قرارُ وقف العدوان هو بيد أمريكا وبريطانيا ومصالحُ المرتزقة تتقاطعُ مع أية هدنة أو سلام في اليمن

المتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان طلعت الشرجبي لصحيفة “المسيرة”:

 

 

أكّـد المتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان، الأُستاذ طلعت الشرجي، أن الولاياتِ المتحدةَ الأمريكيةَ هي المستفيدُ الأكبرُ من استمرار العدوان على اليمن؛ لأَنَّها تريد قتل مشروع ثورة 21 سبتمبر المناهض لسياستها.

وقال الشرجبي في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: إن عضو المجلس السياسي الأعلى بصنعاء محمد علي الحوثي كان أول من طالب بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في جرائم العدوان على بلادنا، غير أن أمريكا وفرنسا وبريطانيا أعاقت أكثرَ من مرة مشروعَ تشكيل هذه اللجان في مجلس الأمن الدولي.

إلى نص الحوار:

 

حاوره ـ أحمد داوود

 

  • بدايةً أُستاذ طلعت نرحِّبُ بكم في صحيفة “المسيرة”، ونود أن تحدثونا عن قراءتكم لدعوات وقف إطلاق النار.. برأيكم ما الذي يعيق ذلك؟

مرحباً بكم، طبعاً اليمنُ شهد خلال الفترات السابقة دعواتٍ متكرّرةً لوقفِ إطلاق النار، لكن لم تكن تُستجاب لهذه الدعوات وخَاصَّةً من الجانب السعودي، وأعتقد أن السعودية لم تعد تمتلكُ قرارَ إيقاف العدوان، وهذا كان واضحاً بشكل كبير؛ لذلك كانت تفوِّتُ الفرصةَ تلو الأُخرى.

الآن طبعاً هناك مستجدات جديدة على مستوى العالم، أبرزها انتشار جائحة وباء كورونا، وأعتقدُ أن دعواتِ الأمين العام للأمم المتحدة لوقف الحروب في العالم هي لكي تتكاتفَ الجهود وتتوجّـه لإيقاف انتشار الوباء، وَأَيْـضاً مكافحته؛ لأَنَّ هناك تخوفاتٍ كبيرةً جِـدًّا، أرسلتها وزارة الصحة بصنعاء ووزارة حقوق الإنسان، والعديد من الجهات الحقوقية بأنه في حال دخول وانتشار الوباء إلى اليمن –لا قدر الله- فإن النتائج ستكونُ كارثيةً.

 

– ولكنك لم تجب على سؤالي أُستاذ طلعت لا سيما في ما يتعلق بالطرف الذي يعيق وقف إطلاق النار في بلادنا أَو بالأصح من المستفيد من استمرار العدوان؟

نحن نعتقدُ أن مرتزِقة هادي ليس بأيديهم إيقاف الحرب، ومصالحهم تتقاطع مع أية “هدنة” ومع أي “سلام”، وَأَيْـضاً السعودية والإمارات لا تمتلك قرارَ وقف العدوان على اليمن؛ لأَنَّ وقفَ العدوان هو “قرار أمريكي بريطاني خالص”، ولذلك فأمريكا هي من تمتلك قرار إيقاف العدوان، وهي التي امتلكت قرار الإعلان.

 

– ولكن ما المصلحة الأمريكية وراءَ استمرار العدوان على بلادنا من وجهة نظركم أُستاذُ طلعت؟

طبعاً الولاياتُ المتحدة الأمريكية كان موقفها واضحاً، فإعلانُ العدوان على بلادنا تم من داخل الولايات المتحدة الأمريكية عبر سفير السعودية السابق عادل الجبير، والولايات المتحدة الأمريكية هي المستفيد الأكبر من العدوان على اليمن؛ لأَنَّها أولاً تحاربُ المشروعَ الذي ظهر مؤخّراً في اليمن المتمثل في ثورة 21 سبتمبر وهو “مشروع نهضوي” بشكل كبير مناهض للولايات المتحدة الأمريكية، وللكيان الصهيوني، ووجوده كقوة سيكون له دورٌ في إيجاد قوة إقليمية جديدة في المنطقة تخشاها الولايات المتحدة الأمريكية؛ ولهذا فواشنطن تريدُ قتلَ هذا المشروع، كما أن أمريكا تسعى إلى السيطرة على المسطحات المائية والمضائق؛ لذلك هي صاحبة القرار الرئيس للعدوان على اليمن.

