سقطرى.. في مزاد الاحتلال

المسيرة| هاني أحمد:

في سابقةٍ خطيرةٍ هي الأولى من نوعها منذ بدء العدوان على اليمن أطلقت وسائلُ إعلام الاحتلال الإماراتي دعوات لإجراء استفتاء لضم جزيرة سقطرى اليمنية لدولة الإمارات أثارت ردودَ أفعال غاضبة في الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية داخل الجزيرة وفي عموم المحافظات اليمنية، بعد أن اتضحت حقيقة مطامع أبو ظبي في سقطرى وتحويلها إلى مستعمرة تابعة لها، لا سيما بعد أن برز إلى السطح قضية شراء مستثمر إماراتي لأرض بمساحة كبيرة في جزيرة سقطرى، الأمر الذي أثار حالة من الجدل واللغط على شبكات التواصل الاجتماعي.

ويسعى الاحتلال الإماراتي لجعل سيطرته على الجزيرة أمراً واقعاً بالتوطئة لمنع التباحث بشأنها على طاولة أية مفاوضات مستقبلية، مستغلاً العدوان والحصار المفروض على الشعب اليمني من قبل تحالف العدوان الذي تُعدّ الإمارات العضو الثاني فيه، ومنذ سيطرتها على الجزيرة بعد انطلاق العدوان على اليمن مطلع 2015، بدأت معلومات تتسرب حول أعمال عبث ونهب يتعرض لها الأرخبيل، من قبل الإمارات، التي تقوم منذ أن وطأت الجزيرة بنقل النباتات والطيور والحيوانات النادرة على مستوى العالم من سقطرى إلى الحدائقِ الإماراتية، وقد تداول ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أشهر، صوراً لما قالوا إنها أشجار نادرة في حدائق دبي تم نقلُها من سقطرى.

 

بيع أراضيَ واسعة في سقطرى للمندوب الإماراتي

وكشفت وثائقُ رسميةٌ عن عملية بيع أراضيَ واسعة في إحدى محميات جزيرة سقطرى لمندوب “مُؤَسّسة خليفة” الإماراتية، وبحسب الوثائق فقد تم بيع أرضٍ في منطقة دكسم لمندوب المُؤَسّسة، خلفان بن مبارك المزروعي، بمبلغ 3 ملايين درهم إماراتي، من قبل المحافظ المعيّن من قبل الفار هادي.

وفي وقت سابق، قامت دولة الاحتلال الإماراتي بتدريب قوات عسكرية وأمنية ونشرتها في الجزيرة، وتزويدها بالأسلحة الخفيفة والسيارات العسكرية، بالإضَافَة إلى اعتماد شبكة الاتصالات الخَاصَّة بدولة الاحتلال بعدما عمدت إلى إيقاف الشبكة اليمنية، ولم يقتصر الأمرُ على ذلك بل إن حافز التجنيس وإغراء المواطنين بترك جزيرتهم والعمل في الإمارات باتَ الأسلوبَ الرئيسَ الذي تعتمده أبو ظبي لإفراغ الجزيرة من سكانها.

وبعدما أصدرت السلطات الإماراتية قراراً بمنع اليمنيين من زيارة الجزيرة أَوْ التواصل مع سكانها الأصليين، وصل بها الأمر حد منع الوجوه المحسوبة عليها من ذلك، حيث كانت هذه الممارسات كفيلة بمضاعفة الشكوك تجاه دور المحتل الإماراتي في الأرخبيل بعد أن تأكد للجميع أنها تخوض هذه الحرب على اليمن من أجل تحقيق أطماعها وعلى رأس تلك الأطماع ضَمُّ الجزيرة إلى الإمارات.

وكان المئاتُ من مشايخ جزيرة سقطرى وقّعوا قبل أيام عريضة تطالب بعزل شيخ مشايخها، المحسوب على الاحتلال سليمان عبدالله شلولها، الذي اتهمه المشايخ بأنه عميل وخائن من الدرجة الأولى، وتدور الكثير من علامات الاستفهام حول شلولها هذا، الذي تربطه علاقة وثيقة بالمندوب الإماراتي في الجزيرة، فضلاً عن أنه متهم باتخاذ خطوات من شأنها إحداث تغيير ديمغرافي في سقطرى وتهديد هُويتها، وعقب خطوة المشايخ تتالت المواقفُ الجنوبية الرافضة لممارسات الإمارات في الأرخبيل ومطامعها فيه، الأمر الذي دفع الرئيس الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، للتعليق على الأمر، رافضاً في تغريدة على “تويتر”، المزاد على جزيرتي سقطرى وميون، أغلى جوهرتين في العالم، داعياً باتخاذ موقف حازم وصارم في ما يتعلق بالسيادة على الجزيرتين.

