في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: الشيخ أحمد المنيعي: لا بُدَّ من “مأرب”

أكّـد الشيخُ أحمد بن صالح المنيعي -عضوُ مجلس الشورى، وعضوُ المكتب السياسي لأنصار الله-، أن المشهدَ القبَلي في محافظة مأرب يرسِلُ رسائلَ إيجابيةً، ولو بشكل محدود، للتعاون مع الجيش واللجان الشعبيّة في تحرير ما تبقى من المحافظة وتجنيب مناطقها الحرب، بعد أن أثبتت الخمسُ السنوات الماضية أن كُـلَّ رهانٍ على العدوان وأتباعه خاسرٌ لا محالة.

لكن على الجهة الأُخرى، يؤكّـدُ الشيخُ المنيعي لصحيفة المسيرة، أن المشهدَ السياسي في مأرب، لا يبشر بأية بوادرِ استجابةٍ من قبل “حزب الإصلاح” لدعوات صنعاء المتكرّرة إلى “المصالحة”، بل إن الحزبَ يمضي بحماقةٍ نحو “انقراضِه” الذي سيترتبُ على خسارته العسكرية المحتومة في مأرب، والتي ستجعلُه منبوذاً بالكامل من شمال اليمن وجنوبها.

هذه الفجوةُ الكبيرة بين “الإصلاح” وقبائل مأرب، أسفرت عن اتّفاقات ولقاءات قبلية يكشفُ الشيخ المنيعي عن تفاصيلها للمرة الأولى، وتأتي في اتّجاه تجنيب المحافظة الحرب والدخول مع صنعاء في المصالحة، الأمر الذي يجعلُ الإصلاح وأتباعه محشورين بين فقدان السند القبلي والعجز الكامل عن المواجهة العسكرية التي لن يستطيع تحالف العدوان سوى أن يتعامل مع نتيجتها كأمر واقع، كما تعامل مع ما حدث في نهم والجوف.

وبرغم هذه المعادلة الواضحة، يؤكّـد المنيعي أن صنعاء لا زالت حريصةً على خيار المصالحة، متمنياً أن يختار “الإصلاح” السلامةَ بالعودة إلى حُضن الوطن، وأن تسارع بقية القبائل إلى تسجيل موقف وطني إلى جانب أبناء الجيش واللجان قبل فوات الأوان، إذ لا رجعة عن قرار تحرير مأرب، وبقية أرض اليمن.

فيما يلي تنشُرُ الصحيفة النصَّ الكاملَ لحوارها مع الشيخ “المنيعي” وفيه المزيدُ من التفاصيل الهامة:

 

المسيرة | حاوره – ضرار الطيب

 

– بداية: على المستوى القبلي، وجّهتم خلال الأيّام الماضية رسائلَ كثيرةً لوجهاء مأرب لتجنيبها الحرب، هل هناك تواصلات قبلية مباشرة وأخذ ورد معهم في هذه المرحلة، وما هي الملفات التي تتناولها هذه التواصلات؟ وهل تتلقون رسائل قبلية إيجابية؟

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم عليك نتوكل وبك نستعين ونصلي ونسلم على رسولك الصادق الأمين وآله أَعلام الهدى وصحابته النجباء وسائر عبادك الصالحين وبعد.

في البداية نحيي صحيفة المسيرة ورئيس وهيئة تحريرها المجاهدين الأحرار على الدور المشرِّف إعلامياً وتوعوياً من خلال مواكبة الأحداث ونقل الحقائق بمهنية وتجرد.

وبالنسبة لرسائلنا الموجهة لإخواننا مشايخ وأعيان وعقلاء محافظة مأرب الذين لم يلتحقوا بصف إخوانهم الوطنيين من الشخصيات السياسية والعسكرية والأكاديمية والأمنية من أبناء مأرب والشعب اليمني الصامد من وفي كُـلّ المحافظات فهي رسائل كثيرة ومستمرة، ونحن نعتبر توجيهَ هذه الرسائل واجباً أخوياً وأخلاقياً ومن باب إقامة الحُجَّة، ومن خلالها دعوناهم لتحكيم العقل والترحيب بدخول الجيش واللجان الشعبيّة لتحرير مأرب من دنس الغزاة ومرتزِقتهم المُصِرِّين على البقاء في صف العدوان ولطرد عناصر الإرهاب وتأمين الطرق والمنشآت وترسيخ الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة العامة التي أبناء مأرب في أَمَسِّ الحاجة لها؛ كَونهم قد ذاقوا الأمرَّين من الانفلات الأمني والفوضى والحروب والثأرات التي عانوا منها أشدَّ المعاناة؛ نتيجةَ غياب دولة النظام والقانون لأكثرَ من ثلاثة عقود في حكم النظام السابق وطوال مرحلة العدوان البغيض.

