ليتنا نعرف النهايات حتى لا نغتر بالبدايات

شاهر عمير

كَثيرًا ما تبدأ الأمور في حياتنا ببريق يبهرنا، فنندفع نحوها بقلوب مليئة بالأمل، دون أن نضع في الحسبان ما قد تحمله لنا النهايات. فالإنسان بطبيعته يميل إلى التفاؤل، ويرى في البدايات فرصًا جديدة وأحلامًا قابلة للتحقيق، لكنه قلّما يفكر في العواقب والمآلات؛ ولهذا نجد أنفسنا في أحيان كثيرة نصاب بالدهشة أَو الخيبة عندما لا تكون النهاية كما تصورناها.

كم من علاقات بدت لنا في أولها قوية ومبنية على أسس صُلبة، لكنها انتهت بفراق مؤلم؟ وكم من مشاريع ظنناها بوابة للنجاح، لكنها تحولت إلى عبء ثقيل وخسائر لم نكن نتوقعها؟ بل حتى بعض الأحلام التي سعينا إليها بجد، لم تمنحنا السعادة التي كنا نظنها في انتظارنا عند خط النهاية.

الاغترار بالبدايات يعود في كثير من الأحيان إلى قلة الخبرة أَو الانسياق خلف العاطفة دون حسابات منطقية. الإنسان يحب أن يصدق ما يتمناه، فيغفل عن الإشارات التي قد تنذر بنهاية غير سعيدة. لكن الحياة مليئة بالدروس، ومن يراقب تجارب الآخرين أَو يتأمل في الماضي يدرك أن الأهم ليس كيف نبدأ، بل كيف ننتهي.

ورغم ذلك، ليس المطلوب أن نحيا بخوف دائم من النهايات أَو أن نفقد الثقة بالبدايات الجميلة، بل أن نتعامل معها بوعي واتِّزان. علينا أن نتعلم كيف نوازن بين الأمل والحذر، بين الحماس والتأني، حتى لا نُفاجأ بنهايات لم نكن مستعدين لها.

لكن أعظم النهايات وأشرفها هي التي تكون في سبيل الله، في نصرة دينه، ونصرة المستضعفين من عباده، والجهاد ضد الطغيان والظلم. فمهما كانت بداياتنا في الحياة، يجب أن نحرص على أن تكون نهاياتنا خالصة لله، مختومة بالجهاد في سبيله، والعمل على إقامة العدل، والدفاع عن الحق.

فمن ختم حياته مدافعًا عن دينه، ناصرًا للمظلومين، فقد فاز الفوز العظيم، وكتب الله له الخلود في سجل المجاهدين والصالحين. والعاقل من لا يكتفي بحسن البدايات، بل يعمل ليختم حياته بنهاية مشرّفة، يرضى الله بها عنه، ويسجل بها اسمه في سجل الأبرار والشهداء.