الإمارات وإعلانات حماية الرأس والمؤخرة

عبدُالحميد الغرباني

احتفلت الإمارات قبيل أيام بـ «عودة قواتها المشاركة في حرب اليمن»، وفي الحفلة الإماراتية قدّم نائبُ رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية، معطيات جديدة ومغالطات قديمة يمكن أن نتوقف عندها، والبداية ما يتعلق بما وصفه بالتحول من استراتيجية “الاقتراب المباشر” إلى “استراتيجية الاقتراب غير المباشر”..

هذا يعني أن المشغل الثاني أوكل أجنداته لمليشيات الارتزاق والخيانة، وهي كثيرة تنضوي تحت مسميات استعمارية عدة، وتضم غالبا عناصر تكفيرية وداعشية وهي:

– «الحزام الأمني».

– «النخبة الحضرمية».

– «النخبة الشبوانية».

– «ألوية العمالقة».

– «حراس الجمهورية».

«الألوية التهامية».

– « أبو العباس».

هذا الأمر مغالطة، إذ الحاصل أن المرتزِق الإماراتي لم ينخرط في مهام القتال والمواجهة الميدانية المباشرة مع الجيش واللجان، وإنما هو ممول للعدوان جوًّا وبرًّا وبحراً، ثم أوكل له المشغل الرئيسي تحريك الأدوات على الأرض وتفريخ أُخرى منذ سقوط عدن ولحج..

وفي أعقاب تمركز عناصر بن زايد في مناطق حيوية عدة وتحويلها إلى مستعمرات، وأهمُّها البريقة وقاعدة العلم بشبوة وَمنشآت الغاز ببلحاف وَالضبة بساحل حضرموت ومطار الريان، وصولا إلى المخا وَالخوخة وبالطبع بالإضافة إلى وجود ملازم وأبدي لفرق غزو أميركية وبريطانية، تمسك بمفاصل الاعتداءات العسكرية وغير العسكرية ضد اليمن..

فيما تتولى عناصرُ بن زايد دفعَ الرواتب والموازنات وتقديم الحاجات اللوجستية والعسكرية والتسليح، إضافةً إلى الإشراف على مليشيات الاحتلال الأمنية المتخصصة في جمع المعطيات عن كُـلّ الشخصيات اليمنية العامة والمؤثرة في كُـلّ المدن المحتلّة، وإدارَة العلاقات معها ومع الزعامات المحلية، وتنفيذ عمليات التجنيد وشراء الولاءات، وقد أنشأت ما يمكن وصفه في هذا السياق بالتشكيلات الناعمة لتوسيع دائرة الاستقطاب والتجنيد الأمني والعسكري، وصولا إلى ما بتنا نسمع عنه ونراه من مليشيات وكيانات عدة، تعلم الإمارات وغيرها أن لا مستقبل أمامها ولا يمكن أن تكون رقماً ولو بعد حين..

بريطانيا وهي أحد أهم المتورطين الرئيسيين في العدوان على اليمن، ما تزال تتذكّر كيف أن ما خلقته على مدى مِئة وتسعة وعشرين عاما من محميات وكيانات مصطنعة وهُويات هُلامية سقط في شهر، فهل يمكن أن تركن الدويلة الهشة إلى من صنعتهم هي وغيرها في خمس سنوات لا أكثر؟!.

بالتالي هذا يقودنا إلى أن إطلاق بالونات إعادة التموضع والانسحاب والإنهاء من قبل بن زايد، يأتي ضمن الابتزاز الحاصل للسعودية من جهة، ومن جهة أُخرى يأتي ذلك في سياق التشاطر على الاعتراض الداخلي على سوء الوضع الاقتصادي في الإمارات الناجم عن التورط في العدوان على اليمن، وهو اعتراض مدفوع التنامي بإمْكَانية دائمة لتعرّض دولة الإمارات لضربات صاروخية اليمن ومسيّراته التي بالطبع أن حصلت ستكون مهلكة، ويكفي التذكير بضربة بقيق، هكذا نجد أن بن زايد بإعلانه ما سماه عودة القوات المشاركة في اليمن، لم يعد النظر في حساباته وإنما هو يواصل اللعب على الحبال والتذاكي وإعطاء المسكنات للداخل القلق من سياسته، وهو اعتراض بالطبع لا صلةَ له بالجوار والعروبة وَما يجمع اليمن وشعب الإمارات من مشتركات عدة، ولا هو قلق خسران الآخرة، بل هو قلق خسران الدنيا ومحاولة لتأمين مؤخرتها أَو سيطرتها في بعض المناطق المحتلّة وفي ظل صراع النفوذ بين الأدوات..

