الإعجازُ في قَصَصِ القرآن الكريم (3).. (سرُّ الإعجازِ في قصصِ القرآن)

 

عبدالمجيد إدريس

مما يلفت الأنظار ونحن نقرأ قصة في القرآن أنه يهمل التاريخ، وفي بعض الأحيان الأشخاص والزمان والمكان، وهي ما تسمى بعناصر القصة ومع أن هذه العناصر لا بد أن تكون متوفرة في القصة الأدبية إلا أن القرآن ليس كتابًا في التاريخ يهتم ببيان العدد والزمان والمدة والمكان، ومع ذلك فَــإنَّ القرآن لا يهملها مطلقا فهو يذكرها إذَا كان هناك حاجةٌ لذكرها.

نجد مثلًا في قصة أصحاب الكهف أن التاريخ والزمان مجهول وكذلك بالنسبة للمكان واسم ملكهم وفي أي حِقبة من التاريخ حدث ذلك، وهذا لا يعني ضعف القصص القرآني، وإنما يعني أنه لا فائدة في ذكرها وعندما أسقطها القرآن فهو لذلك ولو كانت تزيد المشهد جمالًا وقوة وتأثيرًا لذكرها؛ فإسقاطها وذكر غيرها كُـلّ ذلك يعود لغرض وهدف عظيم له علاقة بحياة الإنسان وواقعه.

وعندما نتأمل لعناصر القصص القرآني نجدها موزعة لتسليط الضوء على موضوع معين وقد يكون عنصر واحد هو البارز في القصة.

ومما يلاحظ أَيْـضاً أن عنصر الأحداث هو البارز في مَعرِض التخويف والإنذار.

وعنصر الأشخاص هو البارز في معرض الإيحاء أَو تثبيت المؤمنين.

وعنصر الحوار هو البارز في مَعرِضِ الدفاع عن الإسلام.

أحبتي القراء، أين يكمن سر الإعجاز في القصص القرآني؟

يمكن أن نقول إنَّ سر الإعجاز في جمال التعبير واللفظ وكذلك في المحتوى والمعنى وأُسلُـوب العرض.

من المهم عندما نقرأُ القرآن أن نتدبر قصصه ونستفيد منها؛ ففيها من الإعجاز ما يجعل النفس الإنسانية خاضعة ومستسلمة لله تعالى.

وقد حاول المستشرقون والملحدون -قديما وحديثا- التشكيك في هذه القصص فقالوا عنها: أساطير الأولين اكتتبها، وقالوا بأن هذه القصص مقتبسة ومنقولة من التوراة والإنجيل، واتهموا القرآن بأنه يكرّر القصة أكثر من مرة وفي أكثر من آية وذلك يخرجه عن ما ندعيه له من الإعجاز.

وسنرد على هذه الشبهات التي طرحت حول القصص القرآني بعرض القصة القرآنية ثم توضيحِ الإعجازِ فيها وتفنيدِ ما افتراه المستشرقون والملحدون، ثم نعرِّج على أهداف القصة وأغراضها، وسنتعرف حينها على إعجاز القرآن عُمُـومًا وإعجاز القصص فيه خُصُوصاً، وأنه لا يرقى أديب أَو مخرج أَو كاتب أن يأتي بقصة قصيرة مثل سورة الفيل وغيرها، ناهيك عن أن يأتي بقصة طويلة مثل قصة يوسف عليه السلام.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com