وقفُ إطلاق النار في لبنان

د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي

استبشر الناسُ خيرًا بما جرى في لبنان الأسبوعَ الماضيَ بعد أن سطّر أبطالُ المقاومة الإسلامية البطولاتِ الكبيرةَ، والتي سوف تُكتَبُ بأحرفٍ من نور في أسفار التاريخ، بعد أن أحرجت الكيانَ الصهيوني ومنعته من تحقيق أهدافه المعلَنة لعملياته العسكرية في جنوبي لبنان، وهو الذي كان يراهن على تحقيقها بسرعة وبأقل الخسائر، خَاصَّةً بعد عمليات تفخيخ (البيجرات) وأجهزة النداء واستشهاد القادة، لكن كانت المفاجأة أن المقاومة الإسلامية تمكّنت من استعادة عافيتها وحافظت على توازنها بوقت قياسي؛ مما مكّنها من منع قوات الاحتلال الصهيوني من التوغل داخل الأراضي اللبنانية، وفي نفس الوقت عملت على مواصلة قصف شمالي الأراضي المحتلّة وتوسعت وتيرةُ القصف حتى وصلت صواريخُ المقاومة إلى معظم الأراضي المحتلّة من الشمال إلى الجنوب، وكانت كُـلَّ يوم تزيدُ من عدد الصواريخ التي تُطلِقُها، وكان العدوُّ الصهيوني قد حاوَلَ التأثيرَ على جمهور المقاومة وبيئته الحاضنة، من خلال الإفراط في قصف المنازل والأحياء المدنية في الضاحية الجنوبية والبِقاع والجنوب، ولكنه فشل في ذلك بعد أن بدأت خسائرُ العدوّ البشرية والمادية تتوالى وتشكِّلُ ضغطًا عليه من قبل المستوطنين.

وخلال الشهرين الماضيين -وفي فترة الحرب في جنوبي لبنان– كان المبعوثُ الأمريكي يأتي ويذهب دون أن يعلَن عن أي تقدم في موضوع وقف إطلاق النار، ولكن عندما أصبحت خسائرُ العدوّ الصهيوني غيرَ قابلة للتحمُّل، هرع وزير الشؤون الاستراتيجية الصهيوني إلى واشنطن لطرح الأمر على المسؤولين في واشنطن، ويبدو أنه طلب منهم التدخل، فعاد المبعوثُ الأمريكي إلى بيروت بتفويض من الرئيس الحالي بايدن والرئيس القادم ترمب لتحريك مِلَفِّ وقف إطلاق النار، وقدَّم العدوّ الصهيوني في سبيل ذلك العديدَ من التنازلات، مقارنة بالأهداف التي كانت مطروحةً في بداية الحرب، ثم توالت التصريحاتُ من مختلف الأطراف تبشِّرُ بقُرب الاتّفاق على وقف إطلاق النار، وتم إعلانُ الاتّفاق.

ومنذ بدء تنفيذه في فجر الأربعاء 27/11/2024م، ما زال الاتّفاقُ يتعرَّضُ للاختراقات الصهيونية، ولم يستقر حتى اليوم.

وكما رأينا أن الاهتمامَ الأمريكي بوقف إطلاق النار جاء في إطار إنقاذ العدوّ الصهيوني وإخراجه من الوحل اللبناني الذي كان يغوصُ فيه بشكل كبير مع مرور الوقت، وما زالت خلفياتُ الاتّفاق لم تتكشَّفْ بعدُ؛ ونظرًا لأَنَّ الاتّفاقَ يعتبر نصرًا للمقاومة؛ فمن المتوقع أن هذا الاتّفاق يُعتبَرُ تأجيلًا لمعركة قادمة سيخوضها العدوّ الصهيوني مع المقاومة الإسلامية في المستقبل.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com