الوعي من خلال القرآن الكريم جـعـل شـهـداءَنـا الأبــرارَ ثــابـتين ثـبوتَ الـجـبـال الـرواسي      

  • عندما قرأ شهداؤنا الأبرار التهديداتِ الإلهيةَ التي توعد بها اللهُ سبحانه المقصّرين، المتخاذلين، المتقاعسين عن الجهاد في سبيله.. انطلقوا إلى ميادين العزة والكرامة غير آبهين بشيء
  • فهموا ووعوا وآمنوا بتلك الوعود الإلهية، وأنا سوف تتحقق؛ لأنها صادرة عن جبار السماوات والأرض، من بيده القلوب، المهيمن على القلوب، ولا أحد غيره مهيمن عليها، فيملأ قلوب الأعداء رعباً وفزعاً وخوفاً، ويملأ قلوب أولياء الله أمناً واطمئناناً وثباتاً، فانطلقوا إلى الجبهات لا يخشون أحداً
  • كُلّ مَن يخافُ من الموت هو الخاسر، هو من سيكون موتُه لا قيمة له، إذا كنت تكره الموت فحاول أن تجاهدَ في سبيل الله، وأن تقتَلَ شهيداً في سبيله؛ لأنه بالعملية هذه أنت قهرت الموت فعلاً، ولم يكن الموت بالنسبة لك إلا نقلة قد تكون ربما [ثواني] قد تكون [دقائق] وتنتقل إلى حياة أبدية في نعيم وفرح واستبشار ورزق

 

 

 

العالَــمُ بأجمعِه، تابَعَ وخلال عامين من العدوان على بلدنا الحبيب ثباتَ وصمودَ أبناء اليمن في وجه الغزو الأجنبي الظالم، ذلك الثبات والاستبسال الذي أذهل العالم أجمع ــ بدون مبالغة ــ فما الذي حصل؟ ما الدوافع والعوامل والأسباب التي جعلت مجاهدينا ينطلقون إلى ساحات العزة والكرامة، لا يخافون من أي شيء على الإطلاق، والموت الذي يخافه الجميع هم لا يخافونه أبداً، مثلُهم مثلُ الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام الذي قال: ((واللهِ لَابن أبي طالب آنَسُ بالموت من الطفل بثدي أمه)).. إن ذلك الثبات والصمود يعودُ إلى عاملين رئيسيين هما:ــ

أولاً: الوعيُ كان عالياً لدى الشهداء من خلال القرآن الكريم.

ثانياً: الوعيُ كان عالياً لدى الشهداء من خلال محاضرات الشهيد القائد الحسين بن بدر الدين سلام الله عليه..

هنا في هذا التقرير سنتناولُ الجزء الأول وهو:ــ

 

الوعي لدى الشهداء من خلال القرآن الكريم:ـــ

من المعلوم قطعاً أن القرآنَ الكريمَ هو الكتابُ الوحيدُ الصحيحُ مائة في المئة؛ لأن البارئَ تكفَّلَ بحفظه، قال تعالى: [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] وقال تعالى: [لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ]، وقال أيضاً: [كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ] وقال تعالى عنه: [ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ]..

لذا فهو نعمةٌ كبيرةٌ توحِّد المسلمين؛ لأنَّ كُلَّ المسلمين متفقون على صحة كُلّ آياته، حيث قال الشهيد القائد سلام الله عليه عن ذلك: [هذا القرآن نعمة كبيرة جداً لأنه ما يزال بين أيدينا وما نزال كلنا متفقين عليه، كُلّ المسلمين متفقون عليه، هي نعمة كبيرة لا يساويها نعمة، لا يساويها نعمة من كُلّ النعيم.[سورة البقرة الدرس الثامن ص: 8].