 

– الآن أمريكا تخوضُ معركةً مع فيروس “كورونا” المستجد.. هل تعتقد أنها ستفكِّــرُ بوقف الحروب في المنطقة وخَاصَّة بلدنا للتفرغ لمحنتها الداخلية؟

أعتقدُ أن الانتشارَ المخيفَ والمرعبَ داخل الولايات المتحدة الأمريكية؛ بسَببِ “كورونا” سيجعلها تغُضُّ الطرفَ “مرحلياً”، لكن نتائجَ انتشار الوباء أَيْـضاً وما سيلحقه من أضرارٍ كارثية على الولايات المتحدة الأمريكية والاقتصاد الأمريكي سيدفعُ الولايات المتحدة الأمريكية إلى محاولة البحث عن بدائلَ لتعويض ما خسرته، ولن تكون هذه البدائل متاحة، ما لم تكن هناك حروبٌ أَيْـضاً في المنطقة.

 

– خلالَ السنوات الخمس الماضية.. ارتكب العدوانُ جرائمَ كثيرةً بحق الإنسانية في اليمن.. هل هناك إحصائيةٌ رسميةٌ لوزارة حقوق الإنسان لمجمل هذه الخسائر؟

النتائجُ التي توصلنا إليها من الخسائر والضحايا طبعاً على مستوى المدنيين، وَأَيْـضاً الخسائر في البُنية التحتية والأعيان المدنية هي “كارثية”، بالنسبة لنا، ونحن نعتقدُ أن الأرقامَ التي توصلنا إليها الآن ليست هي الأرقام النهائية؛ لذلك نحن عندما نعلن عن الإحصائيات والأرقام، نؤكّـد أنها أولية.

الجميعُ يعرفُ أنه منذ بداية العدوان، كانت “حربٌ شاملةٌ” استخدمت فيها السعودية كافة الأسلحة، ومنها الأسلحة المحرَّمة دولياً، كالقنابل العنقودية، والفسفورية، وتسبّبت تقريباً في استشهاد وإصابة 42 ألف مدني، منهم تقريباً 3500 طفل و2200 امرأة، والبقيةُ من الرجال، وهؤلاء هم الذين استشهدوا نتيجةَ الغارات المباشرة.

لكن هناك من قُتلوا نتيجة الغارات غير المباشرة؛ نتيجة الحصار، وانعدام الأمن الغذائي والأمن الصحي، وانتشار الأوبئة والأمراض، وحركة النزوح والتشرد، وحصيلة الوفيات للقصف غير المباشر تتجاوز الـ400 ألف شخص الذين فقدوا حياتهم، كما أن هناك أكثر من 13 ألفاً فقدوا حياتهم؛ نتيجة عدم تمكّنهم من السفر إلى الخارج لتلقي العلاج؛ بسَببِ إغلاق مطار صنعاء.

أيضاً لدينا أكثر من 3 آلاف معاق، وهناك أجنَّةٌ مشوهون من الأطفال حديثي الولادة؛ بسَببِ القنابل والغازات المنبعثة منها وخَاصَّة في مناطق محافظات صعدة وحجة والحديدة.

أما بالنسبة للبنية التحتية، فهناك تدميرٌ شامل لها، فالعدوان استهدف طبعاً الموانئ والمطارات والمستشفيات والطرقات والمدارس والجامعات وشبكات المياه وشبكات الاتصالات، والكهرباء وغيرها.

 

– ولكن أمام هذه الجرائم الكبيرة.. لماذا لم يتم تشكيل لجان دولية للتحقيق في هذه الانتهاكات رغم المطالبات المستمرة بذلك؟

طبعاً هناك العديدُ من المطالبات بتشكيل لجان دولية للتحقيق في الجرائم والانتهاكات المرتكبة، وكان أول هذه المطالبات هي لرئيس اللجنة الثورية العليا الأُستاذ محمد علي الحوثي، حين دعا في أحد خطاباته في ميدان السبعين، بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الانتهاكات والجرائم المرتكبة في اليمن؛ باعتبَارِ أن المرتزِقة يدعون أننا نرتكبُ انتهاكات.

