في حرب العقول.. شائعاتٌ عن كورونا أخطر من كورونا

 

طه العزعزي

خلال هذه الفترة سيطرت أخبار كورونا على المشهد الإعلامي، حتى أصبحت لها الأولوية في صناعة التقارير والتغطيات والمتابعات الجادة، سيل منهمر من الشائعات بدأت أَيْـضاً تنتشر مصاحبةً لهذا الفيروس الخطير، هدف هذه الشائعات الصفراء هو النيل من حكومة صنعاء وإثارة الرعب وسط عامة الناس باستهداف وعيهم المجتمعي.

هناك قول مأثور وأراه هنا في مكان مهم جِـدًّا، يذهب هذا القول المأثور إلى أن “المعدة أذكى من العقل فهي تستطيع التقيؤ، بينما العقل يبلع كُـلّ القاذورات”، فالإشارة هنا في تحديد مكان ضعف الإنسان الحقيقي مهمة “العقل”، بحيث أن العقل أصعب من أن يتقيَ فكرة مسمومة دخلت إليه، بعض العقول كالإسفنجة تضعها على أي سائل فتقوم بامتصاصه حتى لو كان هذا السائل بول سكران أَو دم حائض، مشكلة هذه العقول أنها تصدق دومًا كُـلّ ما يقال وبلا أي بحث أَو طلب دليل.

تكاد أخبار كورونا في العالم هي الأخبار الأكثر فضولاً لكل البشر، وبدافع ما يكاد فضول أي كائن مرعوب يذهب صوب البحث عن آخر الأخبار التي تتناول موضوع كورونا ومعرفة عدد الأرقام الإحصائية للمصابين والوفيات، وبما أن الرقم يمثل صدمة نفسية وإحباطاً حقيقياً، وبما أن عدم صنع علاج فاعل حتى الآن لهذا الوباء يمثل أَيْـضاً صدمة نفسية أُخرى لكل سكان الكوكب، فإن من السهل هنا أن يدسَّ أصحابُ الشائعات كُـلّ سمومهم في خضم هذه المسألة لإرعاب تلك الأنفس الفضولية التي تنجرف دومًا لتصديق الأخبار وعدها من الحقائق المعلنة، حتى وإن كانت هذه الأخبار منشورة لمشاهير كتابة أَو مروجي دعايات لا شأن لهم بالصحة والطب، أي بمجال التخصص نفسه الذي هو في مكان مسؤولية.

في اليمن، من ناحية عسكرية، أخبار كثيرة تؤكّـد بعد سقوط نهم والجوف خبر سقوط مأرب والانتصارات التي تحدث في العديد من الجبهات، هذه الأخبار بمثابة حرب نفسية تهز ثقة جنود ومرتزِقة العدوان “البسكوييتين” الذين لا حرب لهم تذكر سوى في فيسبوك أَو توتير أَو حتى في واتس آب، لفتة ما من هذه الجيوش الإلكترونية بكل سماجة عملت على إرباك المشهد العسكري بإطلاق شائعات عن كورونا تصرف المواطنين عن تلك الأخبار الواردة عن الانتصارات التي تحدث للجيش واللجان الشعبيّة باتّجاهات عدة، إحدى هذه الشائعات السمجة هي استخدام إبر سموها “إبر الرحمة” لقتل المصابين بفيروس كورونا من قبل الأطباء، مع أن هذه الأخبار لمن يفكر جيِّدًا وبتأنٍ ينفيه خبرُ وفاة بعض من الأطباء بهذا الوباء خلال علاجهم لمصابين في المستشفيات، كُـلّ هذه الشائعات عملت ضجة في وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي وانشغل بها مواطنون دون تلك الأخبار التي تفضح مرتزِقة العدوان في كُـلّ الجوانب العسكرية والسياسية وأولاً وأخيرًا في الجوانب الصحية المتعلقة بكورونا وكوليرا والطاعون و”المكرفس” وغيرها من الأمراض.

وكما قلنا بصدق منذُ بداية هذا الفيروس إن العدوان هو كورونا، سنقول الآن بكل صدق أَيْـضاً إن الشائعات نفسها هي كورونا، كورونا الذي يتسلل إلى الأنف “والحلق” ليس أسوأ منه سوى الشائعات التي تتسلّل إلى الدماغ، كورونا الشائعات مرض خطير جِـدًّا وقديم، لكنه الآن بدا مصاحبًا لكورونا المرض الذي يلف بسرعة فائقة العالم ويفزع البشرية، هذا المرض المصاحب قد لا يستهدف سوى من ينجي من المرض ذاته، وإن لم يستطع المرض بإضعافنا وتخوفينا تستطيع الشائعات فعل ذلك بكلِّ فجاجة، والمشكلة في ذلك هو كوننا نقرأ ونسمع فنصدق بكل جهل، ومختصر الكلام هنا أن العقل لا يحتاج إلى كمامة أَو واقٍ صحي، العقل يحتاج إلى معرفة، معرفة غير تصديقية هذه المرة بل معرفة توكيدية ومعرفة دليل جازم وقاطع.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com