وقال أيضاً سلامُ الله عليه عن القرآن الكريم: [قراءة كتاب الله بتأمل، وقراءة أحداث الحياة بتأمل، وقراءة النفوس، وسلوكيات الناس بتأمل هي ما يساعد الإنسان على أن يهتدي، على أن يسترشد، على أن يستفيد من خلال القرآن الكريم.[معرفة الله وعده ووعيده الدرس الثالث عشر ص: 1]. وقال أيضاً: [عندما تكون ثقافتك ثقافة القرآن, هديك هدي القرآن, يصبح كُلّ شيء في الدنيا يعطيك معلومات, ويطمئنك على ما أنت عليه, ويشهد لما أنت عليه؛ فإذا أصبح القرآن داخلك, أصبح ماذا؟ كُلّ شيء يشهد للحق الذي أنت تحمله, كُلّ شيء.[مديح القرآن الدرس السادس ص: 5]. وقال أيضاً: [لن يحمينا من أعدائنا إلا العودة إلى القرآن الكريم، لن يبقي العلاقة قائمة بيننا وبين ديننا إلا القرآن الكريم، لا يمكن أن يدفع عنا أيضاً إلا القرآن الكريم إذا ما عدنا إليه.[الإسلام وثقافة الإتباع ص: 7].. ومن خلال هذا الوعي القرآني تجلى الآتي:ــ

 

أولاً:ـ خوفُ الشهداء من التهديدات الإلهية في القرآن:ــ

ازداد وعيُ شهدائنا من خلال القرآن الكريم، فصدّقوا به، وامتثلوا لأوامر الله، فعندما قرأ شهداؤنا الأبرارُ التهديداتِ الإلهية التي توعد بها الله سبحانه المقصرين، المتخاذلين، المتقاعسين عن الجهاد في سبيله، من مثل:ــ قوله تعالى:ــ[إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ].. ومن مثل قوله تعالى: [قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ].. انطلقوا إلى ميادين العزة والكرامة غير آبهين بشيء.

 

ثانياً:ــ امتثال الشهداء لأوامر الله.. بـ(لجهاد) في سبيله:ــ

وكذلك قرأ شهداؤنا الأبرارُ الآياتِ التي تأمرنا بالجهاد في سبيل الله، والتي تملأ القرآن، حيث أنه ليس هناك أية فريضة من الفرائض نزلت فيها آيات كثيرة كالجهاد في سبيل الله، مثل قوله تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ]ــ وقوله تعالى: [الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ]..فامتثلوا لتلك الأوامر، وانطلقوا لا يلوون على شيء، بفاعلية قوية جدا، وروح جهادية عالية، يستهدفون أعداء الله على طول، مرة بعد مرة، بدون وهن، أَوْ ضعف، امتثالا لقوله تعالى: [وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا].

 

ثالثاً:ــ عرفوا أن (الأموالَ والأولاد) لن تغنيَ عنهم من عذاب الله شيئاً:ــ

إضافةً إلى ما سبق، فعندما قرأ شهداؤنا الأبرارُ الآياتِ التي تدُلُّ على أنه من الحمق أن تعرض عن أوامره، من أجل الأموال والأهل والولد، من مثل قوله تعالى: [يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ]، وقوله تعالى: [لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ]، وقوله تعالى: [يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ(13)وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ(14) كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى]..

فعرفوا ووعوا ألا شيء ينفعهم، لا حنان الأم، ولا حب الأب، ولا الزوجة ولا الولد، ولا الأخ، ولا العشيرة، ولا الأموال الكثيرة، ممكن أن ينجيهم أَوْ يشفع لهم بين يدي الله، إلا عملهم الصالح، ورضى الرحمن الذي ينالون من خلاله الفوز بالجنة والنجاة من النار..فانطلقوا للجهاد في سبيل الله لا يخافون في الله لومة لائم..

 

رابعاً:ــ آمنوا إيماناً مطلقاً بأن: [لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ]

وتجلى أيضاً الوعي لدى شهدائنا الأبرار من خلال القرآن الكريم عندما قرأوا قوله تعالى: [قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ]ــ وقوله تعالى: [لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ]، ــ وقوله تعالى: [فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ]ــ وقوله تعالى: [أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ].