وعلى هذا الأَسَاس نتمنى أن يكونَ أبناء مأرب قد استوعبوا بما فيه الكفاية وأن يستجيبوا لدعواتنا ويتعاطوا مع رسائلنا إيجابياً بالشكل الصحيح.

كما نؤكّـد أننا تلقينا رسائلَ إيجابيةً من قبل المتواصلين معنا لكننا نأمُلُ أن تكونَ هناك استجابةٌ عامةٌ من الجميع.

 

– دار الحديث مؤخّراً عن اتّفاقات قبلية ناجحة أسفرت عن تأمين عدة مناطقَ في مأرب، هل هذا صحيحٌ ومَا هِـيَ تفاصيلها؟

نعم، تابعنا وسمعنا عن عقد اتّفاق بين الجيش واللجان الشعبيّة وقبائل مديرية رغوان، ونحيي قبائل رغوان على هذا الاتّفاق الذي بواسطته حقنوا الدماء وضمنوا لأنفسهم ومديريتهم الأمنَ والأمان، ويجب على بقية أبناء مديريات مأرب التي لا زالت تحت سيطرة العدوان أن يحذوا حذوَ قبائل مديرية رغوان، وهذا واللهِ ما فيه مصلحتُهم وهو عين الصواب.

 

– مَا هِـيَ رسائلكم للقبائل التي ما زالت مصرة على الوقوف في صف العدوان، أَو تلك التي تنتظر الأحداث؟

ننصحهم أن يعتبروا بما حدث في نهم والجوف، ويبتعدوا عن المكابرة والرهان على الغزاة ومرتزِقتهم فقد ثبت فشلهم وعجزهم وضعفهم وتجرعوا الهزائم الكافية والرهان عليهم رهان خاسر.

ومن ينتظر ما ستسفر عنه الأحداث ننصحُه أن يبادرَ وبسرعة لتسجيل موقف يُحسَبُ له قبل أن تفوتَ عليه الفرصة، فالأمر محسومٌ لا محالةَ، ومن المستحيل تراجُعُ الجيش واللجان الشعبيّة عن تحرير مأرب وكل شبر من تراب الوطن كُـلّ الوطن الحبيب.

 

– سياسياً، هل هناك أيةُ بوادر من حزب الإصلاح لتجنيبِ مأرب الحربَ أم أنه مُصِرٌّ على القتال؟ وَإذَا كان مُصِرًّا فما الذي يراهن عليه؟ هل ستسانده بعض القبائل أم أنه يراهن على التحالف؟

حزب الإصلاح عدوُّ نفسه ووطنه، والمشهد السياسي لا يبشر بأية بوادرَ إيجابيةٍ من قبل قادة حزب الإصلاح؛ لأَنَّهم عُـمْــيُّ الأبصار ومسلوبو القرار، ورهانُهم على تحالف العدوان لا زال قائماً رغم تجربتهم المريرة في الجنوب، ودول التحالف تبغضهم وتتمنى زوالهم وهم في القائمة السوداء لدى تلك الدول لكنهم أغبياء لا يفقهون، وكل ذي عقل مستغرب وحيران من خضوعهم وإذلالهم ومراهنتهم على الوهم، وهناك الكثير من شباب الإصلاح أصبحوا لا يثقون بقياداتهم؛ بسبَبِ تخبطهم وقراراتهم المجحفة التي لم يحقّقوا من خلالها غير الفشل وخيبة الأمل.

وبالنسبة لرهانهم على وقوفِ أبناء مأرب إلى جانبهم فقد أصبح أمراً مستبعداً؛ كَون الكثير منهم تعرضوا للظلم والأذى والإقصاء خلال فترة تسلط حزب الإصلاح على مأرب، وهناك شواهد كثيرة على ذلك.

وقد بلغنا من مصدر موثوق أن بعض مشايخ عبيدة عقدت لقاءً عصرَ أول أمس وعلى رأسهم بن معيلي وبن عقار وعدد من أعيان قبيلة عبيدة، وتحدث بن معيلي للحاضرين قائلاً: نحن بيننا وبين السيد اتّفاق من قبلُ ومن هو معنا حيّاه الله، وبالنسبة للديار والأملاك الخَاصَّة فهي في وجهي ما يجيها شر ومطالب صنعاء أربع نقاط أعلنوّها في الإعلام وقد أكثركم داري بها. فقالوا له: واحنا لك وجيهنا في ما أدخلت وجهك فيه لصنعاء وسائرين مثل ما سارت به غيرنا من القبائل.. وطلبوا من بن عقار ومن معه يروحوا إلى عند سلطان العرادة يشوفو وايش جوابه في ما يخص الأربع النقاط التي تقدمت بها لجنة المصالحة بصنعاء ولا زالوا منتظرين الرد.

