فلسطينُ بين الوحشية والانتصار

 

بتول عبدالله الحوثي

معاناة الفلسطينيين تتفاقم منذ 48 م وحتى اليوم، لا حُرمة لدمائهم، ولا قانون يحميهم، ولا جيش يدافع عنهم، فحقهم مسلوب، وشعبهم مغلوب، وبلدهم منكوب ورأيهم محجوب، على مرأى ومسمع من الشعوب.

وطنهم يدمّـر، ومنازلهم تهد على رؤوسهم، أعراضهم تنتهك، نساؤهم تسجن وتعذب، حرمتهم تستباح، أسرهم تشرد مستشفياتهم تقصف، وحتى ملاجئ النازحين لم تسلم من الإجرام.

الفاعل ليس مجهولاً بل مجموعة حقراء، لا وطن لهم فيسكنون فيه، ولا شرعية يستندون عليها، ولا حق فيطالبون به ولا بلد يعترف بهم، ولا ديانة تحتويهم، ولا سلطان يتبجحون به، ولا سلطة يتكئون عليها.

صنعت الصهيونية لأقليات منبوذة من قبل الخلق والخالق صلاحية وهمية، وخلقت لهم مجلس أمن وقانوناً دوليًّا، وأصبحت؛ مِن أجلِهم أمماً متحدة، وأعدت لهم حقوق إنسان وحيوان؛ كُـلّ ذلك ليكون إجرامهم مقبولاً واحتلالهم شرعياً.

بلغ الطغيان ذروته فالقدس تدنست، وغزة غزيت وجنين جُني عليها، ولا حفظ لبقية المحافظات وأبناؤها يعيشون الخوف ويتجرعون الوجع، وأعداد قتلاهم لا تعرف جنساً أَو سناً؛ فالكل مستهدف، وهي في تصاعد مُستمرّ.

وتنوعت أشكال الوحشية بين قتل وجرح واستباحة وأسر واغتصاب، وتطورت أساليبها من ركل بالبيادات إلى قصف بالطائرات إلى سحل بالسيارات إلى دهس بالدبابات، وتفننت قوات الاحتلال في التعذيب فتعرية المرأة الأسيرة أمر يسير واغتصابها وبقر العيون وقلع الأظافر لا يثير، والتمثيل بالجثث وإعدام الأطفال من المنجزات.

ولم يكف تجارُ الحروب، سرقة أوطان وأغصان وأرواح وأفراح الأحياء، بل ويسرقون أعضاء الموتى من قبورهم، المستشفيات في قائمة أهدافهم ليصلوا بذلك إلى الجرحى والمرضى، وأما من تشرد ونزح فهو عرضة للموت إما بمنع المعونة عنه أَو إنزال المعونة نفسها على رأسه.

كلّ تلك الوحشية قابلها صبر وعزم واستبسال وإقدام فلم يخضع الشعب الفلسطيني ولم يستسلم؛ يواجهون عدوانه ويدفعون طغيانه ولسان حالهم يقول: “اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا”.

تحَرّكوا واثقين بوعد الله “إِنَّ الأرض للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ” وجعلوا من حجارة الأرض سلاحاً يحاربون به من بغى فيها بغير الحق، ويرمون به من أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكان الصبر والصمود ديدنهم، وأرواحهم فداء لمقدسات دينهم.

لم يفرغ الفلسطينيون ساحتهم ليسرح المجرم ويمرح كيف يشاء، ولم يخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، لم يبيعوا أرضهم ولم يسلموها لعدو الله وعدوهم، بل صبروا وصابروا ورابطوا حتى يأتي نصر الله، ألا إن نصر الله قريب.

وها هم أطفال الحجارة اليوم وبكل حماس في حركة الجهاد والفتح وسرايا القدس وغيرها يتحقّق لهم وعد الآخرة وتعذب على يديهم الأُمَّــة؛ لأَنَّهم يعلمون علم اليقين أن الأرض لله، وأن العزة لله، وَالْعَاقِبَةُ لِلْـمُتَّقِينَ.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com