إيْمَانٌ لا يبدأ من (الله) وينتهي بالمواجهة مع أعدائه.. ليس هو إيْمَان الرسل والأنبياء والصالحين

الجزء الأول

إعداد/ بشرى المحطوري

 

آيةٌ واحدة جمعت (الهوية الإيْمَانية) للمسلم:ــ

ابتدأ الشهيدُ القائدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ- محاضرة [ملزمة] الهُوية الإيْمَانية بالحديث عن آية عظيمة فيها كُلّ الصفات التي إن توفرت في إنْسَان فهو مؤمنٌ الإيْمَانَ الحقيقيَّ، حيثُ قال: [سيكون مقدمة حديثنا حول قول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (البقرة:285-286) صدق الله العظيم.

إن هذه الآية الكريمة، هي الهُوية الإيْمَانية لأنبياء الله ورسله وللمؤمنين جميعاً، هي البطاقة الكاملة العناوين لأنبياء الله ورسله, والسائرين على طريقه من المؤمنين بهم، هي تقريرٌ للمؤمنين أنه هكذا يجب أن يكونَ إيْمَانُهم، هي تعريفٌ بالمسيرة الإلهية لأنبياء الله ورسله والصالحين من عباده جيلاً بعد جيل.. شملت وبصورة موجزة المجالاتِ الإيْمَانيةَ الكاملةَ، بدءاً من الإيْمَان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهكذا تتصدر الآية الكريمة بالتقرير على الإيْمَان بالله، ثم تنتهي بالمواجهة لأعدائه، أنه إيْمَان على غير هذا النحو ليس إيْمَاناً]..

 

العقائدُ في الإسْلَام العظيم.. كلها عملية:ــ

وأكّد -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ- بأن أية عقيدة في الإسْلَام لا تؤثرُ في النفس تأثيراً إيجَابيًّا يؤدي إلى انتصَار الأُمَّة وعزتها وكرامتها، فهي ليست من الإسْلَام ولا من دين الله في شيء، حيث قال: [إن الإيْمَان، إن العقائد في الإسْلَام العظيم كلها عملية.. كلها عملية، إيْمَان يترك تأثيراً على النفس، ثم نفس تترك تأثيراً في واقع الحياة، ما عدا ذلك يعتبر إيْمَاناً أجوفَ، لا يقدِّمُ ولا يؤخر, ولا ينفع لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأولُ المؤمنين بهذا الإيْمَان هو الرسول محمد (صلوات الله عليه وعلى آله).

إن الآية هذه نزلت في القُرْآن الكريم الذي هو خطاب للناس جميعاً في هذه الأُمَّة، والتي أولها الرسول محمد (صلوات الله وسلامه عليه)، هكذا إيْمَان، وأن نعرف بأنه هكذا كان إيْمَان الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، يعني ذلك أنه بغير إيْمَان من هذا النوع لا نكون صادقين حتى في إيْمَاننا بالرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، ولن نلتقيَ معه في الطريق الإيْمَانية, ولا في غاية تلك الطريق, لا في الدنيا ولا في الآخرة.. أوَلم يقل الله له: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (الأنعام: 159) لستَ منهم في شيء، لا تلتقي مع محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) لا تلتقي الأُمَّةُ مع رسولها (صلوات الله عليه وعلى آله) إلا في طريق إيْمَانية واحدة هي: هذه الطريق التي بدأ الخطوة عليها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)].

 

ثقافة مغلوطة:ــ

الاعتقادُ بأن رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم كان (مسكيناً، ودرويشاً)!!

ولفت -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ- إلى ثقافةٍ مغلوطة ظالمة صوّرت رسولَ الله صلوات الله عليه وعلى آله بما ليس فيه، حيثُ قال: [هو (صلوات الله عليه وعلى آله) آمن بما أنزل إليه من ربه، وعندما آمن بما أنزل إليه من ربه كانت مصاديق ذلك الإيْمَان كلها حركة، كلها حركة نشطة، كلها عمل، كلها استقامة وثبات, كلها إخلاص لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وانقطاع إليه وثقة عظيمة به؛ لأن ما أنزل إليه هو أنزل إليه من ربه الذي أرسله، وأرسله إلى من؟! هل إلى نفسه، أم إلى البشرية كلها؟!. هل كان الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يكتفي بأن يبلغ الآخرين، ويرشد الآخرين، ويعظ الآخرين، ويأمر وينهى أولئك الآخرين، ثم هو يقبع في زاوية من زوايا مسجده، أَوْ يدعو على أولئك، أم أنه كان هو في مقدمة المؤمنين في كُلّ الميادين؟. الإيْمَان بالرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) الذي يجب أن يترسخ في نفوس من يحملون العلم برسالته، يجب أن ينطلقوا هذا المنطلق الذي انطلق منه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله), وأن يتحَــرّكوا بحركته]..

