إنهم جُنْــدٌ مغرَقون

 

شائق زرعان

أرسل الله سبحانه وتعالى موسى (عليه السلام) إلى فرعون، عندما بلغ فرعون ذروته في الطغيان والفساد والعلو والاستكبار، حتى وصل به طغيانه وعلوه واستكباره إلى ادِّعاء الربوبية، وعندما جاءه موسى (عليه السلام) يدعوه إلى الإيمان بالله ومعه من المعجزات الإلهية والآيات العظيمة ما يثبت صدق نبوته.

كذَّب فرعون بآيات الله وأصرَّ على المعصية، وزَعَمَ إن ما جاء به موسى السحر، وأن باستطاعته هو والسحرة أن يأتوا بمثل ما جاء به موسى (عليه السلام).

طلب من موسى موعداً، ودعاء وحشَّد الناس لحضور المنافسة التي يتواجه فيها موسى (عليه السلام) مع السحرة، وتتواجه فيها المعجزات الإلهية مع السحر؛ لأَنَّ كبر فرعون أعماه عن الحقيقة؛ لذلك اعتقد وجزم أن السحرة سيتغلبون على موسى (عليه السلام)، ويفند ما جاء به موسى أمام الملأ، ويتم القضاء على موسى (عليه السلام) هو وأصحابه.

وعندما رأى السحرة الآيات والبيّنات، وتم إبطال السحر الذي جاءوا به، ما كان من السحرة إلا أن آمنوا برب موسى.

لكن كبر فرعون أفقده البصيرة، وقرّر القضاء على موسى وأصحابه؛ فهم قلة مستضعفون لا يساوون شيئاً مقابل قوة فرعون وجيشه وإمْكَانياته.

ذهب موسى ومن معه اتّجاه البحر، وكان فرعون وقومه يتبعونهم، قال أصحاب موسى مخاطبين له: إنّا لمدركون.

لكن هذا الرَّجُل الواثق بالله، المتوكل على الله قال: كلا إن معي ربي سيهدينِ.

في هذه اللحظات جاء الأمر الإلهي قال تعالى: (فَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُـلّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) سورة الشعراء- آية (63) وقال تعالى: (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) سورة الدخان- آية (24)، فثقة موسى القوية بالله منحته التأييد والنصر الإلهي، وما كان موسى وعصاه إلا سبباً في القضاء على فرعون وإمبراطوريته.

فما أشبه زماننا اليوم بذلك الزمان! وحاضرنا بذلك الماضي!

فعندما نقوم بالمقارنة بين الأحداث، كأن التاريخ يعيد نفسه.

أولاً -عندما ننظر إلى فرعون وطغيانه وإفساده في الأرض، وما كان يقوم به من تفريق الناس وتحزيبهم، واستضعاف أعدائه وقتلهم؛ ونظرنا إلى أمريكا وهيمنتها على العالم، وما تقوم به اليوم من نشر للفساد، وتفريق الناس وتحزيبهم، وتصنيفهم إلى عالم متحضر وعالم متخلف، وما تقوم به من إبادات جماعية، وتطهير عرقي لبعض الأعراق وَالأقليّات، واستهداف من يعارض سياستها أَو يحاول الاستقلال والتحرّر.

ثانياً -وضعية الأُمَّــة وحالة الذل والهوان التي وصلت إليها في ذلك الزمان، وأنه لا يوجد رجل يتجرأ أن يقول ولو كلمة حق واحدة في وجه فرعون؛ فبعث الله موسى (عليه السلام) وفيه من الشجاعة والإيمان والثقة بالله ما يؤهله للوقوف في وجه فرعون وقوته وبطشه وحيداً، وكان موسى رجل المرحلة.

كما هو حال الأُمَّــة الإسلامية، وما تعيشه اليوم من ذل وهوان وضعف، وحالة العجز التي تظهر بها أمام الأمريكي، اصطفى الله لنا علم الهدى السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، الذي يمتلك من الشجاعة والحكمة والإيمان والثقة بالله ما لا يمتلكه غيره، ووقوفه ومساندته لغزة يؤكّـد عظمته وشجاعته.

ثالثاً -القوة والإمْكَانات التي كان يمتلكها فرعون في ذلك الوقت، وما تمتلكه أمريكا في الوقت الحاضر.

رابعاً -مكان المعركة البحر الأحمر؛ فالمكان الذي غرق فيه فرعون وجنوده (خليج السويس)، واليوم تغرق البحرية الأمريكية في باب المندب.

فما يجب علينا اليوم هو التسليم المطلق لله، ولعلم الهدى السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، لا أن نقول مثل ما قال بنو “إسرائيل” لموسى “..فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ”.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com