مع الحل الصحيح والسلام المشرِّف

 

محمد أمين الحميري

خمسة أعوام من العدوان والحصار على اليمن، لمسنا فيها مدى الحقد الدفين الذي يكنه نظام آل سعود على اليمن، فقد تعود هذا النظام ومنذ وقت طويل على التعامل مع اليمن كدولة تابعة له، لا قرار لها ولا سيادة، ومن عاصمته الرياض تُدار شؤون اليمن، هذا هو الواقع، وإن كان هناك من نظام ومؤسّسات دولة فهو عبارة عن صورة شكلية لا غير.

ورغم الإجرام الذي ارتكبه هذا النظام في حق اليمن خلال تلك السنوات وممارساته البشعة في التصدي لأية نواة لمشروع إصلاحي يمني، والعمل على إجهاضه ومصادرة حق اليمن في حريته وبناء دولته والحفاظ على ثرواته وتنميتها بالشكل الذي يعود بالنفع على شعب اليمن، وجرائم لا تحصى، مما كان خافياً للأسف الشديد على عامة الشعب، إلا أن الوجه الأسوأ جِـدًّا لهذا النظام قد ظهر على حقيقته الأكثر وضوحاً في ظلِّ العدوان والحصار الحالي، في تأكيدٍ على أننا أمام أسرة ليس في قاموسها مثقال ذرة من أخلاق حسنة، ولا مراعاة لعادة جميلة أَو عرف سائد أَو قانون نافذ، أسرة تعودت على الظلم والطغيان والفساد والإجرام في الأرض منذ الوهلة الأولى للتأسيس، فكم يا خيانات وطعنات غادرة مُنيت بها الأمة وراؤها هذا النظام!!، وكم يا تنازلات على حساب القضايا العادلة والمصيرية للشعوب!!

وبالنسبة لنا في اليمن فكم أساءت لهذا البلد المعطاء!!، وكم مرة استهدفت أبناءَه ظلماً وبغياً وعدواناً!!، تمر الأيّام واليمنيون يتطلعون للغد المشرق وأنى لهم ذلك وقد صادر هذا النظام عبر سماسرته وعملائه في الداخل حقهم في التفاؤل والأمل والبحث عن الطريق الصحيح للوصول إلى تحقيق ما ينشدونه، وصل الجميع إلى مفترق طرق وليس أمامهم سوى العبور إلى الهاوية؛ بفعلِ هذا النظام وأدواته القذرة في الداخل، بما فيها المتصدرون مشهد التغيير الذين كان هدفهم تغيير شكل النظام، وتثبيت نظام آخر على الطريقة السعودية والهُوية النجدية، حالة مزرية عاشها اليمنيون حتى أنقذهم الله بمن يخلصهم من كابوس الوصاية السعودية، ويرفع عنهم حالة اليأس والإحباط الذي كان قد جثم على رؤوسهم؛ بفعل آلة التثقيف التدجيني، فهم مُجَـرّد شعب متخلف، مُجَـرّد عالة على جيرانه الخليجيين، وبدونهم فسيكون في الحضيض -المغموس في وحله أصلاً- وقد كذبوا في ذلك، وهم السبب الرئيس في وصول الإنسان اليمني إلى هذه النظرة السوداوية عن نفسه، هم حجرة العثرة أمام يقظته ووعيه الصحيح، بدليل ما نراه اليوم من نقلة نوعية على كُـلّ الأصعدة والحمدُ لله؛ بفعل المشروع والقيادة.

فها نحن نرى الشعب يغادر حالة الجهل والتخلف، إلى حالة العلم والمعرفة واليقظة والهمة العالية في سلوك الأفضل والطموح في تحقيق معالي الأمور بشكل فردي وجماعي؛ ولهذا وغيره يزدادُ نظام العربدة السعودي غيظاً وحنقاً على هذا الشعب، إذ ليس في حسبانه لا الأمس ولا اليوم، أن يخرج الأمر من يده، ولم يعد في مقدوره فعل شيء لثنيه عن مواصلة مشواره الذي يعني في خاتمته انتهاء وصاية وتدخل آل سعود في شؤون اليمن.

وليس أمامه وهو يرى صمود اليمن الأسطوري وسقوط الأقنعة ونفاد الأوراق التي في يده وهزيمته المدوية على أرضنا وفشله الذريع حتى في الدفاع عن نفسه، ليس أمامه سوى الذهاب والعودة إلى سجل أخلاقه القذرة لينتقيَ منها ما يرى أن فيه إزعاجنا وإدخَال الوجع إلى قلوبنا، فهو هناك يقصف بطيران عدوانه مرابض لخيول آمنة لا ذنبَ لها ولا جُرمَ سوى أنها يمنية الهوى والهُوية، ويرمي بصناديق من الكمامات والمناديل الموبوءة في الأرجح ؛ بغيةَ تفشي الأمراض الخطيرة مما وقف العالم أمامها عاجزاً في إيجاد الحلول الناجعة والسريعة، ويستميت في إدخَال هذا الوباء بأية طريقة ووسيلة ممكنة، متجاهلاً حصاره وما يعيشه اليمن من أوضاع مأساوية، فلا دواء ولا صحة ولا ولا..، وهو غير مبالٍ بذلك تماماً، ومستعداً كُـلّ الاستعداد لقطع حتى الهواء النقي عن هذا الشعب لو كان في مقدوره ذلك، وسيظلُّ في ممارسة قبحه بمختلف الطرق والأشكال أمام أي منعطف يبرز أمامه انتصار اليمن وشموخه وأصالته ولن يتركنا وحالنا أبداً.

وما يتحدّث عنه اليوم من وقف إطلاق النار، هو من الكذب “المعسبل” الذي لن ينطليَ على أحرار اليمن، ولو كان جاداً وحريصاً على نفسه وعلى جيرانه في اليمن، فليوقفْ عدوانه وحصاره وليتعامل بإيجابية مع المبادرة التي قدمتها صنعاء للأمم المتحدة، وفيها معالم ومرتكزات الحل الصحيح والمدخل السليم للسلام المشرف، هو نظام متغطرس ومجرم يقدم نفسه كطرف رئيس في الحرب على اليمن، وفي ذات الوقت يقدم نفسه كمصلح وحريص وطرف محايد، وهذا لا يستقيم أبداً، فنحن نعتبره طرفاً أَسَاساً في هذه الحرب، وأية مفاوضات لا بُدَّ أن تكون يمنية سعودية ومع حلفائها معاً.

على كُـلٍّ، فاستمرار العدوان والحصار والخروقات المتكرّرة لقوى العدوان هنا أَو هناك، والتصعيد المصاحب الذي نسمع عنه هذه الأيّام في مختلف الجبهات، دليل واضح على أننا أمام عدوٍّ لدود، وليس أمامنا إلا المزيد من اليقظة والوعي بخطورة المرحلة وطبيعة المعركة، وسنكون إن شاء الله على موعد من القرارات الرادعة لهذا الصلف، وما خاب من كان مع الله وكان اللهُ معه، ويمتلك القيادة التي تدرك أين تقف ومتى تتحَرّك وعلى أي أَسَاس. (رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com