عوازل الهدى نحو الضياع

 

سند الصيادي

من آيات الله في عباده حينما يريد لهم الهدى، يخلق في أذهانهم السليمة دوافع البحث عن الحقيقة، فيخضع قناعاتهم لاختبارات التمحيص والتمييز، ثم يوهبهم بكرمه بعد كُـلِّ ذلك وعي القرار وحسن الاختيار، ويعزّز مسارهم السليم بالكثير من المدعمات طوال الطريق.

الله لا يترك عبدَه بمعزلٍ عن فهم مضامين وكينونة الحياة، بل نحن من نفعل بعمدية العزلة وَحجب تردّدات البث الإلهي المستمرة عن مراكز الاستشعار المخلوقة في هيكلنا المكتمل التصوير.

وما أكثر هذه العوازل في أفقنا، إذَا لم نحسن التعرّف عليها وَنفقه أصنافها بثاقبة البصيرة والبصر، وَنتلقف الكرم الإلهي المضاف بتوافر أَعلام هدى في زمننا يخاطبون ذواتنا بصوت مسموع.

والحاصلُ أننا نتعرض كُـلَّ يوم لكَمٍّ هائل من هذه العوازل الهادفة لإعادة رسم وعينا وَقولبته وفق الطريقة التي تتعارض مع مشروعنا الوجودي المرسوم، وَتعطل فينا روح المقاومة لهذه القولبة، فنصبح مجرّد متلقين مدجنين نلوك ما يصل إلينا من قناعات وَما يتيسر لدينا من معارف معلبة، ونعتبرها قمةَ الوعي البشري، وحينما تتوارد على أذهاننا شيء من العلم الإلهي، نقابله بالتمنع وَصعوبة التواؤم والانسجام.

وعلى العكس، نصبح عبيداً مطوعين للفكر المضاد، نتفهمه وَيتمكّن منا بأقل الممانعة، فنستعذب حكاية الهيمنة وَقدرية الظلم والدونية أمام قوى الاستكبار، وَنستنفر وَيرتفع في أجسادنا هرمون الثورة تجاه مساعي المستضعفين للخروج بنا من دائرة السيطرة والغيبوبة.

تخلق وتتضخم في عيوننا الهفوات، وَتتحجم بالمقابل الممارساتُ التي تلغي إنسانيتنا وحقَّنا في الحرية والكرامة والعزة والارتقاء، فيصبح القتال عن مفاهيم زائفة ضخها فينا الطغاة لتكريس حالة التملك لنا، شرفاً وَرجولة، وَيصبح الوقوفُ في وجهها عبودية وجهلاً وَضياعاً!!

يؤلمنا هذا التجريف، ونحن نشاهد ضحاياه يتحَرّكون ويبذلون جهوداً كبيرة في المسارات المنحرفة فيجنون الخسران، ونتألم على أنها لو بُذلت في المسار الصحيح لأحدثت فرقاً، ولصنعت نفوساً عزيزة تجني مكاسب الكمال البشري في الأولى وَالآخرة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com