البصيرة في مواجهة الحرب الناعمة

لؤي زيد بن علي الموشكي

في البداية يجب علينا معرفة أن البصيرة هي الشرط اللازم والأَسَاسي للنجاح في كُـلّ شيء للتوصل إلى تحقيق الأهداف.

جميعنا بلا شك نعرف أن البصر هو أهم حاسّة من حواسّ الإنسان ويليها السمع، وما يدل على أهميّة البصر وتقدّمه على بقيّة الحواس هو ما دلّت عليه دراسة علميّة تفيد أن 75 % مما يتعلّمه الإنسان يأتي من البصر، وأنّ 15 % من السمع، و10 % من بقية الحواس.

يوجد شيء أهم من البصر وغيره من الحواس، يمكنني القول إن جميع الحواس ليست بأهميته، فهذا الشيء هي “البصيرة” وما أدراك ما البصيرة، فالإنسان الفاقد للبصيرة مصيبته أكبر وأعظم من الإنسان الفاقد للبصر، كما قال الإمام علي سلام الله عليه: “ذهاب البصر خير من عمى البصيرة”.

الكثير لا يعرف معنى البصيرة ولا يدرك أنه بدون البصيرة فهو جاهل حتى لو حصل على أقوى الشهادات العلمية وتعلم في أفخم الجامعات، سنشير هنا إلى معنى البصيرة وأماكن ذكرها من الناحية الدينية وآيات وأحاديث ذكرت في القرآن الكريم عن البصيرة..

إنَّ كلمة البصيرة من الكلمات التي استعملت كَثيراً في النصوص الدينية، قرآنًا وأحاديث، ففي القرآن الكريم وردت في قوله تعالى:

– ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ، عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.

– ﴿بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾.

وفي الأحاديث الشريفة وردت البصيرة في: توصيف كمال العقل، ففي الحديث النبويّ الشريف: “قسم العقل على ثلاثة أجزاء، فمن كانت فيه كمل عقله، ومن لم تكن فيه، فلا عقل له.

فالبصيرة ترشدنا إلى الهداية، فمن كان دون بصيرة قد يختلف ويتأثر بأتفه الأشياء والتي معروفة.

سنذكر قصة متداولة توضح ذلك:

حادثة طريفة حصلت مع شخصٍ ما في أحد المستشفيات حينما كان يزور مريضًا، وكان إلى جانب المريض مريض آخر يجلس قربه زائران يتخاصمان في ملكيّة أرض، وحينما رأيَا هذا الشخص الذي أتى لزيارة المريض هلّلا؛ باعتبَار أنّ هذا الشخص سيجيبهما عَمَّا يتخاصمان حوله، وفعلًا طرحا المسألة عليه، وكانت واضحة، وجوابها الشرعي واضحًا أَيْـضاً، وحينما أجابهما بتعبير بيّن، قال الأول للثاني: “سمعتَ”، وقال الثاني للأوّل أيضًا: “سمعتَ”.

إنّ ما سمعه كُـلٌّ منهما هو أمرٌ واحد، لكنَّ فَهْمَ الأول اختلف عن فهم الثاني، لماذا؟؛ لأَنَّ هناك محطّةً وسيطةً بين المعنى المراد والفهم تأثّرَتْ في الأول بعوامل معيّنة، بينما تأثّرَتْ عند الثاني بعوامل أُخرى.

فبعض الأحيان قد ينخرط الإنسان ويكون صادقاً في نيته فعلاً ينخرط في العمل ضمن مخطّطات العدوّ، وذلك؛ بسَببِ فقدانه للبصيرة، فكما قال الإمام الخامنئي رضوان الله عليه: مؤشر تشخيص الحق لا يعتمد على الأشخاص بل على البصيرة لتمييز الحق من الباطل؛ لأَنَّ الكثير من الشخصيات المعروفة تخطئ.

في الختام ينبغي علينا كشباب مؤمن أن نفتح أعيننا وألا نمر على الأحداث مرور الكرام؛ كي نحقّق البصيرة في ضوء التأمل والتدبر والتقييم الصحيح للأحداث والقضايا.

فاللهم إنّي اسألك أن تجعل النور في بصيرتنا، والبصيرة في ديننا، واليقين في قلوبنا”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com