حصارُ اليمن واضحٌ خطرُه زائلُ ضرُرُه

ق. حسين بن محمد المهدي

مما لا ريبَ فيه أن كُـلَّ أمر يقعُ به الفساد ويعظم ضرره على العباد عاقبته الزوال، مهما طال أمده، واستفحل ضرره.

فالظلم عاقبته عقابُ مَن ظلم، بذلك ربنا سبحانه وتعالى حَكَمَ: (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً).

حصار اليمن صانعه مذموم، والمتلبس به ملوم، والمصر على استمراره متشبث بالأوهام والظنون.

المصر على الحصار هالك والمتمسك به متهالك (وَتِلْكَ الْقُرى‏ أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً)

أربعة عاقبتها البوار:

١- البغي في الأرض بغير حق.

٢- والإصرار على الخيانة والغد.

٣- وظلم الأبرار.

٤- وإساءة الجوار.

فإلى متى يبقى التحالف في غفلته؟

فكل أمر لا يداوى قبل أن يعضل، ولا يدبر قبل أن يستفحل عجز به مداويه، وصعب تداركه وتلافيه، فهل من عاقل يصلح ما فسد قبل الهلكة والعطب؟

الدنيا دول تبينها الأقدار، ويهدمها الليل والنهار؛ فسبب هلاك الملوك وخراب الممالك إطراح ذوي الفضائل، واصطناع ذوي الرذائل، والاستخفاف بعظة الناصح، والاغترار بتزكية المادح.

فكيف بمن يمنع عن الناس بره ويأمل من الناس شكره، ويفعل بالناس شَرًّا ويتوقع من الناس خيراً.

إن هذا لَشيءٌ عجاب؟

حصار اليمن من قبل جيرانه مما تُحَار فيه العقول.

فمن يحاصره لا يستفيد في اقتصاده ولا سياسته وملكه ورئاسته، وحصاد ذلك الإثم والعدوان.

وطاعة أولياء الشيطان من الصهيونية واليهود؛ بقصد استصغار اليمن في أعينهم، وهي كبيرة في مكانتها، قوية في أُخوتها.

وإنما الدرة بوضاءتها، والأيدي بأصابعها، والملوك بصنائعها.

أهل اليمن شهد لهم نبي الرحمة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- بالإيمان والحكمة: (الإيمان يمان والحكمة يمانية).

من استنصر بهم بعد الله نصروه وحفظوه وآووه وأيّدوه.

ومن أساء إليهم وقاطعهم قَلَوه ونبذوه وإلى الهلكة أوصلوه، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، وهم رَحَمُ العرب وأصلُها، الرفق شعارهم.

أهل اليمنِ أهلُ اليُمْن والبركة، والذكاء والفطنة والوفاء والحكمة (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)، رحم العرب وأصلها: (لما خلق الله الرحم قال: أنا الرحمن وأنت الرحم شققت اسمَك من اسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك بتته)

هم أهل الرأي السديد والبأس الشديد (قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ).

فكيف بجيران اليمن لا يحترمون حق الجوار، وقد كانت العرب في الجاهلية لا يسمحون بمؤاذاة جيرانهم؛ فهذا جسَّاس يقول:

إن للجار علينا

دفعَ ضيمِ بالعوالي

فأقل اللوم مهلا

دونَ عرض الجار مالي

سأؤدي حقَّ جاري

ويدي رهن مقالي

أو أرى الموت فيبقى

لؤمه عند رجالي

وقد جاء الإسلام واعتبر ذلك من الأخلاق الحميدة.

لقد حث القرآن في المحافظة على حق الجوار فقال سبحانه: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شيئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إحساناً وَبِذِي الْقُرْبى‏ وَالْيَتامى‏ وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى‏ وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ إيمَـانكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُختالاً فَخُوراً).

وقد بين رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عظيم حق الجار، فقال: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جارُه بوائقَه)

ومن أبلغ ما يؤثر من الزجر عن إيذاء الجار قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (إن أنت رميت كلبَ جارك فقد أذيته)

وينبغي للمسلمين اليوم أن يحافظوا على هذا الأدب السامي الرفيع.

وليس عيبا أن يعودَ الإنسان عن مكروه حصل من قبله على جاره فيعتذر له، بدلًا عن إفادة العدوّ الصهيوني من هذا الحصار، فَــإنَّ الرجوعَ إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل.

وعلى الكل أن يتجه في حمل راية الجهاد وتحرير فلسطين ونصرتها فهم جوار لفلسطين وعليهم حقوق.

فهذا الظلم لفلسطين ولليمن من قبل جيرانهم مصيره إلى زوال، وسيشهد العالم كله نصر الله الذي وعد به ويصير المحاصَرون محاصِرون لليهود، وإن غدًا لناصره قريب.

فقد كانت مكة محاصرة للإسلام معادية له في سابق عهدها ولم تمر ثماني سنوات من الهجرة حتى فتحت فمَهما طال أمد الظلم فَــإنَّ الله يزيله (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرض كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ).

العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com