جيل الدورات الصيفية: الجيل الذي يعد نفسه للعدو!

 

أمة الملك قوارة

في خضّمِ وطأة مرحلة الترويج لانحلال الشباب المسّلم وتخلفه عن مبادئهِ وأخلاقهِ وقِيمه وتقدّيم الوقت كعاملٍ ترفيهي تُستنزف فيه مجمل طاقة الشخص، ومع تضخم الحرب الإعلامية التي تساند الضياع وتقدم المواد الهابطة التي لا نفع منها سوى انهيار الشخص ثقافيًّا وإنتاجيا، وفي عصر مُددت فيه مرحلة الطفولة لتجعل من الأجيال متماهين في شخوصهم ومسؤوليتهم؛ لتحقيق رغبة العدوّ في انتزاع نضجهم المبكر، هنا تبزغ دوراتنا الصيفية لتعطي نماذج تُشّرف وتتشرف بها الأجيال ولتكن قُدوة لمن يلحقها في نفس المسار، دورات هي الأضخم معرفة للأحداث والوقائع والحقائق وترفيهٌ للعقل بالعلم والمعرفة وصقل للجوارح بالعمل، وتهذيب للنفس باستغلال النافع والمفيد من العلم والعمل وتقييد الرغبة في استنزاف الوقت وطاقة الإنسان للتحول إلى مرحلة إدراك كُـلٍّ منهما وأهميتهما..

قدّم العدوّ حروبه بشتى الأساليب والوسائل إغراء وترغيبا؛ ووقع في مصيدته العدد الأكبر على مستوى شباب أمتنا وأصبحت مواده عادة وسلوكاً غُرس في تصرفات أجيالنا؛ لتتعاقب الأجيال وهي خالية من أي شيء يربطها بثقافتها الإسلامية وهويتها وحتى تاريخها، ولم تعد ثوابت تلك الأجيال سوى مسميات ومصطلحات عابرة، حَيثُ نلحظ أن العدوّ استهدف مسبقًا المناهج التعليمية وقدّم الإعلام الطفولي الشاذ وانتهج الحرب الناعمة والفكرية وجسد الطفولة في مصطلح ترفيه وتمييع؛ كُـلّ ذلك ليكن الناتج أجيال يحركها العدوّ ويأمن من أن تكن يوماً محمية بفكر أَو حاوية لقضية! والأمثلة نراها اليوم في وطننا العربي والإسلامي! فما المخيف في دوراتنا الصيفية والتي كشر العدوّ بأنيابه وأبواقه الإعلامية تجاهها؛ ولمَ الرعب ينتابه حين رؤية صغارنا يلتحقون بها؟! وعلى سبيل المقارنة أيٍّ منهما أحق علم ينتهج منه الجيل ثقافته ويتشرب منه هويته ويصبح ذو قيمة في الحياة أم ضياع في الملاهي وأمام شاشات التلفزة وبين العاب الهواتف إلى الضياع الكامل!..

رأينا كيف أصبحوا قادةً من تخرجوا من تلك الدورات وكيف أذاقوا العدوّ الويلات فكيف بشعبٍ كبيرهُ في الجبهات وصغيرهُ في المراكزِ الصيفية! وذاك الصغير يتجهز ليكون بذلك المستوى القرآني من الوعي والبصيرة في قيادة الحياة ومواجهة العدوّ الذي يحاول أن يجعل من أمته وحضارته ودينه مُجَـرّد ماض لا قيمة له.

إن القادم لن يكون بخير للعدو الأخطبوط فأذرعه التي اليوم تُبَتّر أطرافها، قادمٌ سيكون في مواجهة جيل سيمحي جذوره، جيل يعرف معنى الحرّية والكرامة والقضية ومعنى واجبهُ الديني والأخلاقي وَالقَيّمِي في عالمٍ فُقِدّتْ كُـلّ معالم أخلاقه وإنسانيته، جيل هو اليوم يرى حجم المآسي! التي تعيشها أُمته ويتعلم كيفية الدفاع عن نفسه وعرضه وعرض وكرامة المسلمين وهو في حصانة من حروب العدوّ اللينة بِسُمها الناعم وتأثيرها المريع! محاط بهويةٍ لن تجعله يسقط في مستنقع الوَهن ومحمي بثقافةٍ ستجعله قوة ضاربة مميزة لكل ألاعيب العدوّ وأنواع مكره وحروبه.

هي المراكزُ الصيفية التي تُعادل في فائدتها ومدى نُضْج الأجيال فيها أضعاف ما تَهَبُهُ المدارسُ لأجيالنا من وعيٍ وعلمٍ وإدراكٍ، مراكزُ يكتسح فيها أبنائنا وصغارنا مرحلة الرجولة مبكراً؛ ليكونوا لَبِنة قويةً وأَسَاسا متينا لوطنٍ وأمةٍ حُق لها أن تنّهض من جديد، وهي تعايش مقدارَ جبروت العدوّ وغطرسته ودمويته وتمكّنه من دم وعرض الأُمَّــة فبينما هناك شعوب مسلمة تباد أجسادها وتدمّـر بنيتها هناك شعوبٌ مسلمة أُخرى يُباد فِكرها وتُمحى هويتها! وجيلنا أصبح اليوم يعي ذلك وحجم المأساة ويعد نفسه للمواجهة بحرقةِ وعنفوانيةِ الإسلام وحرية المؤمن الذي يأبى الضيم وتهون لديه حياته في ظل أُمَّـة يغزوها الذّل فيأبى إلا أن ينتصر لدينه وعرضه، وفي خضم ما يحدث يَدرك العدوّ أن أجيالنا تعد نفسها لمواجهته، وتَدرك أجيالنا جيِّدًا ما يجب أن تكون عليه في عُدَّتها للمواجهة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com