 

– ذكرتم أُستاذ طلعت أن عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي كان أول من طالب بتشكيل لجان دولية للتحقيق في جرائم العدوان على بلادنا.. كيف تم التعاملُ مع هذه الدعوة دولياً؟ وهل وجدت قبولاً لديهم؟

 

في الواقع إن هذه الدعواتِ تم التحايلُ عليها بشكل مستمر، وقد كرّرت وزارةُ حقوق الإنسان في تقاريرها وبشكل مستمر المطالبةَ بتشكيل هذه اللجان، وكذلك خلال لقاءاتنا المستمرة مع المندوبين الدوليين، وخَاصَّة أن ما ترتكبُه السعودية والإمارات في اليمن ترتقي إلى أن تكون جرائم حرب، وهذه الجرائم إذَا ارتكبت يجب أن يكونَ هناك تدخُلٌ دولي لإيقاف هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها وعمل كُـلّ الاحترازات والاحتياطات لعدم تكرارها، لكن للأسف الشديد لم نلقَ أيةَ استجابة؛ بسَببِ هيمنةِ أمريكا على قرارات كثيرٍ من الدول؛ ولأَنَّ السعودية تسخِّرُ إمْكَاناتها المادية في هذا الجانب.

 

 

– أفهم من كلامك أُستاذ طلعت أن الإداناتِ الخجولةَ لجرائم العدوان لدول العالم استمرت حتى هذه اللحظة؟

لا، فقد ظهرت حركةُ ضغط دولية من بعض الدول كـ هولندا وكندا، والضغط تزايد تجاه الجرائم المرتكبة وخَاصَّة أنه تم إثباتُ استخدام القنابل العنقودية، وَأَيْـضاً بعد استهداف عطان في 21 إبريل 2015، والآثار التي أحدثتها هذه القنبلة الفراغية بذلك الشكل الكبير جِـدًّا، لكن هذه الدعوات بتشكيل لجان تحقيق قابلها رفض من قبل دول تحالف العدوان، ومورست أَيْـضاً من قبل السعودية والإمارات والمجموعة العربية هناك وأمريكا وفرنسا وبريطانيا ضغوطاً كبيرة على الهولنديين والكنديين لسحب هذا المشروع، وتم بعد ذلك إعطاء الصلاحية لهادي؛ لكي يحقّق في الجرائم المرتكبة، من خلال توسيع مهام لجنة التحقيق التي كان تم تشكيلها أيام النظام السابق “نظام صالح” للتحقيق في أحداث 2011، وأعطوها صلاحية التحقيق في 2014، وهذه اللجنة طبعاً أثبتت فشلها، وعدم حياديتها واستقلاليتها.

 

– ولكن هل توقفت هولندا عن المطالَبة بتشكيل هذه اللجان.. أم أنها رضخت لهذه الانتهاكات؟

ظهرت في العام الثالث طبعاً دعواتٌ مرةً أُخرى، لتشكيل لجنة تحقيق دولية، وكان الطلبُ طبعاً بشكل كبير، وَأَيْـضاً تأييد كثير من منظمات المجتمع المدني الدولية، ومورست من جديد الضغوطُ على هولندا وكندا وغيرهما من الدول، وطبعاً وصل الحالُ إلى أن يقومَ وزيرُ الخارجية الهولندي بنشر أحد الايميلات الذي وصله من قبل وزير الخارجية السعودية وفيها تهديدٌ بالمقاطعة الاقتصادية وكلامٌ كثيرٌ في هذا الجانب إذَا لم تتوقف هولندا عن مطالبتها بتشكيل هذه اللجنة.

 

– وماذا بشأن فريق الخبراء الدوليين.. ما مهامُّه وكيف تنظرون إلى أدائه؟

فريقُ الخبراء هذا أعطوا له مهاماً محدّدة في دراسة الوضع الإنساني، وقد جاء هذا بعد تقرير المفوضية السامية التي قالت بوجود جرائم حرب.

