الآلافُ في صنعاء يحيون ذكرى عاشوراء ويؤكّـدون المضي على نهج الإمام الحسين عليه السلام

 

المسيرة – خاص

امتلأ شارعُ المطار بالعاصمة صنعاء عصر الخميس الماضي 19 أغسطُس 2021 بالآلاف من المحتشدين الذين توافدوا لإحياء ذكرى العاشر من محرم ذكرى استشهاد الإمام الحسين –عليه السلام- في كربلاء، في فاجعة لا تزال تهز الضمير الإنساني إلى يومنا هذا.

وأكّـدت الحشود الجماهيرية على أهميّة إحياء هذه الذكرى لاستلهام الدروس والعِبَر من سيرة ونهج الإمام الحسين –عليه السلام- وثباته في مقارعة الظلم والطغيان ونصرة المستضعفين، كما أكّـدت أن الشعب اليمني ماضٍ في ثورته ضد المستكبرين؛ اقتدَاءً بالإمام الحسين وثورته ضد الطغاة والظالمين، معتبرين إحياء هذه الذكرى تجسيداً للارتباط بسيّد الشهداء والمنهج الذي تحَرّك؛ مِن أجلِه.

وحمل المشاركون في المسيرة الكثير من اللافتات، المؤكّـدة على أن عاشوراء يعني الاستمرار على نهج الإمام الحسين- عليه السلام-، كما ردّد المحتشدون هتافات كثيرة، ومنها شعار البراءة (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام)، وشعار (لبيك يا حسين) وَ(هيهات منا الذلة).

وبدأت المسيرةُ بآيات من الذكر الحكيم تلاها الشيخ الحافظ محمد حسن الكباري، ثم أعقبتها قصيدةٌ للشاعر صقر اللاحجي، قال في بعض أبياتها:

‏شـــكلها با تشتعـل مــــن كُـلّ موقع

والنشاما يـدخلوا مـــن كُـلّ جانب

حرب بالشكل المطـور والمـــوسع

وَاعتقد هذا هو الوقت الـــمناسب

اسمعوها غد من حــول المجمـــع

با نعادل كربلاء بـ أحــداث مــارب

وفي الفعالية، قال مفتي الديار اليمنية، العلامة شمس الدين شرف الدين: إن إحياء عاشوراء هو يوم الوفاء، والولاء، والمحبة، والشعور بالمسؤولية، والانتماء للمنهج العظيم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وقال شرف الدين: “من هذا المنهج، انطلق الإمامُ الحسينُ بن علي -سلام الله عليهما-؛ خوفاً من وعيد الله، وقيامه بالمسؤولية، واختط لنفسه الخط الذي سار عليه الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وأمره به؛ ولذلك استشهد بقول النبي تأصيلاً لخروجه أمام العالمين “إني سمعتُ جدي رسول الله -صلى عليه وآله وسلم- يقول: مَن رأى منكم سُلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لكتاب الله، يعملُ بين العباد بالإثم والعدوان، ثم لا يغيّر عليه بقول ولا فعل، كان حقاً على الله أن يدخله مدخلَه، ألا وإن هؤلاءِ القومَ قد لزموا طاعةَ الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن واستأثروا بالفيد وعطّلوا الحدود وأحلّوا حرامَ الله وحرّموا حلاله، وأنا أحق من غيّر”.

وأشَارَ مفتي الديار اليمنية إلى “أن الإمامَ الحسينَ لو سكت عن الطاغية يزيد وأعوانه، والظلم والمنكر، لكانت سُنةً يُحتذَى بها، ولكانت عُذراً لكل متقاعس عن أداء الواجب، والهاربين من تحمل المسؤولية إلى قيام الساعة، وسيقولون قد سكت من هو خير منا، وهو الحسين، مضيفاً: “بخروج الحسين لزمت الحُجّـةُ كُـلَّ الناس، وقطع عليهم الأعذار الواهية، التي يتعذرون بها أمام ما يرونه من المنكرات، المتمثلة اليوم بالطاغوت الأمريكي والإسرائيلي”.

ولفت العلامة شرف الدين إلى أن من يخطِّئون الإمامَ الحسينَ -عليه السلام- في خروجه وثورته، نسَوا قول الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- “حسينٌ مني وأنا من حسين، أحب اللهُ من أحب حسيناً، حسينٌ سبطٌ من الأسباط”، في إشارة للرسول الكريم، يريدُ بها تعليم الناس وإخبارهم أن مشروع الحسين هو ذاته مشروع رسول الله، وأن من قاتل الحسين وحاربه إنما قاتل وحارب الرسول -عليه الصلاة والسلام- ومن حارب الرسول فقد حارب الله.

وتابع: “إن النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- بقوله حسين مني وأنا من حسين، معناه إعطاءُ الشرعية لخروج الإمام الحسين على الطواغيت، وكذا إعطاء الشرعية لكل الخارجين على الظلم والطاغوت وقطعاً لألسنة المتعذرين والمتهربين من تحمل المسؤولية على مدى الأزمان والحجّـة لازمة لهؤلاء القوم، فكيف سيكون الإمام الحسين بن علي مفسداً أَو ظالماً وقد قال “والله ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمَّـة جدي، ألا وأن الدّعي بن الدّعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة”.

وأكّـد مفتي الديار اليمنية أن أصدقَ تعبير الولاء للإمام الحسين والاعتراف بصحة منهجه وأخيه الحسن وأبويهما الإمام علي والرسول عليه الصلاة والسلام، والمولى تبارك وتعالى، والالتزام بمنهجهم والثبات على الحق والصبر على الألم والمُضي في مواجهة الأعداء والمشروع الصهيوني – الأمريكي.

وقال: “إن أنسبَ تعبير عن ولائنا للإمام الحسين والتزامنا بمنهجه، هو توجيهُ الطاقات والجهود والهمم لإخراج المستعمر والقواعد الحربية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والفرنسية من جزيرة العرب، كما أمر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- بقوله في آخر لحظات حياته: “أخرجوا اليهود من جزيرة العرب”، وهذه مسؤولية شباب الأُمَّــة ووجهائها وأعيانها، وفي المقدمة العلماء الذين حاجَّهم الحسين بن علي بخروجه وقطع الطريق عليهم”.

واختتم كلمته بالقول: “إحياؤنا لذكرى عاشوراء لا يعني بذلك استقراء أحزان الماضي، وإنما استلهام الدروس والعبر ولا نجاة لأي شخص منا إلا بالسير على الطريق والمنهج القويم الذي رسمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله “أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”.

من جانبه، قال العلامة أحمد صلاح الهادي: إن معركة كربلاء هي معركة بين الحق والباطل، والخير والشر، وبين الإسلام الحقيقي والإسلام المزيف، مُشيراً إلى أن الإسلام الحقيقي يمثله الإمام الحسين -عليه السلام- وأتباعه، والإسلام المزيف يمثله يزيد وأتباعه.

وقال الهادي: إن أمريكا وطغاة العصر قد خيروا الشعب اليمني بين السلة والذلة، لكنهم في هذه المسيرة يقولون للأعداء هيهات منا الذلة.

من جانبه، قال وكيل وزارة التربية والتعليم عبدالله النعمي: إن قوى العدوان على اليمن حاولت طيلة السنوات الست الماضية إبعاد اليمنيين عن مصدر عزتهم، وهو النبي الأكرم محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-، وإبعادهم عن آل بيته، لكن اليمنيين يعلنون عبر هذه المسيرة تمسكهم بهذا المنهج ومعادَاة قوى الظلم والطغيان.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com