ذاكرة العدوان 23 إبريل خلال 9 سنوات

99 شهيداً وجريحاً في قصف عرس بني قيس في محافظة حجّـة

استشهادُ وإصابة 10 بينهم نساءٌ وأطفالٌ في قصف مبنى كلية المجتمع بمحافظة إب

المسيرة – منصور البكالي:

يعد يوم الـ 23 من شهر إبريل نيسان من الأيّام الدامية للعدوان الأمريكي السعوديّ على مدى 9 سنوات مضت.

في مثل هذا اليوم تراكمت أوجاعُ اليمنيين وأحزانُهم؛ جراء القصف الهستيري المتواصل للعدوان، واستهدافه لكل مقومات الحياة، بما فيها الأعراس، والأسواق، ومنازل المواطنين.

وفيما يلي سرد لأبرز الجرائم خلال هذا اليوم وعلى مدى 9 سنوات:

 

23 إبريل 2015.. شهداء وجرحى في قصف للعدوان على مبنى كلية المجتمع بمحافظة إب:

في يوم 23 إبريل من العام 2015م، واصل العدوان السعوديّ الأمريكي، سلسلة جرائمه المستهدفة للمدنيين والأعيان المدنية، حَيثُ حلق بطائراته في سماء محافظة إب، محدّداً مبنى كلية المجتمع، وسكن الطلاب، ومنازل المواطنين المجاورة لها بمديرية يريم هدفاً لعملياته العسكرية ضد الشعب اليمني.

طيران العدوان بدأ يلقي حمولتَه الصاروخية الحاقدة على مباني وملحقات الكلية، وعدد من منازل المواطنين غارة تلو أُخرى؛ ما أفزع الموطنين، وَقضَّ مضاجعَهم، وأخرجهم مسرعين من منازلهم صوبَ الواحات المفتوحة والمزارع؛ خشية أن تحولهم غارات العدوان إلى جثث متفحمة تحت ركام المنازل.

استمرت الغارات حتى وقت الظهيرة، والأهالي يشاهدون بيوتهم ومنازلهم تدمّـر وتدك أمام أعينهم، فهذه عجوز فقدت بعض أبنائها شهداء وجرحى، وتروي مشاهد استهداف غارات العدوّ لمنازل أولادها الستة واحداً تلو الآخر.

وهذه الأم تحمل رضيعها، وذلك الكبير يحمل عدداً من الأطفال، وذاك يقتاد أمامه شائباً مسناً، أَو حاجاً مقعداً، صوب الجبل، وفي الكهف.

أعمدة الدخان، والغبار تتصاعد في سماء يريم، ومعها تحترق ملفات ومكاتب ومدرجات وقاعات المحاضرات الدراسية، وتتحول مع أثاث المواطنين وجدران منازلهم كالعهن المنفوش في ساحة الجريمة المروعة والدمار المهول.

أسفرت غارات العدوان عن استشهاد 3 مدنيين وجرح 7 آخرين بينهم أطفال ونساء، ودمار كلي لمبنى الكلية وملحقاتها وسكن الطلاب فيها، وعدد من منازل المواطنين، وخلقت حالة من الرعب والخوف، وموجة كبيرة من النزوح نحو الجبال المجاورة.

في هذا اليوم العبوس، فقد العديد من أبناء يريم منازلهم وأمتعتهم وزادهم وفرشهم وباتوا في غمضة عين بلا مأوى، وفقد معهم طلاب كلية المجتمع والعلوم الإدارية الملتحقين بأقسامها مستقبلهم وأحلامهم ودراجاتهم وكليتهم ومحتوياتها المختلفة، فيما فقد العدوان السعوديّ الأمريكي قيمه ومبادئه وإنسانيته وانتمائه للمجتمع البشري، معلناً بهذه الجريمة الشنعاء توليه للشيطان وتجنده لخدمته؛ ليسعى في الأرض الفساد ويهلكَ الحرث والنسل.

وعلى الرغم من المأساة والأحزان والألم ووقع الجريمة على أبناء مديرية يريم وكل أبناء الشعب اليمني الأحرار، لم ينقشع غبار ودخان غارات العدوّ من سماء المكان، حتى تحَرّكت جموع الشباب المجاهدين في سبيل الله أفواجاً، ليذيقوا عدوهم شدة بأسهم وصبرهم وجهادهم ضد هذا العدوّ المتغطرس.

 

 23 إبريل 2018.. 88 شهيداً وجريحاً في جريمة إبادة جماعية لعرس بني قيس بحجّـة:

في يوم 23 إبريل نيسان من العام 2018م، كان طيران العدوان المحلق في سماء اليمن يرصد الجموع، وتوافد الضيوف بدقة عالية، ومرتزِقته المندسين يوثقون ويحدّدون ويقدمون المعلومات ويضعون الشرائح في باقات الفل والورود، فيما غرف العمليات في الرياض ترسل نُسخةً من البرقيات إلى مركز القيادة والسيطرة في البيت الأبيض وأُخرى إلى “تل أبيب” في فلسطين المحتلّة.