وأضاف أيضاً: [نرجع إلى الأنبياء، أَوْ نرجع إلى نظرتنا إلى الأنبياء فنجد أنها نظرة غير واقعية ونظرة غير حقيقية؛ بسبب الأخطاء الثقافية التي تلقيناها فقدمت لنا الأنبياء مجموعة من المساكين الذين لا يعرفون كيف يتحَــرّكون، والذين لا يكادون يعرفون كيف يتكلمون، [أجواد أطياب مساكين الله]، فلم يكن هناك ما يمكن أن يجعلنا نستلهمُ من حياتهم، ومن أساليبهم، ومن حركتهم، ومن أعمالهم ومن مواقفهم الدروس المهمة]..

 

الفهم القاصر لــ(أركان الإيْمَان) :ــ

أشار -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ- إلى الإيْمَان (الجامد) بملائكة الله، الذي لم يترك أثراً في النفوس ولم يرفع من معنوياتها، حيث قال: [والإيْمَان بملائكة الله له قيمتُه الكبرى، له أثرُه الكبيرُ عند مَن يعرِفُ الملائكة، وعند مَن يعرفُ الدورَ الذي يقومُ به الملائكة.. قد يرى الناس أنفسهم في ظرف من الظروف وهم عازمون على أن يتحَــرّكوا في ميدان المواجهة لأعداء الله ولكنهم قد يرون أنفسهم قليلاً، وقد نرتاح فيما إذا بلغنا أن هناك منطقةً أُخْــرَى تتحَــرّك نفس التحَــرّك أَوْ عدد من الناس ينطلقون نفس الانطلاقة ويقفون نفس الموقف، أليس ذلك مما يعزز معنويات أنفسنا؟!].

وقوف الملائكة.. بجانب أولياء الله وأنصاره:ــ

ووضّح -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ- الأدوارَ التي تقومُ بها الملائكةُ إلى جانب أولياء الله، حيث قال: [الإيْمَانُ بالملائكة باعتبارهم جُنْداً من جند الله، الإيْمَانُ بالملائكة متى ما كنت في طريق تصبح فيها جديراً بأن تحظَى بوقوف الملائكة معك فإنك قد ترى في ميادين المواجهة آلافاً من الملائكة، من جُند الله ينطلقون وبكل إخلاص, وبكل نصيحة, وبما يملكـون من خبـرة عالية لتثبيت قلـوب المؤمنين متى مـا توجه الأمر الإلهي إليهم {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ} (الأنفال: من الآية 12).. قد لا نشعر نحن بقيمة الإيْمَان بالملائكة، وقد لا يشعر كُلّ إنْسَان قاعد، كُلّ إنْسَان لا يحمل هم العمل في سبيل الله، لا يكون إيْمَانه بالملائكة إلا مجرد تصديق بأنهم عباد مكرمون، وأنهم كما حكى الله عنهم: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: من الآية 6).. لكن في أن يترك ذلك الإيْمَان أثراً في نفسه لا يحصل شيء؛ لأنه ليس في ميدان يرى فيه قيمة إيْمَانه بالملائكة، لكن أولئك الذين ينطلقون في ميدان العمل في سبيل الله سيعرفون أهمية الإيْمَان بملائكة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقد تحدث القُرْآن عن دور للملائكة في بَدْر وفي يوم الأحزاب وفي أيام غيرها في حركة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أولئك الذين خرجوا وعددُهم قد لا يزيد على نحو ثلاثمائة شخص إلا عدداً قليلاً، اللهُ وعدهم بأنه سيعزز بجُنْد من لديه، يبلغ عددهم أضعاف أضعاف أولئك، هناك سيعرف الإنْسَان قيمة إيْمَانه بالملائكة، وسترى بأنه لست أنت وحدك في ميدان المواجهة، سترى تلك المجاميع الصغيرة من المؤمنين بأنها ليست وحدها هي في ميدان المواجهة بل هناك آلاف من ملائكة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الذين ليسوا كمثلنا يقعدون ويتثاقلون, ويعصون, ويتحيّلون, ويتهربون, ويبحثون عن مبررات. لا.. هم من ينطلقون انطلاقة واحدة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون].

