الرئيس يعلن بدء “معركة مفتوحة” لمواجهة الفساد المالي والإداري

مصادر لصحيفة المسيرة: لجنة استقبال شكاوى المواطنين في رئاسة الجمهورية تبدأ عملها صباح اليوم

وجّه بتفعيل خدمات الجمهور وتحديد رسوم ومدة المعاملات وتخصيص أرقام مجانية للإبلاغ عن الفساد والرشوة والابتزاز

المسيرة | خاص

في خطوة هامة قد تؤسّسُ لإنجاز نقلة نوعية وتأريخية في مسار العمل الرسمي، وانطلاقاً من مشروع “يدٌ تحمي ويدٌ تبني”؛ للنهوض بالدولة اليمنية والحرص على ضمان تقديم خدماتها للشعب بأفضل صورة تعزّز سيادة القانون ورقابة الشعب، دشّن رئيسُ المجلس السياسيّ الأعلى، مهدي المشَّـاط “المرحلةَ الأولى لمكافحة مظاهر الفساد والابتزاز والرشوة والاستغلال لاحتياجات المواطنين، معلناً عن توجيه جميع الجهات الرسمية بتفعيل “خدمات الجمهور”، ووضع لوائحَ تحدّد رسومَ الخدمات والمعاملات ومدة إنجازها، كما أعلن عن تخصيص إدارة رئاسية بأرقام مجانية لاستقبال شكاوى المواطنين حول أية مخالفات أَو فساد، مؤكّـداً أنه لن يكون هناك تهاون مع أي مسؤول مخالف، ومُشيراً إلى أن الفاسدين هم “امتداد” للعدوان، لتكون رسالة واضحة لهم بأن توجّـه مكافحة الفساد ليس مُجَــرّد دعاية إعلامية بل “معركة” لا تقلُّ أهميّة عن معركة مواجهة جيوش العدوّ ومرتزِقته في ميادين القتال.

وقال الرئيس في خطاب التدشين الذي ألقاه الأربعاء الماضي: إن سلطات العقود الماضية رسخت “ممارسة الفساد والكسب غير المشروع كثقافة مقبولة وسلوك طبيعي” مؤكّـداً أن “المهمة الأولى للدولة هي خدمة المواطن، وأنه بدون خطط وبرامج نابعة من معاناة الناس فإن الدولة تكون مجانبة للصواب”، وأضاف: “أجد نفسي منحازاً للسواد الأعظم من أبناء الشعب اليمني ولا أستطيع التغاضي عن هموم الناس من أصغرها إلى أكبرها”.

 

سدُّ ثغرات الفساد والابتزاز في المؤسّسات

وِفْـقاً لذلك، وانطلاقاً من مشروع “يد تحمي ويد تبني” للدولة اليمنية الحديثة، أعلن الرئيس عن جملة من القرارات والتوجيهات التي جاءت لتدشين هذه المرحلة، ويمكن توزيعها على ثلاثة محاور: الأول خاص بإزالة مظاهر الفساد داخل المؤسّسات وجهات العمل، وفي هذا المحور وجّه المشَّـاط “كافة الجهات بتفعيل خدمات الجمهور وتركيب لافتة عند كُـلّ مداخل المؤسّسات الحكومية الخدمية توضح كافة الخدمات والرسوم ومدة إنجازها”، وهو الأمر الذي من شأنه أن يردمَ الثغراتِ والفراغات التي يحاول المخالفون الإبقاء عليها للتغطية على مخالفاتهم، وابتزاز المواطنين.

 

تكاتُفُ الشعب والدولة

المحورُ الثاني من قرارات الرئيس جاء موجَّهاً للمواطنين أنفسهم؛ لتعزيز الرقابة الشعبيّة، وهو ما تمثِّلُ في التوجيه الرئاسي “بتخصيص أرقام للشكاوى تستقبل تظلمات كُـلّ مواطن يتعرض للابتزاز، وتخصيص إدارة معنية بالشكاوى بمكتب الرئاسة مع أرقام مجانية وطاقم مختص في حال لم تتفاعل الجهات المعنية مع شكوى المواطن”، وهو الأمر الذي يتكاملُ مع توجيهات المحور الأول، في قطع الطريق أمام الفاسدين والمخالفين، حيث تمثل الرقابة الشعبيّة رادعاً إضافياً يدفعُ للالتزام باللوائح والجداول الزمنية والرسوم القانونية.