فعرفوا ووعوا بأن الموت هو بيد الله، وليس من ذهب إلى الجبهات مقتول، ولا من ظل في بيته مُعافى، وأن الموت آت لا محالة، لكل من في الأرض، لا أحد مخلد، فكانوا أذكياء، عندما استثمروا موتهم، بعودتهم بعده أحياء عند ربهم يرزقون..

وقد قال الشهيد القائد سلام الله عليه: [لو أن الإنسان يتأمل يتذكر بشكل جيد لرأى بأنه ليس القتال بالشكل الذي تكرهه. عندما تنظر إلى قضية واحدة هو أنه: أن كُلّ إنسان سيموت، أليست هذه قضية معروفة؟ كُلّ إنسان سيموت، وكل إنسان يلاقي في هذه الحياة أشياء تتعبه، ويعاني منها. أليست هذه قضية معروفة؟ إذاً فالقتال ما هو؟ غاية ما هناك أن تقتل، ألست ستموت وإن لم تقتل؟ أليس الأفضل لك أن تستثمر موتك فتقتل في سبيل الله؟ أفضل من أن تموت فلا يحسب لك موتك شيء؟. [سورة البقرة الدرس العاشر ص: 5]

وقال أيضا: [من يهربون من الموت في الدنيا، هم من يموتون حقيقة، هم من يضيعون في التربة حقيقة، أما الشهداء فإنهم لا يموتون.[معرفة الله وعده ووعيده الدرس الخامس عشر ص: 16]

 

خامساً:ــ قاموا بـ(العداء والحذر) من اليهود والنصارى كما أمر الله:ــ

وفي ذات السياق، فإن شهداءنا الأبرار عندما قرأوا آيات العداء لليهود والنصارى، ــ مثل قول الله تعالى: [لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا]، ــ وقوله تعالى: [إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئــَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا]، ــ وقوله تعالى: [وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ]، ــ وقول الله تعالى: [هَا أَنْتُمْ أُوْلاَءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ ]، ــ وقوله تعالى: [مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ]، ــ وقوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ]، وغيرها من الآيات التي يؤكد لنا الله عز وجل فيها بأن اليهود والنصارى أعداء، فيجب التعامل معهم على هذا الاساس، فانطلق شهداؤنا في عدائهم لأعداء الله، غير آبهين بشيء، لا يخافون صواريخهم ولا طائراتهم ولا دباباتهم.. كاشفين كُلّ مخططاتهم ومؤامراتهم على الأمة..

وقد قال الشهيد القائد سلام الله عليه حول هذا: [المصلحة للشعوب الإسلامية هو التوجه القرآني في النظرة نحو هؤلاء اليهود والنصارى, نظرة العداء, نظرة إعداد القوة, نظرة الجهاد, نظرة الشعور بأنهم يسعون في الأرض فساداً, وأنهم لا يريدون لنا أي خير, وأنهم يودون أن نكون كفاراً, يودون لو يضلونا, يودون لو يسحقونا وينهونا من على الأرض بكلها.[الموالاة والمعاداة ص: 7]

وقال أيضاً سلام الله عليه: [إذا كنا نرى دول الغرب كلها حكومات وشعوباً ينطلقون لمحاربة الإسلام والمسلمين كافة فإن كُلّ مسلم يجب أن يكون جندياً يعاملهم بمثل ما يعاملون به المسلمين، ويقف في وجههم كما يقفون بكل إمكانياتهم في وجه المسلمين.. [لتحذن حذو بني إسرائيل ص: 9]

 

سادساً:ـ طمعوا في (وعْدّ) الله، وخافوا من (وعيده):ــ

الوعيد:ــ

وكذلك من خلال القرآن الكريم، قرأوا آيات كثيرة جداً، يتوعد فيها جبار السماوات والأرض العصاة من عباده، فخاف شهداؤنا الأبرار، واقشعرت أبدانهم، عندما قرأوا أحوال أهل النار، وكيف وصفها الله سبحانه لنا في القرآن وكأننا نراها، طعامها، شرابها، أبوابها، خزنتها، من مثل قوله تعالى: [أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ* إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ* إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ* طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ* فَإِنَّهُمْ لاَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ* ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ].

