الهروبُ الأمريكي من السلام.. واشنطن تعرقلُ الحل!

 

المسيرة- خاص

مرةً أُخرى، يكرِّرُ المبعوثُ الأمريكي إلى اليمن، ليندركينغ، تدخلاته المستفزَّة في الشأن اليمني، والتي تشيرُ في مجملها إلى مصداقية ما ذهب إليه قائدُ الثورة في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية للعام 1443هـ بأن استمرارَ العدوان والحصار على بلادنا استراتيجية أمريكية بريطانية، وأن رغبةَ إحلال السلام ليست مطروحةً على الطاولة حتى الآن.

هذا التأكيدُ يمكنُ أن نستخلصَه من خلال التصريحات الأخيرة لليندركينغ، والتي قال فيها: إن “الحوثيين يستخدمون عائداتِ ميناء الحديدة لتمويل أعمالهم العسكرية”، ومع أن هذا المبعوثَ يدرك جيِّدًا عدم مصداقية حديثه، إلا أن هذا الحديثَ يؤكّـدُ نوايا البيت الأبيض على الاستمرار طويلاً في مسار التعقيدات تجاه إحلال السلام، بذرائعَ واهية الهدفُ منها إطالةُ أمد الحصار وفرضُ العقوبات على الشعب اليمني، من خلال منع دخول سفن المشتقات النفطية والأدوية والغذاء إلى ميناء الحديدة.

هذا التصريح، أَيْـضاً، لا يمكن أن يخلوَ من تهديدات مبطنة للتجار اليمنيين الذين قدّمت لهم صنعاءُ تسهيلاتٍ كبيرةً بالاستيراد عبر ميناء الحديدة، بعد القرار الجائر لحكومة الفنادق برفع سعر الدولار الجمركي، وفي هذا التصريح ما يدل على أن أمريكا لا يمكنها السماح بتحويل ميناء الحديدة كنقطة استيراد بدلاً عن ميناء عدن الواقعة تحت احتلال أدواتها.

وينطلق ليندركينغ أَيْـضاً لتناول زاوية أُخرى ذات أهميّة استراتيجية فيما يتعلق بمسار مواجهةِ أبطال الجيش واللجان الشعبيّة مع قوى المرتزِقة والتنظيمات الإجرامية في مأربَ، فيعودُ الرجلُ ليكرّرَ مناشدتَه بوقف الهجوم على مأرب، معتبرًا أن هذا الهجومَ يعطّلُ الجهودَ الدولية والإقليمية لإنهاء الحرب، متذعراً بضرورة عودة السكان والمهجرين من مأرب.

ويفتضحُ المبعوث الأمريكي سريعاً، حين تنشُرُ عددٌ من الوسائل الإعلام أنباءً عن استقدام تحالف العدوان العشرات من عناصر تنظيم القاعدة الإجرامي من السعوديّة إلى مدينة مأرب، وبينهم أجانبُ يرتدون الزي الأفغاني، في تأكيد على أن أمريكا والسعوديّة تحرصان على توطين هذه التنظيمات بالمدينة لمواجهة أبطال الجيش واللجان الشعبيّة وأن الحديث عن المهجَّرين والنازحين من منطلقات إنسانية ليس سوى هُراء.

وفي المجمل، فَـإنَّ هذا الحديثَ ليس سوى ذر للرماد في العيون، كما أكّـد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية، والذي أوضح فيه أن أي حديث للأمريكيين حول السلام في اليمن يخالف رغبتَهم في استمرار المعارك والحِصار فهو خداع وكاذب.

إن الحقيقة التي لا يمكن أن ينكرها أحدٌ بعد خطاب قائد الثورة، هي أن صنعاء قد قدمت المبادرات تلو المبادرات؛ مِن أجلِ السلام الحقيقي، وإيقاف كذلك المعارك في مأرب، ولعل المبادرة التي تلقفها الوفد العماني الذي زار صنعاء قبل شهرين من قبل قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، فيها من الإنصافُ والحل الشامل ما لم يقدمه أي طرف آخر، وهي تعكس حرص القيادة الثورية على إحلال السلام، ورفع المعاناة عن الشعب اليمني، لا سِـيَّـما في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية الناتجة عن حصار العدوان الأمريكي السعوديّ للعام السابع على التوالي.

