العدوان دمّــر أكثرَ من 1700 منزل في الجوف وهجّر أكثرَ من 1400 أسرة

مدير عام حقوق الإنسان بمحافظة الجوف قائد مارق لصحيفة المسيرة:

 

المسيرة| محمد ناصر حتروش

 

كشف مديرُ عام حقوق الإنسان بمحافظة الجوف، قايد مارق، عن حقائقَ مؤلمة للوضع الإنساني لسكان محافظة الجوف في المناطق التي كان يسيطرُ عليها المرتزِقةُ خلال السنوات الماضية.

وقال مارق في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”: إن المدنيين في محافظة الجوف، تعرّضوا خلال السنوات الخمس الماضية لأسوأ وأبشع أنواع الجرائم، حيث بلغ عددُ الشهداء والجرحى (890)، في حين بلغت عددُ المنازل المدمّــرة جزئياً وكلياً حوالي (1750)، كما دمّــر العدوانُ (12) منشأة صحية، و(23) منشأة تعليمية و(22) منشأة زراعية.

وبيّن مارق أن إجمالي الأسر التي نزحت أَو تركت منازلَها بمختلف مديريات المحافظة بلغ حوالي 1410 أسر، إلى نصِّ الحوار:

بدايةً.. أستاذ محمد لو تُحدّثنا عن المأساة الإنسانية التي خلفها العدوان على محافظة الجوف؟

في البداية، نرحب بصحيفة المسيرة التي أولت اهتماماً في تسليطِ الضوء حول المظلومية والمأساة الإنسانية التي تعرّضت لها المحافظة، والحقيقة أنه لا يخفى على الجميع المأساة الإنسانية التي صنعها العدوانُ ومرتزِقته على مدى خمسة أعوام بمختلف محافظات الجمهورية، ولا سيما في محافظة الجوف، فقد تعرّضت المحافظةُ لجرائمَ بشعة تفوق غيرها من المحافظات؛ وذلك لأنها حدوديةٌ مع السعودية، فشهدت المحافظةُ على مدى خمسة أعوام من العدوان أسوأ وأبشع الجرائم، ولدينا إحصائيات بمئات الجرائم المدنية ضحايا أطفال ونساء ومدنيين جراء طيران العدوان، والبعض جراء انتهاكات المرتزِقة.

ونحن نلجُ العامَ السادس من العدوان.. ما حجمُ الدمار الذي خلفه العدوان على هذه المحافظة؟

لقد عمل طيرانُ العدوان منذُ البداية على استهدافِ العديد من المزارع والمؤسّسات الحكومية من مدارس ومراكز صحية وغيرها، إضافةً إلى ممارسات أدوات العدوان “المرتزِقة” الموجودين على الأرض في المديريات المحتلة ابتداءً بالمتون، ووصولاً إلى الحزم مدينة المحافظة.

لقد عملنا كحقوقيين على رصد وتوثيق ومتابعة تلك الجرائم على مدى الخمسة أعوام الماضية، وَتبيّن لنا أن هناك ما يقارب (520) جريحاً، و(370) من الشهداء من المدنيين، وبإجمالي (890)، كما كانت هناك أضرار كبيرة جِـدًّا في منازل المواطنين بلغت (450) منزلاً، وبعد أن تحرّرت الحزم والغيل والمصلوب والكثير من المديريات لا تزال اللجانُ تعملُ على استكمال حصر الخسائر، لكننا نعطي معلومات أولية.

هناك أكثر من (500) منزل مدمّــر كلياً، و(800) منزل مدمّــر جزئياً في المديريات المحرّرة، أما في الجانب الصحي فقد تم تدميرُ (8) منشآت جزئياً و(4) منشآت دمّــرت كلياً، بالإضافة إلى العديد من المنشآت التي توقفت عن الخدمة.

وفي الجانب التعليمي تضررت (15) منشأة تضرراً جزئياً، و(8) منشآت تدمّــرت كلياً، و(12) منشأة خرجت عن العمل، وفي الجانب الزراعي تضرّرت (22) منشأة بشكل جزئي، بالإضافة إلى (50) منشأة متوفقة عن العمل، ما بين مراكز إرشاد زراعي وتقديم خدمات زراعية.

وفي التهجير القسري نزحت خلال الخمسة أعوام الماضية من مديرية الغيل (600) أسرة، وفي الحزم (200) أسرة، والمصلوب حوالي (180)، ومن الخَلَق (30) أُسرة، وفي المتون حوالي (400) أسرة، ونعمل الآن بعد تحرير المديريات على إعادةِ الأسر النازحة، ولكن بعد توفير احتياجات العودة وتقييم الممتلكات المتضررة، وبلفتة كريمة من المحافظ، فقد وجّهنا للقيام بحصر الأضرار وتوثيقها ودراسة مدى تمكين المساعدة لهم.