قال الشهيد القائد سلام الله عليه: [الوعد والوعيد: هو مما ملئت به صفحات القرآن الكريم وتكرر كثيراً في آيات الله في القرآن الكريم الحديث عن الجنة، الحديث عن النار بالتفصيل الكامل للجنة والنار. الوعد للمؤمنين في الدنيا، الوعد للمتقين، الوعد لمن يسيرون على هدي الله في هذه الدنيا، وعدهم بأشياء كثيرة جداً، والوعيد لمن يخالفون هدي الله في هذه الدنيا، ومن يتمردون عليه، ومن يعصونه، توعدهم بعقوبات كثيرة جداً.[معرفة الله وعده ووعيده الدرس التاسع ص: 1]

وتأمل أيضاً شهداؤنا الأبرار قول الله تعالى على لسان أهل النار: [رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ] فعرفوا ووعوا أن يجعلوا المضلين لهم تحت أقدامهم هنا في الدنيا، لأنه هنا ينفع هذا، أما في النار فلن ينفعك أن تضع من أضلك تحت قدمك، لأنكما سواء في النار، فانطلقوا ضد كُلّ طاغية ومتكبر، يحاربونه، وينكسون رايته، ويعلون راية الحق، لا يخافون في الله لومة لائم..

قال الشهيد القائد سلام الله عليه حول هذه النقطة: [هنا في الدنيا، في الدنيا، إلعن أولئك الذين أضلونا، إلعن أولئك الذين أضلوا الأمة من سابقين أَوْ من لاحقين، إن لعنتهم هنا في الدنيا هي التي ستجدي، أن تفضحهم هنا في الدنيا، وأن تطلب من الله أن يخزيهم وأن يخزي من يسير على نهجهم، هنا في الدنيا سينفع.[معرفة الله وعده ووعيده الدرس التاسع ص: 6]

 

الوعد:ــ

أما آيات الوعد، التي امتلأ بها القرآن، فقد جعلتهم يشتاقون إلى الشهادة، بشغف شديد، من مثل قوله تعالى: [وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ]ــ ومن مثل قوله تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ* لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ* لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ] ــ ومن مثل قوله تعالى: [فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ* فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ* قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ* كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ]، وغيرها من الآيات التي تحكي نعيم الجنة التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

 

 

سابعاً:ــ إيمانهم المطلق بأن اللهَ سينصُرُ عبادَه المستضعفين (الواعين):ــ

من جهة أخرى، فعندما قرأ شهداؤنا الأبرار قول الله تعالى: [وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ]، ــ وقوله تعالى: [لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنْصَرُونَ]ـــ وقوله تعالى: [بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ]ــ وقوله تعالى: [إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ]ــ وقوله تعالى: [وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ].

ففهموا ووعوا وآمنوا بتلك الوعود الإلهية، وأنا سوف تتحقق؛ لأنها صادرة عن جبار السماوات والأرض، من بيده القلوب، المهيمن على القلوب، ولا أحد غيره مهيمن عليها، فيملأ قلوب الأعداء رعبا وفزعا وخوفا، ويملأ قلوب أولياء الله أمنا واطمئنانا وثباتا، فانطلقوا إلى الجبهات لا يخشون أحداً، كما قال الله عنهم: [الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ]..

قال الشهيد القائد سلام الله عليه حول هذه النقطة: [ليس كُلّ مستضعف هو من سيكون الله معه، ومن سيحظى بتأييد الله ونصره، ومن سيعمل الله على إنقاذه، إنهم فقط المستضعفون الواعون.[وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن ص: 13]

وقال أيضا: [سنة إلهية لا يكون إعزاز عباده ونصر دينه إلا على أيدي المستضعفين الذين يغيرون ما بأنفسهم فيصبحوا مستضعفين واعين، يستشعرون مسئوليتهم ويثقون بوقوف الله معهم، يثقون بالله، ويثقون بما وعدهم به.[وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن ص: 14]

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com