ما الخطب؟ وما نوع الهدف؟ إنه حفل زفاف في منزل المواطن جعفر مصابي، بقرية الرقة بمديرية بني قيس في محافظة حجّـة، حَيثُ بدأ الليل وطقوس الزفاف وارتفاع الأنغام والأفراح، وتراقص الضيوف والولدان على البرع والمديح والألحان الإنشادية اليمانية الشهيرة، كما هو حال الفرح الأكثر بهجة وسروراً، حسب عادات وتقاليد أبناء المنطقة.

عاد الرد من أعلى هرم للعدوان، ووصلت الأوامر والتوجيهات: “شنوا عليهم أقسى الغارات”، معتبرين مكان الفرح هذا، هدفاً مدنياً ثميناً، يتناسب مع مخطّطاتهم في قتل الشعب اليمني وإبادته ومحاولة دفعه للاستسلام!

بضغطة زر، حولت غارات طيران العدوان المشهد 360 درجة، من الفرح البهيج إلى الحزن العميق، وتحول الضيوف إلى جثث وأشلاء وقطع وأوصال تتراقص في الهواء مع خليط شظايا الصواريخ والدمار والغبار والدماء، على أصوات الانفجارات والصرخات والاستغاثات، وأنَّات الأطفال والنساء والعجزة الجرحى من تحت الركام، ومن وسط لهيب النار المرتفع.

أهوال كارثية، واقعة مزلزلة، فاجعة وطامة لم يستوعبها أبناء مديرية بني قيس وكل من شاهدها على شاشات التلفزيون من اليمنيين.. لقد تحولت الفرحة إلى أكبر مأتم، ليتم تدوينها في سجل العدوان الإجرامي كواحدة من أبشع الجرائم بحق الأعراس، بعد مجزرة عرس سنبان.

كانت جريمة معقدة، وتفاصيلها أكثر تعقيداً، وألماً وحزناً ووحشيةً لم يستوعبها العقل البشري والفطرة السوية.

مشاهد الجثث فوق الخراب وعلى الركام ومعلقة على الأشجار، أوصال وأجزاء جسدية بالدماء مروية، وغبار وبارود وجثث متفحمة عن يمين وشمال، ومن حولك في كُـلّ مكان يسقط عليه نظرك، وسط تحليق مُستمرّ، وغارات تلوَ غاراتٍ تدك أجساد الضحايا، وتنهي حياة الجرحى، وتستهدف المسعفين.. إنها محنةُ بني قيس، فمن يقترب من مكان الجريمة يستبيح طيران العدوان دمه ويزهق روحه بغارة تلو أُخرى.

عرس بني قيس الذي كان على مقرُبة ساعات لدخول القفص الذهبي، كتبت له غارات العدوان السعوديّ الأمريكي، الحزن، وأغلقت في وجه ضيوفه أبواب الحياة، فأهلكت النسل قبل الحرث، تقرباً للشيطان الأمريكي.

هنا طفل في عمر الزهور يصرخ كمداً وحزناً، ويحلق فوق جثة أبيه، يحاول المسعفون سحبه جانباً، وهو يلحق بجثة والده ويتمسك بها، ويتشبث بها أكثر وأكثر، وكلما عاودوا إبعاده كانت قبضاته النحيلة، ممسكة بتلابيب جثة هامدة أقوى وأقوى.

كان الطفل يرمي بنفسه مرة تلو أُخرى على الجثامين، وهو يردّد ويصرخ: “أبي أبي… لا تأخذوا أبي، ادفنوني معه” في مشهد مشهور يقطع القلب، والمشاعر ويفجِّر ينابيع الدموع والأحزان.

الأشلاء لم تفرز، ولن يقدر على فرزها ومعرفتها أحد، لتجمع بعد ذلك في طرابيل وأكياس بلاستيكية، وما عرف منها سوى القليل، في مجزرة راح ضحيتها 33 مواطناً، و55 جريحاً، وتدمير كلي لقرية ريفية على رؤوس ساكنيها، ليكون لقاء العريسَينِ الشهيدَين عند مليك مقتدر، ويكون لبني قيس وكل أبناء الشعب اليمني الحزن والألم، وللعدوان ومرتزِقته في فنادق الرياض اللعنة إلى يوم الدين.

مجزرة بني قيس واحدة من مجازر العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن منذ 9 أعوام، وَهي جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، والمواصفات والمعايير حسب المواثيق والمعاهدات والقوانين والشرائع السماوية والدولية والإنسانية، في ظل تواطؤ أممي مفضوح، وعالم خانع أمام جبروت المستكبرين جنود الشيطان وحزبه.

ستظل مجزرة بني قيس ومثيلاتها من المجازر الوحشية وجرائم الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الشعب اليمني، تستصرخ القانون الدولي العام، والأمم المتحدة، والضمير الإنساني، والمجتمع البشري بالتحَرّك لحماية ما بقي من القيم والمبادئ والنواميس الأخلاقية والإنسانية في هذا العالم، وتناشد محكمة الجنايات الدولية بسرعة محاكمة قيادات دول العدوان على اليمن، محذرة ببشاعتها وقسوة مشاهدها شعوب العالم من الصمت عن تواطؤ الحكومات والأنظمة مع رأس الشر وأم الإرهاب أمريكا و”إسرائيل” وأذيالها.

فبأيٍّ منها تكذِّبون، ولأيٍّ منها تبرِّرون؟!

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com