في مأرب.. ورغم حجم الضوضاء!

سند الصيادي

ضجيجٌ هائلٌ في المواقف والتصريحات الإقليمية والدولية القلقة على سقوط آخر معاقل تحالف العدوان شمال اليمن، تارةً بالتباكي حرصاً على وضعٍ إنساني زائف وَمختلق، وَتارةً بإطلاق التحذيرات المبطنة بالتهديدات العسكرية والسياسية على صنعاء وَتحميلها ما يصفونه بعواقب استمرار قواتها في الزحف صوب تحرير مركز المدينة وما بقي من جغرافيا محتلّة في المحافظة.

وَباسم الحل السياسي وَالإنسان المغيبين تماماً، تتقافزُ التصريحاتُ المجافيةُ للواقع المتناقضة مع حقيقة التوجّـه الدولي الذي لم يُعْلِ خيارَ السلام وَعمل على إفشال وَتعطيل كُـلّ فرصه الممكنة وَالشاملة قبل أن يعمد إلى تعقيد وَتجزئة الحلول والاتّفاقيات ويماطل في تنفيذها، كما هو أَسَاساً لم ينتصرْ للإنسان اليمني شمالاً أَو جنوباً وَشرقاً أَو غرباً طوال سنوات العدوان على بلادنا وَالتي صنفت بأنها الأكثر وحشية وَإجراماً وَدماراً، بناءً على حصيلةِ الضحايا من الأطفال والنساء والمدنيين وَحجم التدمير الممنهج للبُنى التحتية من منازل ومنشآت وَمؤسّسات وَقطاعات هامة وحيوية.

وحينما يعلو هذا الضجيج في هذا التوقيت الميداني فأعلم أنها مُجَـرّدُ شعارات فضفاضة لا جدية فيها ولا مصداقية، بقدر ما هي محاولة للتشويش على الخيارات الوطنية وَكبح جماح إرادَة الحسم؛ لإطالة أمد العدوان وأدواته وَإبقائها رقماً في المعادلة كشرط لاستمرار اللعبة الصهيوأمريكية القذرة وَالخبيثة على اليمن.

وبالتوازي مع هذا الضجيج، ثمة ضوضاء يصنعُها الإعلامُ المعادي، تارةً بالحديث عن انتصارات وهمية لأدوات العدوان وَتارة بالتصويرِ لما يحدث لهم على أنهم الضحيةُ؛ وَبكونه مظلومية وَاستقصاداً عدوانياً غير مبرّر، وَما إلى ذلك من أشكال وَألوان الدعاية التي يبدعون ويتفردون في حبكها وَتسويقها؛ بغرضِ التشهير والتشويه وَإبقاء المعنويات لما بقي لهم من عناصر في الميدان.

غير أن ما يجبُ الوقوف عنده بإعجاب وإجلال وَاحترام هو أن الرجال ينسلون من بين كُـلّ هذه الفوارق العسكرية والمادية وَأوهام الحرب النفسية والمعنوية، وَيخوضون الملاحم وَالمعارك بدوافعَ إيمانية حقيقية وخالصة لا تطاولها دوافعُ ولا تشوبها منغصات، يجترحون الانتصارات وَيطوون بساطَ الأرض شيئاً فشيئاً من تحت أقدام الغزاة والمعتدين، بعزمٍ يماني على تطهير كُـلّ شبر من تراب هذا الوطن، وَمن آمن بالقضية وَتسلح بالله لن يحسبَ حساباً للكلفة وَلن يأبهَ بالمواقف العدائية وَالنفاقية التي تحاك ضده إقليميا وَدوليًّا.