لقد تم تشكيل هذا الفريق؛ بهَدفِ “خداعنا”، وطبعاً لم تنطلِ علينا مثل هذه الخدع، وكان لنا موقفٌ رافضٌ لتشكيل فريق بهذه المهام المحدّدة، وطالبنا بإعطاء الفريق صلاحية أكبر في التحقيق؛ لأَنَّنا كنا مركِّزين في الأَسَاس على كلمة “التحقيق” في الجرائم؛ لأَنَّه عندما تشكّل لجنة تحقيق، تكون لها إحالة المنتهكين ومرتكبي الجرائم إلى محكمة الجنايات لدولية، لكن الفريق لا يمتلكُ هذه الصلاحية، ولن يقدمَ التقرير إلى مجلس الأمن ولكنه سيقدمه إلى مجلس حقوق الإنسان، والتوصيات الصادرة من قبَل الفريق أَيْـضاً غير ملزمة، ولا يستطيعُ الفريقُ التحقيقَ مع أشخاص أَو أفراد أَو قيادات في الدولة كما حصل.

 

– وَلكن لماذا تعاطيتم مع هذا الفريق وهو لا يمتلك هذه الصلاحيات؟

نحن لم نعترض على الفريق ولا على الأشخاص ولا على الأسماء، وإنما اعترضنا على المهام والصلاحيات الممنوحة للفريق.

هذا الفريق كان على قدرٍ كبير من المهنية، ولم يستجبْ لكثير من الضغوط التي مورست عليه وكانت تقاريره لا بأس بها، يعني ملبية لحقوق الضحايا؛ ولذلك ثارت على الفريق الضجة بشكل كبير جِـدًّا، واتهم بأنه “شيعي” وأنه “إيراني” وأنه “حوثي” وغيرها من التهم، ولم يمنح الفريق مرة أُخرى بعد تقريره الأول، وَأَيْـضاً صدور موافقة من قبل التحالف لدخول إلى اليمن؛ لذلك أصدر تقريرَه من الخارج، ببعض الأسئلة وَأَيْـضاً طلبات لبعض المعلومات، وبعض الجرائم والانتهاكات حتى التي كنا نحن متهمين فيها أعطيناهم كافة المعلومات.

 

– كيف تعامل فريقُ الخبراء مع لجنة الفارّ هادي أَو لجنة تقييم الحوادث التابعة لتحالف العدوان؟

طبعاً الفريق انتقد بشكل كبير لجنة “هادي” واعتبرها غير “حيادية” وغير “مستقلة”، وانتقد أَيْـضاً لجنة التحقيق أَو لجنة تقييم الحوادث التابعة لتحالف العدوان، وقال إنها لا تمتلكُ المعلوماتِ ولا الحيادية أَيْـضاً، وقدّم طبعاً الشكر لما سمّاها “سلطات صنعاء”، لكن مشكلة هذه اللجان -كما أسلفت- هي أن توصياتها “غير ملزمة” والفريق لا يمتلك من الصلاحيات والقوة ما يمكنه حتى من دخول اليمن إذَا لم يرغب تحالف العدوان.

 

– تحدثتم أُستاذ طلعت عن الدور الخارجي في تشكيل لجان دولية ولكن ماذا عن دورِكم أنتم في وزارة حقوق الإنسان؟

نحن في الداخل لدينا مِلَفٌّ كبيرٌ جِـدًّا في الجرائم والانتهاكات، وقد تم تقسيم هذا المِلَفِّ “مِلَـفِّ جرائم وانتهاكات العدوان” بحسب الفئات، سواء جرائم انتهاكات بحق الطفولة، وكذلك بحق النساء، وكذا استخدام الأسلحة المُحَـرَّمة، واستهداف الاعيان المدنية، والطواقم الطبية والمستشفيات، ولدينا تواصُلٌ بالكثير من النشطاء في الخارج، الذين يقومون بدور لا بأس فيه، لكن للأسف الشديد أن كُـلَّ الخطوات التي نقومُ بها تواجَهُ من قبل لوبي وتحالف كبير جِـدًّا جِـدًّا في هذا الجانب، وخَاصَّةً أن الأطراف الدولية التي تسعى لعدم وصول المِلَـفِّ اليمني إلى المركَز الثالث والرابع، هي ليست السعودية والإمارات، الخصم الذي يقف أمامنا، هي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، هؤلاء خصومٌ لديهم مافيا كبيرة جِـدًّا ولديهم أَيْـضاً هيمنةٌ وسيطرةٌ على مجلس الأمن الدولي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com