أمر آخرُ هو أن للإمارات وإن كانت بيدقا على رقعة الصراع، مطامعَ اقتصادية بالوكالة (السيطرة على جميع الموانئ البحرية لليمن المطلة على بحر العرب والبحر الأحمر)، وَفي تفصيل لماذا لدى الإمارات مطامع متعلقة بالاقتصاد في اليمن، فذاك أمر مرتبط بما تعده حماية دخلها القومي القائم في جانب مهم منه بمركزها التجاري وَالاستثماري، وهي تموّل العدوان على اليمن لإنهاكه وتدميره بصورة كلية على مختلف الصعد، لمنع أي اتّجاه يمني نحو استثمار سواحله وموقعه البحري.. ذلك أن في اليمن ستة وعشرين ميناءً وليس ميناء واحدا، وهي بموقعها الاستراتيجي مؤهلة للعب أكبر دور تجاري بمستوى عابر للقارات، وهذا الأمر أَيْـضاً يحاصره الأمريكي والبريطاني وَالصهيوني الذين يستخدمون الإماراتي واجهةً لمطامعهم الجيوسياسية (احتلال جزر اليمن في المحيط الهندي وخليج عدن وَالبحرين العربي الأحمر)، وهؤلاء جميعُهم يستبعد الخروج من المواجهة دون حصاد -على الأقل في هذه المرحلة-.

وبالتالي فهذا يؤكّـد ما نذهب إليه من عدم وجود أية مؤشرات حقيقية وهامة، تصفي الدور الإماراتي في العدوان على اليمن..

في حال زدنا من الشعر بيتا، يمكن أن نَعُدَّ الحديث الإماراتي المتكرّر عن الانسحاب احتيالا مكشوفا على الخطوات العملانية المطلوبة منها لتأمين رأسها بدبي، وغيرها من ضربات المارد اليمني الذي يعلق نجاة الإمارات منه بتصفية مختلف أشكال التورط في العدوان على اليمن ومحاصرة شعبه العظيم، وهذا الأمر وحده ما يمكن أن يعكس حسن نوايا إماراتية..

 

أرقام تكشف حجم العدوان:

عن الأرقام المعلنة.. نقف عند حديث الإمارات عن مشاركتها بأكثر من 500 ألف ساعة طيران على أرض العمليات، فما ذا يعني هذا الرقم الكبير؟!، بشيء من التأمل والحساب دعونا نفككه أولا، فبقسمة هذا الرقم على أربعة وعشرين ساعة (يوما وليلة)، وقسمة الناتج على عدد أيام السنة، سنجد أن الإمارات قد مولت كليا حركة الطيران في مدة زمنية تعادل 57 عاما، ونفّــذت خلالها 130 ألف طلعة جوية، و1000 رحلة بحرية نقلت ملايين الأطنان من الأسلحة والذخائر والمعدات وغيرها..

هذا يكشف عن حجمِ العدوان على اليمن، وَأَيْـضاً اعتراف ضمني بمجازر يصعب حصرُ ما دمرت وعدُّ كم قتلت وجرحت، وشردت من الضحايا المدنيين في اليمن بكله، كما أن هذه الإحصائيات هي خيرُ إجابة عن سؤال لماذا تعيش أزمة اقتصادية خسائرها لا تعد ولا تحصى، ونتائجها صفرية في اليمن وكل ما تراكمه سيسقط، وعلى قوى العدوان المختلفة إدراكُ حقيقة ثابتة في اليمن تكرّرت مع كُـلِّ المعتدين عليها، وَهي أن اليمنَ مقبرةُ الغزاة، وأن لا فرصة متوفرة أَو متاحة أمام الغزاة الجدد وَالقدامى لتحقيق إنجاز، في اليمن هذا غير وارد، لا يمكن أن يحصل شيءٌ عكس مسار التاريخ وسنن الوجود.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com