وأضاف -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ-: [فإذا كانت معنوياتك ترتفعُ عندما تسمع بأن هناك عدداً قد يكون أقلَّ من هذا، أَوْ أكثر فإن عليك أن ترتفع معنوياتك وتستشعر القوة إذا ما كنت في طريق ستقف معك فيه آلاف من ملائكة الله، إذا ما توجه الأمر منه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إليهم، فقط عليك أن تبحث عن كيف تؤهل نفسك، على تلك المجاميع أن تبحث عن كيف تؤهل نفسها لتكون جديرة بأن تقف ملائكة الله معها.. فإيْمَاننا بالملائكة هو إيْمَاننا بجند من جنود الله، متى ما تصدر أمر إلهي نحوهم: إنطلِقوا لتثبيت نفوس المؤمنين، فهم من سينطلقون بكل جدّ, وبكل إخلاص وبكل نصح، ينطلقون ولديهم خبرة, ولديهم معرفة فيكون لهم تأثيرهم الكبير في تثبيت نفوس المؤمنين, أَوْ في أي عمل يأمرهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يقوموا به. إذاً لا بد من إيْمَاننا بملائكة الله].

 

الأثر الذي يجب أن يتركه في النفوس [الإيْمَانُ بكتب الله ورسله]

وفي ذات السياق تحدث -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ- بأنه لا يجب أن يكون إيْمَاننا بكتب الله ورسله إيْمَاناً [جامداً]، بل يجب أن يترك الإيْمَانُ برسل الله وكتبه آثاراً في النفوس، من أبرزها كما قال الشهيد القائد:ـــ

 

الأثر الأول: فيما يتعلق بنفوس العاملين في سبيل الله:ـ

قال الشهيدُ القائدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ-:[فيما يتعلق بنفوس العاملين في سبيل الله حينما يرون أنفسهم بأنهم امتدادٌ لخط إلهي واحد يتمثل في خط كتب الله ورسله، والسائرين على نهج كتبه ورسله جيلاً بعد جيل وعصراً بعد عصر, منذ أول نبي وأول كتاب إلى خاتم الأنبياء وخاتم الكتب القُرْآن الكريم وسيدنا محمد (صلوات الله وسلامه عليه). هناك تشعر بطمأنينة أنك تمشي وتسير في هذا الخط الذي رُسمت لك غاياته, ونهايته في آيات القُرْآن الكريم، العاقبة التي يسير إليها أولياء الله، الجزاء العظيم الذي ينالونه في الدنيا وفي الآخرة، فترى نفسك لست وحيداً]..

 

الأثر الثاني:ــ أن عدلَ الله يقتضي أنْ لا يهمل عبادَه في أي زمان ومكان:ــ

قال الشهيدُ القائدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ-:ـ [الإيْمَانُ بكتب الله أيضاً هو إيْمَان بتدبير الله الدائم المستمر للسابقين من عباده والمتآخرين، بقيامه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بهداية عباده السابقين والمتأخرين، وأنه لم يأتِ في عصر من العصور ليهمل عباده، ولم تقفل ملفات كتبه في أي زمن من الأزمنة, ولا عن أي جيل من الأجيال على امتداد التأريخ. إيْمَان بوحدة الرسالات، إيْمَان بوحدة الهدي الإلهي لعباده، هذا ما يتركه الإيْمَان بكتب الله في نفوس المؤمنين من أثر تركه قبل في نفس الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)].

 

الأثر الثالث:ــ أن هدى الله لن ينقطعَ إلى يوم القيامة، عن طريق أعلام دينه:ـ

قال الشهيدُ القائدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ-:ــ[إن الله لم يهمل عباده في أية فترة من فترات الأُمَّة، لم يهملهم عن نبي من أنبيائه، أَوْ عن ولي من أوليائه، ووارث من ورثة كتبه يسير على نهج أي نبي من أنبيائه السابقين الذين تركوا كتباً في أممهم].

