم الذين جاءوا لاحتلال اليمن، فكانت الحصيلة النهائية مقتل “189”، بينهم 67 إماراتياً، و42 سعوديًّا و16 بحرينياً، و12 أردنياً، بالإضافة إلى 52 مرتزِقًا، ومن حَيثُ الخسائر المادية، دمّـرت تلك الضربة عدداً من العربات الحاملة صواريخ من نوع مانستير، وقاطرات وقود، وناقلات إسعاف، وطائرتي أباتشي، وعدداً من طائرات الاستطلاع، بالإضافة إلى إحراق العشرات من الآليات العسكرية ما بين دبابة ومدرعة.

 

درسٌ لن يُنسى

في الجهة المقابلة، كانت صنعاءُ وأبطالُ الجيش واللجان الشعبيّة، يحتفون بهذا الانتصار العظيم، الذي أعاد إليهم روحَ الانتصار، بعد حدوث نكسات في عدنَ والمحافظات الجنوبية، كما أدرك المواطنون الأحرارُ أن قيادة ثورة 21 سبتمبر لا تزال تملك زمام المبادرة، وأن العدوان الأمريكي السعوديّ مهما كان متوحشاً وظالماً فَـإنَّه لن يكسر عزيمتَهم على الإطلاق.

ويصفُ الخبير العسكري اللواء عبد الله الجفري ما حدث في صافر، يوم الرابع من سبتمبر سنة 2015 بـ “اليوم العظيم”، مؤكّـداً أن ضربة “توشكا” حملت عدداً من الرسائل من أهمها التأكيد على تطور القدرات العسكرية لأبطال الجيش واللجان الشعبيّة، حَيثُ تمكّنت من إصابة أهدافها بدقة عالية، وهذا بحد ذاته يعتبر إنجازاً كبيراً أربك قوى تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ.

ويشير اللواء الجفري إلى أن هذه العملية العسكرية الصاروخية تصدّرت اهتمامَ وسائل الإعلام المحلية والدولية، وأظهرت إحراقَ المدرعات والآليات وعدد من الطائرات، مؤكّـداً أنها كذلك شكّلت نقطةَ تحوُّل في معادلة المعركة العسكرية للجيش واللجان الشعبيّة، وأنها تعد من أقسى الضربات الهجومية المؤلمة والموجعة التي استهدفت دول تحالف العدوان، حَيثُ استطاعت القوةُ الصاروخية اليمنية تدميرَ مراكز تجمعات ووحدات عسكرية في اللواء 107 بمحافظة مأرب.

ويرى اللواء الجفري أن هذه الضربة ستظل خالدة في تاريخ شعبنا اليمني، وسيتذكرها دائماً، كما ستظل بالنسبة للعدوان يوماً أسودَ، وسيدوّنها التاريخ في أنصع صفحاته، فيومَها علمت دولُ العدوان أن اليمن مقبرةٌ للغزاة، وأنه مهما حشدوا من إمْكَانيات سيتصدى لهم أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، مُضيفاً أن هذا اليوم، وهذا التاريخ سيظل خالداً وناصعاً في تاريخ الشعب اليمني العظيم، وسيخلده الأجيال القادمة، وسيظلُّ نقطةً سوداءَ في تاريخ دول العدوان.

 

مقبرةٌ للغزاة

من جانبه، يقول عضو مجلس الشورى، عبدالملك الحجري: إن إحياء الذكرى السادسة لتوشكا صافر لها مدلولاتُها وأهميتُها؛ باعتبَارها إحدى الضربات الاستراتيجية التي نفذها الجيش واللجان الشعبيّة في إطار مواجهة العدوان السعوديّ الإماراتي الأمريكي البريطاني الصهيوني ومرتزِقته ونتج عنها مقتل ما يقارب ٢٠٠ من جنود مختلف دول العدوان.

ويرى الحجري أن ضربة “توشكا” شكلت حينها مؤشراً واضحًا وعمليًّا على بداية انكسار تحالف العدوان وهزيمته، وأكّـدت عمق دهاء واستراتيجية القوة الصاروخية اليمنية والعسكرية اليمنية إجمالاً، واستحالة هزيمتها، لافتاً إلى أن البلاد شهدت بعدَها انسحاباً لعدة دولٍ من تحالف العدوان، وإعادة حساباتها تجاه اليمن، والبعض تغيّرت نظرتها وموقفها تجاه النظام الثوري والسياسي في صنعاء.

ويضيف الحجري لصحيفة “المسيرة”: أيضاً فقد مثّلت حادثة توشكا رسالةً واضحةً من القيادة الثورية والسياسية في صنعاء أنه لا مكانَ للقوات الأجنبية في اليمن، ولا مستقبلَ لوجود قوات الاحتلال الأجنبية في أية أرض يمنية، وأن استهدافَها حق وطني ومشروع للشعب اليمني، في إطار الدفاع عن سيادته وسلامة أراضيه، مُشيراً إلى ما أكّـد عليه قائد الثورة وقائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- في خطابه الأخير بذكرى استشهاد الإمام زيد الذي جدّد فيه التأكيد على حتمية تحرير كافة الأراضي اليمنية المحتلّة واستكمال معركة التحرّر الوطني، وإخراج كافة القوات الأجنبية المحتلّة ومرتزِقتهم من المناطق الخاضعة لسيطرتهم حَـاليًّا، والمسألة مسألة وقت لا أكثر.

ولعل ما ميّز هذه الضربة هو نوعيةُ السلاح المستخدَم، فهو ليس من الأسلحة الحديثة التي تتباهى به الدولُ الكبرى، وإنما تم بصاروخ باليستي روسي الصنع عفا عليه الزمان وكان العالم أن ينساه.

ويقول الباحثُ السياسي الدكتور محمد الحميري: إن روسيا نفسَها التي صنعت هذا الصاروخ كادت تنسى أهميتَه ودورَه الاستراتيجي في تحقيق نصر لمن يستخدمُه كسلاحٍ في وجه الطرف الآخر المدجج بالأسلحة الأحدث والأكثر فتكاً منه.

ويؤكّـد الحميري لـ “المسيرة” أن هذه الضربة الباليستية أجبرت العدوّ على أن يدرك بيقين تام استحالة انتصاره مهما امتلك من تفوق في العدة والعتاد، مُشيراً إلى انسحاب القوات الغازية فور تلقيها الضربات المدمّـرة بهذا الصاروخ العتيد، وأحلت محلها قوات المرتزِقة من كافة الدول المتحالفة ضد بلادنا، بمن فيهم المرتزِقة من الجانب اليمني، لافتاً إلى أن هذا التفوق القتالي الذي سجلته القوة الصاروخية باستخدام “توشكا” قد شكل نقطة تحول ومحطة رعب للأعداء المشاركين ضد بلادنا، والأعداء غير المشاركين بشكل مباشر في تلك المعارك ممن يقفون خلفهم، وزلزلتهم إلى أقصى درجة، وكان من نتائجها أن تمت إعادة الاعتبار عالميًّا للمجاهدين اليمنيين من رجال الجيش واللجان الشعبيّة وأعيد الاعتبار حتى لهذا النوع من الصواريخ.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com