وفي هذا السياق، أوضح الرئيسُ أَيْـضاً أن “الإدارة المختصة بمكتب رئاسة الجمهورية ستستقبل الشكاوى وتتابعها حتى حلها، ومتابعتها مباشرة من قبلنا” وهو ما يكشف جدية المجلس السياسيّ الأعلى في المضي بهذا المسار، الأمر الذي من شأنه أن يشجع المواطنين أَيْـضاً على التفاعل، وقد دعاهم الرئيس المشَّـاط خلال كلمته “إلى الإسهام في مكافحة الظواهر السلبية بالإبلاغ عن أي تجاوز عبر الأرقام المخصصة ورفض محاولة الابتزاز من أي موظف حكومي”، معلناً عن “منح المتعاونين في كشف الفاسدين امتيازاتٍ وتكريماً مادياً ومعنوياً”.

وأوضح الرئيس أن المفتاحَ الرئيسي لنجاح هذه الخطة هو “التكامُلُ الشعبي الرسمي في مهمة مكافحة الفساد” مؤكّـداً أن “المواطن هو الجندي الأول في ذلك”.

 

حولُ آلية عمل إدارة استقبال الشكاوى:

في هذا السياق أَيْـضاً، أفادت مصادر مطلعة لصحيفة المسيرة بأن الإدارة الرئاسية الخَاصَّة باستقبال شكاوى المواطنين تبدأ عملها صباح اليوم السبت، وِفْـقاً لتوجيهات الرئيس المشَّـاط.

وخصّصت الرئاسة الرقم المجاني (8009080) لاستقبال الشكاوى والبلاغات حول الفساد والابتزاز والاختلالات في المؤسّسات.

وحول آلية عمل الإدارة، أوضحت المصادر أن على المواطنين أوَّلاً أن يبلغوا المعنيين في المؤسّسات التي تحدث فيها مخالفات واختلالات، وإذَا لم يستجب المعنيون، حينها يبلغ المواطنون إدارة الشكاوى في مكتب رئاسة الجمهورية، على الأرقام المخصصة، ليتم بذلك اتخاذ الإجراءات المناسبة، يعني ذلك أن إبلاغ إدارة استقبال الشكاوى الرئاسية، يأتي كخطوة ثانية في حال عدم استجابة المعنيين في المؤسّسات.

 

محاسبةُ المخالفين

وبعد تفعيل خدمات الجمهور وتخصيص أرقام للشكاوى، جاء المحور الثالث من الخطة الرئاسية خاصًّا بـ”المحاسبة”، حيث أكّـد الرئيس أن “أيَّ مسؤول تثبت صحةُ الشكوى عليه لن يتمَّ التهاونُ معه كائناً من كان” وهو ما يعزز ويكمل قرارات وتوجيهات المحورين السابقين، بتجريد المخالفين والفاسدين من أية “مظلة” قد يعتمدون عليها، ويضعهم تحت طائلة عقاب القانون الذي خالفوه.

وفي هذا السياق، جاء تأكيد الرئيس على أن “الفاسدين والمرتشين هم امتداد للعدوان على بلادنا، ولن يُعيقَنا العدوان عن مواجهة الفساد والمفسدين”، وهي رسالة مهمة تؤكّـد مدى الجدية في “معركة” مكافحة الفساد؛ باعتبارها جُزءاً رئيسياً من معركة مواجهة العدوان، وهي المعركة التي يعرف الجميع مع الجدية في التعامل معها، الأمر الذي يضعُ المخالفين أمام المستوى الحقيقي لخطورة مخالفاتهم.

بهذه التوجيهات والقرارات المتكاملة، رسم الرئيس المشَّـاط بداية مهمة لتصحيح العمل المؤسّسي الحكومي بعد عقود من الفساد المتركم فيه، وهي بداية طريق وصفه الرئيس بأنه “معركة مفتوحة مع الفساد المالي والإداري” وأكّـد المضي في هذه المعركة “بمنتهى الجدية ومهما كلف الثمن”، كما أكّـد أن تكاتف الشعب والدولة في تنفيذ هذه المنظومة من الإجراءات سيفضي إلى “القضاء على كافة المظاهر السلبية والاختلالات في أداء المؤسّسات الحكومية في فترة زمنية قياسية” واصفا هذه النتيجة بأنها ستكون “إنجازاً تأريخياً”.

ودعا المشَّـاط كُـلّ العاملين في الدولة إلى “الاندفاع بجدية لمكافحة مظاهر الفساد والابتزاز” كما دعا “المكونات السياسيّة والإعلام والاتّحادات والنقابات لدعم هذا المسار”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com