 

الأثر الرابع:ــ أن يشعر المسلم بالعزة والفخر؛ لأنه على نهج هؤلاء العظماء:ــ

قال الشهيدُ القائدُ:ــ [الإيْمَانُ بالرسل كشخصيات مهمة، أشخاص مهمين، اصطفاهم الله، أكملهم الله، لم يكونوا أناساً عاديين، أنت حينئذ ستحس وأنت تؤمن بأولئك العظماء -على امتداد التأريخ- تحس بافتخار، بعز، برفعة نفس، أن قدواتك على امتداد التأريخ، أن من أنت تسير على نهجهم, وعلى طريقهم هم أناس عظماء، اصطفاهم الله وأكملهم واختارهم؛ لأن يكونوا هم المبلغين لدينه، لهديه إلى عباده].

 

الأثر الخامس:ــ أن نتعلّمَ من أساليبهم وطرقهم لهداية الناس:ـ

قال الشهيدُ القائدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ-: [القُرْآن الكريم عرض لنا عدداً كبيراً من الأنبياء والرسل وشرح لنا كثيراً من أحوالهم وأورد كثيراً من نصوص دعواتهم, وأبان كثيراً من أساليب دعوتهم, وكشف لنا كثيراً عن خصائص نفسياتهم، فيما تحمله من جدٍ, من اهتمام، من إخلاص، من نصح، من حرص على البشر لهدايتهم إلى صراط الله المستقيم].

 

إن [جمودَك] يجعل كُلّ شيء ليست له قيمة عندك:ــ

وأوضح -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ- نقطة مهمة جِــدًّا، وهي وجوبُ الانطلاقة في سبيل الله، لندركَ أهميَّةَ كُلّ شيء من حولنا، حيثُ قال: [في مسيرة الرسل (صلوات الله عليهم) الكثيرُ من الدروس، الكثيرُ من العِبَر، لكنها كلها لن يكونَ لها قيمةٌ -وهذه هي المشكلة- أن من رضي لنفسه بأن يظلَّ جامداً، فكل شيء لن يكونَ له قيمة لديه. متى انطلقت، متى شعرت بتحمّل المسئولية أمام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أن تكون من أنصار دينه، أن تكون من العاملين في سبيله، حينها ستعرف قيمة كُلّ شيء وأهمية كُلّ شيء، كم من الأنبياء في القُرْآن الكريم عرفنا كثيراً من أخبارهم، عرفنا كثيراً عن تلك الأمم التي بُعثوا إليها. ولكن نمشي على كُلّ تلك القصص المهمة دون اعتبار، دون استلهام ما نحن بحاجة إليه من واقع تلك الشخصيات المهمة، دون تعرّف على السنن الإلهية، دون تعرف على الأساليب المهمة التي يجب أن يتوخاها، وأن يعمل بها العاملون في سبيل الله].

 

الغايةُ من تذكير رسول الله محمد بــ[قصص الأنبياء السابقين]:ــ

ولفت -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ- إلى حاجةِ النبي محمد صلوات الله عليه وآله إلى سماع ومعرفة قصص إخوته من الأنبياء السابقين، حيث قال: [الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أخبرنا القُرْآنُ الكريمُ بأنه كان بحاجة إلى أن يقصَّ عليه أنباءَ الرسل السابقين قبله، فقَصَّ عليه من أنباء الرسل، وقال بأن الغاية من ذلك هو: {مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}؛ لأن فؤادَ النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) فؤاد رجل، قلب رجل مهتم، يعمل، يتحَــرّك، وأمام كُلّ الأحداث، أمام كُلّ المتمردين، أمام المعاندين، أمام كُلّ الظروف والمواقف الصعبة، سيكون لأخبار الأنبياء السابقين أثره الكبير في تثبيت فؤاده {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} (هود: 120) {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ} (يوسف: 111). رسل الله وتلك الأمم التي بعثوا إليها عدد كبير، وأمم كثيرة، وأجيال متعاقبة، وأزمنة مختلفة، ونفسيات متعددة، وأحوال متباينة].

 

شيءٌ عجيبٌ وغريب:ــ

وتعجب واستغرب -سَلَامُ اللهِ عَلَــيْهِ- من أُمّتنا التي هي تحت أقدام اليهود والنصارى برغم الكم الهائل من القصص القُرْآني والكتب السماوية، حيث قال: [من حسن حظنا نحن المسلمين الذين نحن آخر الأمم أن كان بين أيدينا رصيد عظيم، رصيد مهم مليء بالعبر والدروس، مليء بالمواقف المتماثلة، والمواقف المتباينة، كلها دروس مهمة، تراث مهم.. فمن العجيب، ومن الغريب أن تضلَّ أمةٌ بين يديها هذا التراث العظيم، هذا الرصيد المهم الذي عرضه القُرْآن الكريم بين يديها].

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com