ويؤكّـد عضو المكتب السياسي لأنصار الله، حزام الأسد، أن قوى العدوان تتجاهلُ هذه المبادرة، رغمَ ما فيها من الإنصاف والحلول العادلة، ما يعني أنها غيرُ جادة في إيقاف العدوان والحصار، ومما يزيد على هذا التأكيد هو حديثُ عضو الوفد الوطني عبد الملك العجري الذي أكّـد في تغريدة له عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن المبادرةَ التي قدمها السيد عبد الملك الحوثي بشأن مأرب لم يتم تلقي أي رد بشأنها من الطرف الآخر لا بالسلب ولا بالإيجاب.

ويوضح العجري أن وفد صنعاء التقى بالمبعوث الأمريكي وبالسعوديّين أكثرَ من لقاء، وكان أملهم التوصل إلى حَـلٍّ، لكنهم تفاجأوا بعراقيلَ واضحةٍ، مُضيفاً بقوله: “كنا بمُجَـرّد أن ندخُلَ في التفاصيل نتفاجَأ أن رؤيتهم للسلام مُجَـرّد فض اشتباك لا يتناول أياً من القضايا الإنسانية بما فيها المرتبات”.

وبالعودة إلى المبادة التي قدمها قائد الثورة للوفد العماني، فَـإنَّها عادلة ومنصفة، كما يقول نائبُ رئيس البرلمان اليمني، عبد السلام هشول، وتحفظ كرامة اليمنيين، وعزتهم، وهي لا تنتقص من حق الآخرين في شيء.

ويؤكّـد هشول في تصريح صحفي أنها مبادرة شاملة وكاملة فيما يخص مأرب وما يخص الجانب الإنساني، وأثبتت للجميع بأن صنعاء لا تطمع في مأرب، ولا تستهين بأهلها، وأنها حريصة على حفظ كرامتهم، وتعطي أهالي مأرب الحق في اختيار من يمثلهم بعيدًا عن السعوديّ والإماراتي والقاعدة وداعش ومرتزِقة العدوان.

ويشير هشول إلى أن صنعاء لا تريد بأن تكون مأرب منبعاً لتغذية جبهات المرتزِقة ووكراً للتنظيمات الإجرامية “القاعدة وداعش”، وإنما يحكمها أبناؤها ويأكلون من خيراتها، وأن أبناء الشعب اليمني لا يريدون أن تكونَ مأرب مطمعاً للبريطاني والأمريكي والسعوديّ والإماراتي.

من جانبه، يقول الإعلامي حسن الوريث: إن المبادرة التي كشف عنها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ورئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام تؤكّـد حرص القيادة الثورية والسياسية على تحقيق السلام، وأننا دعاة سلام، وليس دعاة حرب، وأن الطرف الآخر هو من يتعنت في موضوع السلام، واستمرار الحصار على الشعب اليمني، مُشيراً إلى أن هناك تعنتاً أمريكياً واضحًا لتحقيق السلام، رغم الدعوات الزائفة التي نسمعها في الحين والآخر عن تحقيق السلام لكنهم لم يقدموا شيئاً واقعياً يجسد مصداقيتهم في تحقيق السلام، بعكس قيادتنا الثورية التي قدمت العديدَ من المبادرات المناشدة للسلام، ومنها مبادرة الحل الشامل والكثير من المبادرات، سواء عن طريق سلطنة عُمان، أَو عبر المبعوثين الأمميين إلى بلادنا.

وتبقى كُـلُّ الاحتمالات أن يستمرَّ الأمريكي والبريطاني في العدوان والحصار على اليمن، مع اللجوء إلى أساليبَ تضليلية واحتيالية متعددة، غير أن الصورةَ العامة قد اتضحت بعد أن بيّنها قائدُ الثورة السيد عبدُ الملك الحوثي في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى الهجرة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com