– أنتم كعاملين في مجال حقوق الإنسان.. كيف كانت متابعتكم لقضايا المهجرين قسرياً خلال نزوحهم من مديريات محافظة الجوف؟

نحن قمنا ولا نزال نتابع أولاً بأول هؤلاء المهجرين، حيث نزح غالبيتهم إلى أمانة العاصمة، والبعضُ منهم إلى حرف سفيان، وبتوجيهات من القيادات قمنا بالتواصل مع المنظمات الإغاثية ومنظمات المجتمع المدني، وبفضل من الله نجحنا في ذلك.

– ولكن ما هي الآلية التي تلجأون إليها في متابعة كافة النازحين؟
نحن نتابعُ باستمرار منذ بداية التهجير ووصولاً إلى اليوم، ولا يزال العملُ جارياً حتى يتم إرجاعُ كافة المهجرين إلى منازلهم، حيث قمنا بتوفير ما أمكن من المساعدات المخصصة للمحافظة وغيرها من المنظمات الإغاثية؛ وذلك كي تساهمَ تلك المساعداتُ الزهيدة نوعاً ما في إعانة النازحين على صعوبة الحياة.

 

– على مدى خمسة أعوام من العدوان، والبلد يشهد وجود الكثير من المنظمات الإغاثية والعاملة في الجانب الإنساني.. برأيكم ما الذي قدمته تلك المنظمات للمحافظة؟

هذه المنظماتُ الكثيرة لا وجودَ لها بالمحافظة، منظمات قليلة جِـدًّا كانت تتواجد بمركز المحافظة الحزم، وتعمل في مناطق احتلال العدوان وأدواته، ولم تكن تعمل بحيادية وتوزان في عملها الإنساني، كجمعية الإصلاح والهلال الأحمر اليمني ومركز سلمان للإغاثة ونفتقر لتواجد المنظمات المحلية.

 

– وماذا بشأن المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة.. ماذا قدمت لأبناء محافظة الجوف؟

بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية، فكانت تقومُ بتوزيع 24 ألفَ سلة غذائية شهرياً لكافة المحافظة، ولو أن خدمتها رديئة نوعاً ما، وهنا لا ننسى أن بعضَ المنظمات الإغاثية عملت خلال احتلال المرتزِقة لمديريات المحافظة على استبعاد أبناء المنطقة وتبديلها بأسماء من المجندين التابعين للعدوان المستوطنين.

 

– المنظمات والمؤسّسات المحلية الوطنية.. أين تقف من هذه المحافظة؟

لا يوجد لها مشاريعُ بهذه المحافظة، باستثناء هيئة الزكاة التي عملت مخيماً طبياً واحداً بمديرية برط العنان، أما مشاريعُ توزيع المساعدات لم نشهد لها مشروعاً حتى اللحظة، ونأمل أن تتوجّـه تلك المؤسّسات والهيئات إلى هذه المحافظة.

– الانتهاكات الإنسانية التي خلفها العدوان على أبناء محافظة الجوف كثيرة.. ما الذي صنعته المنظمات الحقوقية إزاء هذه الجرائم؟

رغم التغطية الإعلامية لكافة الانتهاكات الإنسانية والأضرار في الخدمات العامة وإقامة المؤتمرات وغيرها من وسائل الإعلام، إلّا أننا لم نشهد للمنظمات الحقوقية الدولية أيّة إدانة، وكنا نلاقي صعوبة في إيجاد بيان إدانة من الأمم المتحدة إزاء مئات الجرائم المرتكبة بالمحافظة، ويمكن القولُ إن إجمالي الإدانات للأمم المتحدة بلغ 5 إدانات فقط منذ بدء العدوان، رغم مطالباتنا المستمرة والمكثّـفة لتلك المنظمات.

 

– النساء والأطفال كانوا على قائمة ضحايا مرتزِقة العدوان.. ضعْنا في صورة هذه الانتهاكات؟

نعم، فالمديرياتُ التي احتلها مرتزِقةُ العدوان بعد المواجهات الشرسة، كمديرية المتون التي خلّفت دماراً شاملاً لمعظم المنازل، فقد تعرّض الأطفال للقنص وكذلك النساء، وقُتل أغلبهن بالقنص وبالألغام التي فجّرت الكثيرَ من المنازل.

أما مدفع جهنم الذي كان يطلق المرتزِقةُ من خلاله العديدَ من القذائف إلى منازل المواطنين بمديرية المتون، فقد وثقنا عشراتِ الحالات من قتل للنساء والأطفال، ناهيك عن تدمير جميع المزارع، كما أن منازلَ المواطنين في مديرية الغيل كافة أصبحت مدمّــرةً تدميراً كلياً وجزئياً، حيث أعلنت مديرية الغيل مديرية منكوبة وهي الأولى على مستوى المحافظة، تليها المتون ثم المصلوب.

ومن خلالكم وعبر هذه الصحيفة، نناشد حكومةَ الإنقاذ والهيئة العامة للزكاة والمجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية والجهات المعنية بإعطاء الأولوية لهذه المناطق المنكوبة وإعادة تأهيلها؛ كي يتسنّى لأبنائها الرجوع إلى منازلهم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com