قراءة عابرة في خطاب السيد عبد الملك  حفظه الله

 

د. حليمة جحاف

القادَةُ هم الذين يلمُّون بالوضع من حولهم، وتكونُ تصرفاتُهم وسياستُهم في هذا الإطارِ المبني على استراتيجية واضحة، وإلمام دقيق بمجريات الأحداث، منطلقاً في ذلك من عقيدة سليمة مبنية على أساس ربّاني من هؤلاء القلّة النادرة السيد القائد عبدُالملك بدر الدين الحوثي، بفكره الفذّ وحُسن حكمه على الأمور، خطابه الأخير كان في هذا الإطارِ الواسع وحمل هَـمَّ أُمَّة بأسرها، ومن قبله كان السيدُ المؤسّس السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي كان النواةَ الأولى في شَدّ الأُمَّـة إلى الأساس السليم المبني على الوعي التام بالقُـرْآن الكريم وعي كلي، بعيداً عن المصالح الضيَّقة، والسطحية السمجة التي غدت مكبِّلةً للكثير من قادة العالم الاسلامي.

ومن هذا المنطلق حورب السيد حسين رضوان الله عليه لخطورة المشروع الذي يحمله، هذا المشروع الذي من شأنه أن يستنهضَ الهممَ التي عملوا على إماتتها على مدى قرون من خلال مواجهات مباشرة أو تحت عناوينَ مختلفةٍ من القوميات والعناوين الرنّانة التي تحملُ التجزئةَ في طيّاتها أَكْثَرَ من حملها لفكرٍ ومشروع يرتقي لما جاءت به المرجعية الإلهية متمثلةً في القُـرْآن الكريم؛ لذا كان الاستهداف ممنهجاً ومدروساً، وبأدوار متبادلة وإن تغير صانعُ القرار إلّا أن المواقف من هذا المشروع كانت ثابتة، لم تتغير ولم تتبدل؛ وذلك لأن العدو الذي يعمل ضد هذا المشروع هو عدو واحد عدو خطر ينطلق من مبادئَ وأسس مدروسة وعداء دائم ومستمر ويعلم أن هذا المشروع سيفقده الكثير من أدواته، وبنشر السيد حسين منذ فترة مبكرة الوعيَ بالعدو الحقيقي ومحاولة رَدِّ الأُمَّـة إلى النسق الذي يُفترَضُ أن تسيرَ فيه تشكل هذا المشروع المقاوم لكل قوى الشر والاستكبار.

وكترجمة لهذا التوجه، فقد فشلت كُلّ المحاولات للإجهاض المشروع أو الحد من انتشاره، وقد بدأت ثمارُه تظهر بصورة جلية وفي أقسى الظروف ورغم كُلّ الصعاب التي يعانيها الشعبُ اليمني، فلو لم يكن هذا المشروع العظيم قد ترسّخ في قلوب وعقول كثيرٍ من اليمنيين لَما استطاعوا مواجهة هذا العدوان الصلف والذي لم يشهد له تأريخ البشرية مثيلاً، فلا يمكن مقارنة الكَم المهول من الغارات التي تجاوزت 4000 غارة جوية على مساحة جغرافية محدودة يجعلُ معدَّلَ الغارات بما يوازي غارةً على كُلّ 2كم2 وَبالإضَافَة إلى استخدام وسائلَ متعددةٍ في هذه المواجهة منها الحرب الناعمة التي تجعل العدو يوظفك انت لتحقيق اهدافه دون أن يكون هو الظاهر بشكل مباشر، كما أن اهتمامه الكبير بقيم المجتمع واستنهاض الهمم للدفاع عن الأعراض التي تعد من الجهاد ولا تقلُّ في أهميتها عن الدفاع عن الأرض بل قرينة له؛ لذا نجد هذا الاهتمام من القائد والاستجابة الشعبية لهكذا انتهاك ظهر وبان بينما أخفي الكثيرُ الكثيرُ في المناطق التي تخضَعُ للاحتلال.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com