الشهيد الرئيس الصمَّــاد رجل المسؤولية

 

د. خيري علي السعدي*

عندما ننظرُ إلى أعمال وإنجازات وعطاءات الشهيد الرئيس صالح الصمَّــاد -رحمة الله عليه- خلال فترة رئاسته للمجلس السياسي الأعلى لليمن والتي كانت فترة زمنية قصيرة وفي ظروف استثنائية وحساسة، في ظل عدوان عسكري خارجي من قبل أكثر من سبعَ عشرةَ دولة بقيادة السعودية، وحصار اقتصادي وتناقضات ومؤامرات داخلية، نجدُ أن الشهيدَ الرئيس صالح الصمَّــاد يحتلُّ وبلا منازع رجل المسؤولية.

لقد كان الشهيدُ -رحمة الله عليه- يفاجئ الجميع بتحَرّكاته ومسارات عمله اليومية التي تدل على بساطة القائد وحنكته وحرصه على التواجد في المشهد وتفاصيله، ويبحثُ عن أداء متجاوز لحدود المألوف من خلال اهتمامه بالإشراف والمتابعة على تنفيذ الخطط والرؤى التي يرى فيها نهضةً للشعب اليمني عسكريًّا وتربوياً وصحياً واجتماعياً وسياسيًّا وتنموياً واقتصادياً، وجعل الوطن في أهمِّ أجندته وقوائمه من خلال تسخير جل وقته وعمله وحتى طموحاته في رفعة الوطن وسموه وإعلاء شأنه.

كما أن الشهيد الرئيس صالح الصمَّــاد كان حريصاً على تفعيل مؤسّسات الدولة واحترام سيادة النظام والقانون ومحاربة الفساد وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، والحفاظ على الأمن والاستقرار للعاصمة صنعاء وبقية المحافظات، وكذلك كان حريصاً على معالجة قضايا الناس من خلال متابعته المستمرة للأجهزة القضائية والنيابية، وكان -رحمة الله عليه- قريباً من المواطنين يسمع معاناتهم ويحل مشاكلهم ولم يكن بعيدًا عن شعبه، وكان يقول الشهيد الرئيس صالح الصمَّــاد -رحمة الله عليه-: (نحن في أمسِّ الحاجة إلى البناء الذاتي، ويجب أن تكون الدولةُ للشعب لا أن يكون الشعب للدولة).

ومن إيمانه بأن تفعيل المؤسّسات الرسمية هي الحامل لمشروع بناء الدولة، والذي كان المنطلق لشعاره (يد تحمي ويد تبني)، وهو مشروع يؤسس لمرحلة جديدة في البلاد، وهو مشروعٌ يعتبر حلماً شعبياً لم يتحقّق منذ عقود زمنية؛ بسَببِ الوصاية التي كانت تمارسها دول خارجية وخُصُوصاً السعودية عبر عملائها في اليمن ممن كانوا يديرون شؤون الدولة، وهو مشروع دولة مدنية تقوم على النظام والقانون والعدالة والمساواة والحرية والتنمية والبناء المؤسّسي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في كافة المجالات وخُصُوصاً الجانب الزراعي.

وقد كان الشهيد الرئيس صالح الصمَّــاد يدير معركة الدفاع العسكرية عن اليمن بكلِّ حنكة واقتدار، ولم يتأخر يوماً في التواجد، حيث يجب أن يكون قائداً لمعركة الدفاع والصمود ومن المتابعين الدائمين للوحدات العسكرية تدريباً وتجهيزاً، وحضوره الدائم لأغلب المناورات العسكرية من جهة واحتفالات تخرج دفع جديدة من القوات المسلحة والأمن، وكذلك تواجده المستمر في الجبهات مزاوراً ورافعاً لمعنويات أبطال الجيش واللجان الشعبيّة المرابطين في جبهات العزة والكرامة.

وكان الشهيد الرئيس صالح الصمَّــاد -رحمة الله عليه- يتحَرّك ويتنقل ومعه عدد قليل من أفراد الحماية الشخصية، لا يتجاوز عددهم أصابع اليد، مما استدعى أن يقدموا له النصح بأنه ليس من الصحيح أن يبقى بدون حماية بالشكل المطلوب، وكان جواب الشهيد -رحمة الله عليه-: (إني أستحي أن أدخل مؤسّسة أَو اجتماعاً برفقة بعض الحماية، والجبهاتُ في أَمَسِّ الحاجة إلينا)، استطاع الشهيد الرئيس صالح الصمَّــاد أن يكون على مسافة قريبة من الوحدات العسكرية، مكنته من قيادة وإدارة جبهات المواجهة ومعارك الصمود في جميع الجبهات.

وبالرغم من إدراكه للمخاطر كان لا يخشى على حياته، وقد تحدّث في كلمته قبل استشهاده بأيام وهو يحضر حفل تخرج دفع عسكرية: (أرواحنا ليست أغلى من أرواح من استُشهدوا، ودماؤنا ليست أغلى من دمائهم، وحياتنا ليست أغلى من حياتهم).

فجريمة اغتيال الشهيد الرئيس صالح الصمَّــاد من قبل تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني السعودي، تؤكّـد أهميّة الدور الذي كان يلعبه الشهيد في إدارة معركة الدفاع عن اليمن، وتوضح الإفلاس العسكري والأخلاقي الذي وصل إليه القتلة، متوهمين بأن اغتيال الشهيد الرئيس صالح الصمَّــاد -رحمة الله عليه- سيؤدي إلى انهيار الصمود اليماني في وجه العدوان، وما حدث هو عكس ما توهمه العدوان، فقد وضحت بأن ثقة الشعب اليمني كبيرة في مواصلة مسيرة الصمود ومقارعة العدوان وبناء الدولة في ظل قيادة السيد القائد العلم عبدالملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-.

فالمدرسة التي أنجبت الشهيد الرئيس صالح الصمَّــاد، هي نفس المدرسة التي جاءت بالرئيس مهدي المشَّاط خلفاً له، الذي تحمّل قيادة البلاد لمواصلة سفينة الجهاد ومقارعة الأعداء ومواصلة تنفيذ وتطبيق مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة.

وفي الأخير السلام منا عليك رئيسنا الشهيد وعلى روحك الطاهرة في كُـلّ وقت وحين، والسلام عليك يوم وُلدت ويوم استُشهدت ويوم تبعث حياً.

* الأمين العام المساعد لحزب العمل

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com