 

الاحتلال يستنزف سقطرى وينهب كُلّ الأشياء النادرة فيها

وكانت سقطرى -التي لم تشهَدْ تواجُداً للجيش واللجان الشعبية- من أوائل الجُزُر والمناطق اليمنية التي وصلت إليها قوات الاحتلال الإماراتي وبدأت فرْضَ سيطرتها عليها بعد انطلاق العدوان على اليمن مطلع 2015، ومنذ مطلع 2016 بدأت معلومات تتسرب حول أعمال عبث ونهب تتعرض لها الجزيرة، وكانت الأصابع تشير على الدوام إلى المحتل، وأكدت المعلوماتُ حينَها عن عمليات نهب ونقل للنباتات والطيور والحيوانات النادرة على مستوى العالم، حيث يتم أخذها ونقلها إلى حدائق أبو ظبي ودبي في الإمارات، وقبل ذلك، في مايو 2016، نشرت صحيفة الاتحاد الإماراتية صوراً لطيور سقطرية نادرة في جزر أبوظبي، ولم تتحرج الصحيفة الرسمية التابعة لدولة الاحتلال من القول إنها طيور سقطرية نادرة، ولم يقتصر الأمر على النباتات والطيور والحيوانات النادرة، بل وصل الأمر إلى ما تحويه شواطئ الجزيرة من كنوز حيوية نادرة، حيث تُتهم الإمارات أَيْضاً بنهب الشُّعَب المرجانية النادرة.

لكن الاحتلال كما يبدو لا يكترث بما ستتكبده سقطرى والعالم من ورائها من خسارات جراء تصرفاتها وممارساتها في الجزيرة، وهي كما يبدو عازمةٌ على استنزاف سقطرى ونهب كُلّ ما تطاله يدها من نوادر هذه الجزيرة حتى الأحجار، حتى أحجار الجزيرة لم تنجُ من هذا العبث والنهب، حيث يتم تصديرُها إلى الإمارات أَيْضاً، لكن الأمر لم يقتصر على هذا، بل قام إماراتيون بالاستيلاء على أراضيَ وشواطئ عامة تقع في نطاق المناطق المحمية التي يمنع القانون البناء فيها وشرعوا في البناء فيها بالتنسيق مع مسؤولين ونافذين في الجزيرة، وهو ما دفع عدداً من وكلاء محافظة سقطرى إلى الإعلان عن إخلاء مسؤوليتهم من العبث الذي يقوم به المحافظُ بالأراضي والمصالح العامة في الجزيرة.

 

مطالبة حكومية وشعبية بحماية سقطرى

وإزاءَ هذه الممارسات الإجرامية، استنكرت وزارةُ السياحة ومجلس الترويج السياحي، أمس، عبثَ قوات الاحتلال الإماراتي بأراضي أرخبيل سقطرى، من خلال أعمال الحفر والتجريف التي تتنافى والخصوصية البيئية التي تمتاز بها الجزيرةُ وبشكل يؤثر على موقع سقطرى في التصنيف العالمي كأحد أجمل وأندر الأماكن الطبيعية والسياحية في العالم.

وطالبت وزارةُ السياحة ومجلس الترويج، في بيان صادر عنها تلقت صحيفة “المسيرة” نسخة منه، الأُمَمَ المتحدة ومجلس الأمن بسرعة إصدار قرار دولي عاجل يمنَعُ قوى الاحتلال العبث بأراضي سقطرى وتدمير إمكانياتها الطبيعية ونظامها البيئي، كما طالبت بالضغط على الإمارات الكف عن تصرفاتها العدوانية والمستفزة على صعيد المساس بالسيادة اليمنية عبر الاعتداء والتدخل السافر في جزيرة سقطرى.

وأكد البيان أن مثل تلك الأفعال الإجرامية تؤثّر سلباً على تصنيف الجزيرة ضمن قائمة المواقع البيئية والبحرية ذات الأهمية البيولوجية المسجلة من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في قرارها رقم (1263) وهو ما يجعلها، دولياً، تابعةً لاتفاقية التنوع الحيوي، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال المساس بأنظمتها الطبيعية، معتبراً عدمَ التجاوب مع هذه النداءات يعد تجاوُزاً للأنظمة والقوانين وضرب عرض الحائط بالمواثيق الدولية وعدم احترامها, الأمر الذي سيعود سلباً على مصداقية النظام العالمي برمته.

ولفتت وزارةُ السياحة ومجلس الترويج السياحي، إلى أن القوات الإماراتية الموجودة في الجزيرة تمادَت بأعمال الحفر والتجريف لبعض المواقع الطبيعية التي تشتهر باحتضانها لأنواع نادرة من النباتات، بالإضَافَة إلى استمرارِها في عملية النهب المنظم للكائنات البحرية والنباتية في الجزيرة من طيور نادرة ونباتات هي الأندر على مستوى العالم، موضحةً أن بعضَ المواقع داخل الجزيرة تعرَّضت إلى أعمال تخريبية تسببت فيها بعض الشركات الإماراتية التي تسعى إلى إيجاد موطئ قدم لها داخل الجزيرة، مما خلّف أضراراً بالغة بالمواقع الأثرية والطبيعية في شواطئ محميات السلاحف وجبل حوارى، وهو الأمر الذي يعدُّ مخالفةً للقانون الدولي الذي يجرم التعدّي على مثل هذه الأماكن، ناهيك عن كونها محميات طبيعية عالمية.

ودعت السياحة ومجلس الترويج كُلَّ المنظمات المحلية والإقليمية والعالمية وخُصُوصاً منها البيئية والسياحية القيام بمسئوليتها تجاه هذه الأعمال التخريبية التي تمارسها الإماراتُ في الجزيرة، كما دعت وسائل الإعلام الدولية ومحبي الجزيرة والتنوع الحيوي فيها إلى تسليط الضوء على ما تتعرض له سقطرى من تدخلات سافرة أثرت بشكل كبير على نُظمها البيولوجية التي تعد إرثاً عالمياً وحقاً إنْسَانياً وكشف ذلك للمهتمين بالشأن البيئي العالمي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com