وهذا ما يؤكّـد أن القبائل في مأرب ليست مع حزب الإصلاح، ونؤكّـد أَيْـضاً بأن قاطرات الأسلحة التي ترسلها السعودية لحزب الإصلاح ستكون غنائمَ للجيش واللجان الشعبيّة ومن ساندهم من قبائل مأرب الأبية.

وقد تأكّـدنا من أن اجتماعات قبائل مأرب مستمرة ولكنهم لا يستطيعون إعلانَ موقف عن تأييدهم وترحيبهم بالجيش واللجان الشعبيّة عبرَ وسائل الإعلام خوفاً من طائرات دول العدوان ودواعشهم على الأرض، وهناك من يؤكّـد أنهم جاهزون ورهن الإشارة لأية توجيهات تأتيهم من صنعاء، وهذا الكلام أنا مسئولٌ عن صحته وليس الأمر للتخويف وإرهاب العدوّ، بل هي الحقيقة وسيعرفُها الجميعُ في حالة أصر حزب الإصلاح على مواجهة الجيش واللجان الشعبيّة الذين يتلقون الرسائلَ تلو الرسائل من داخل مأرب بعلمنا بسرعة التحَرّك نحو مدينة مأرب لتحريرها وهم معنيون بالاستجابة في حال رُفضت دعواتُ المصالحة ودخول مأرب سلماً ولديهم الكفاءةُ الكاملة والقدرة على التحَرُّك والحسم اللهم هل بلغنا اللهم فاشهد، وعلى الظالمين والمحتلّين تدور الدوائر.

 

– بقتال أَو بدون قتال.. سيخسرُ العدوانُ مدينةَ مأرب قريباً وسيكون تحولاً شاملاً غيرَ مسبوق، هذا ما تستنتجُه جميعُ التحليلات العسكرية والسياسية الآن، كيف برأيكم ستكونُ انعكاساتُ تحرير مأرب على الوضع، وكيف سيتعامل تحالف العدوان مع ذلك؟

تحريرُ مأرب قرارٌ سيادي لا بُدَّ من تنفيذه، وسيكون ذلك تحولاً إيجابياً لصالح اليمن واليمنيين جميعاً؛ لأَنَّ عودةَ الموارد الاقتصادية في مأرب إلى حضن الوطن والسلطة الشرعية بصنعاء ستنعكسُ بشكل مباشر لخدمة المواطنين في عموم المحافظات.

ومن استطاع الحفاظ على الوضع الاقتصادي في ظل العدوان والحصار وانعدام الموارد بشكل كلي طوالَ خمس سنوات فهو الأجدرُ بعد تحرير مأرب بتوظيفِ تلك الموارد لتوفير الخدمات الأَسَاسية والمرتبات والبناء والتنمية وفقَ ما تسمحُ به المواردُ المذكورة.

وبالنسبة لتحالف العدوان سيتعامل مع تحرير مأرب كأمر واقع كما تعامل مع تحرير نهم والجوف والبيضاء وبقية المحافظات والمناطق المحرّرة، وليس في وُسْعِه غيرُ ذلك.

وقد سمعنا أثناء حضورنا المفاوضاتِ في العاصمة الأردنية عمّان من مصادرَ عن سعوديين استياءَهم من تحالُفِهم مع حزب الإصلاح وندَمَهم الكبيرَ على ذلك.

 

– إذَا لم يستجب الإصلاح لدعوات المصالحة وأصر على القتال وخسر.. ماذا سيتبقى من هذا الحزب بعد مأرب، البعض يقولون: إن الأمرَ سيكونُ بمثابة انقراض له، كيف تنظرون إلى ذلك؟

أتمنى بأنه لا زالت لدى قياداتِ الإصلاح ذرةٌ من عقل تستخدمُها هذه المرة لمصلحتها المتمثلة في الاستجابة الفورية لدعوات المصالحة وبدون تردُّدٍ أَو شروط؛ لتضمن بذلك البقاءَ والديمومة، ولن تجدَ قيادةُ حزب الإصلاح من قيادتنا الثورية والسياسية وحكومة الإنقاذ بصنعاءَ إلا القبولَ بها والتعايُشَ معها.

وفي حال عدمِ الاستجابة فقد حكم حزبُ الإصلاح على نفسه فعلاً بالانقراض؛ كَونه أصبح منبوذاً في الشمال وملفوظاً ومرفوضاً في الجنوب بشهادة الواقع، وما أقوله هنا ليس من بابِ المزايدة والمكايدة السياسية ولا يعني ذلك تهويلاً ولا تهديداً، بل هذا ما يقوله الناس ويشهد به الواقع والآن باتت الكُرةُ في ملعبِ حزب الإصلاح وله الخيار.

وأتمنى.. أتمنى -حرصاً وإشفاقاً عليه- أن يختارَ لنفسه ولمأرب الخيرَ والسلامَ والعودةَ إلى الصف الوطني، والوطنُ للجميع.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com