اليمن يخنقُ الاقتصادَ البريطاني في باب المندب: التداعياتُ لا تتوقّف

– شركاتٌ كبرى داخل المملكة المتحدة تواجهُ مشاكلَ في الإمدَادات نتيجةَ تحويل مسار السفن

– محلّل دفاعي بريطاني: يجبُ أخذُ تحذيرات اليمنيين على محمل الجِــد

– الوضعُ المالي للعديد من القطاعات في البلاد أصبح “على المحك”

 

المسيرة| متابعة خَاصَّة:

تستمرُّ تداعياتُ العمليات البحرية اليمنية على الاقتصاد البريطاني بالتصاعد، حَيثُ كشفت تقاريرُ اقتصاديةٌ خلال الأيّام الماضية أن الشركاتِ الكُبرى في المملكة المتحدة تواجهُ مشاكلَ متزايدةً في الإمدَادات، وتعاني من ارتفاع تكاليف الشحن، وأن الوضع المالي للعديد من القطاعات في البلاد أصبح على المحك.

وفي تقرير نشرته مساء السبت، قالت صحيفة “ذا صن” البريطانية: إن الهجمات اليمنية التي أجبرت السفن البريطانية على تحويل مسارها بعيدًا عن البحر الأحمر “ستجعل المستهلكين في المملكة المتحدة يدفعون قريباً المزيد من التكاليف مقابل كُـلّ شيء بدءاً من السيارات وحتى الشاي”.

وأوضحت أن العمليات اليمنية “أثارت مخاوف بشأن الإمدَادات بالنسبة للشركات البريطانية الكبرى مثل ماركس آند سبنسر، ونكست، وباوندلاند، وبريمارك”.

وأشَارَت إلى أن شركة النفط “بي بي” (بريتيش بتروليوم) البريطانية أصبحت “مضطرَّةً لتحويل مسار رحلاتها وسط تهديدات بارتفاع أسعار الوقود؛ الأمر الذي يهدّد بإشعال التضخم من جديد”.

وقالت الصحيفة: إن “شركات الشحن تعاني بالفعل من تكلفة إضافية تبلغ في المتوسط 800 ألف جنيه إسترليني في كُـلّ مرة تضطر فيها إلى تغيير مسارها، إلى جانب تأخيرات لمدة أسبوعين”.

وذكر التقرير أن “شركة سينسبري البريطانية حذرت مؤخّراً من أن إمدَادات الشاي معرضة للخطر؛ بسَببِ الهجمات في البحر الأحمر”.

وبحسب التقرير فَــإنَّ هناك لافتاتٍ في المتجر “تقول: إننا نواجه مشكلات في العرض تؤثر على إمدَادات الشاي الأسود على مستوى البلاد، نعتذر عن أي إزعاج ونأمل أن نعود بكامل طاقتنا قريبًا”.

ونقلت الصحيفة عن أحد المتاجر قوله: إن “العرض أصبح مشكلة على مستوى الصناعة”.

وذكر التقرير أن الإعلان عن توسيع العمليات اليمنية إلى المحيط الهندي “يؤثر على السفن التي تحول مسارها على بُعْدِ مئات الأميال؛ لتدور حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا باتّجاه أُورُوبا”.

ونقلت الصحيفة عن بيورن جولدن، الرئيسِ التنفيذي لشركة أديداس العملاقة للملابس الرياضية قوله: إن “أسعار الشحن المتفجرة تؤدي إلى ارتفاع التكاليف وسط مخاوفَ من ارتفاع أسعار المتاجر”.

وأضافت أن شركات بريطانية كبرى مثل “ماركس آند سبنسر” و”ديوركس” وشركات أُخرى مثل دانون وأيكيا، حذرت من تأثير تأخر الشحنات.

وبحسب التقرير فَــإنَّ سلسلة الأزياء البريطانية “نكست” توقعت “أن يكون نمو المبيعات منخفِضًا إذَا استمرت الاضطرابات حتى عام 2024”.

وذكر التقرير أَيْـضاً أن سلسلة المتاجر البريطانية الكبرى “باوندلاند” و”بريمارك” حذرت من أن “الإمدَادات قد تتضرر في الأشهر المقبلة إذَا لم يتم إيقاف الحوثيين” حسب تعبيرها.

ونقلت الصحيفة عن المحلل الدفاعي بول بيفر قوله: إن اليمنيين “قد حذّروا من أن لديهم المزيدَ من المفاجآت لـ “إسرائيل” وحلفائها الغربيين، وهو تهديد يجب أن نأخذه على محمل الجد”.

وقال: إن “السفن الآن تضطر إلى تحويل مسارها لآلاف الأميال، ولكن إذَا تعرض هذا الطريق البديل أَيْـضاً لتهديد خطير، فقد يكون التأثير كارثيًّا، وسيكون له تأثير خطير على توريد المنتجات التي نعتمد عليها جميعًا”.

وأكّـد بيفر أنه “لن يتفاجأ” إذَا فعلت القوات المسلحة “شيئاً مذهلًا بعيدًا عن اليمن باستخدام طائرة بدون طيار أَو صاروخ أَو حتى غواصة تحت البحر”.

ويوم الجمعة الماضي كانت مجلة “غلوبال تريد” الأمريكية، قد نشرت تقريرًا نقلت فيه عن أندرو طومسون، الرئيس التنفيذي لمجموعة كليفلاند كونتينرز، وهي إحدى الشركات الرائدة في المملكة المتحدة في مجال توريد حاويات الشحن، قوله: إن الهجمات اليمنية “تسبّبت في تأخيرات شديدة في عمليات تسليم الشحنات، حَيثُ يمكن للطريق البديل أن يمدد أوقات العبور إلى أسبوعين أَو ثلاثة أسابيع على الأقل، وفي المقابل، فَــإنَّ التأخيرات لها أَيْـضاً تأثير غير مباشر على عمليات القطاعات والشركات في جميع أنحاء المملكة المتحدة؛ مما يؤثر على توافر المخزون وأسعار التسليم”.

وبحسب المجلة فَــإنَّ “العديدَ من القطاعات في بريطانيا مثل تجارة التجزئة والبناء، تتأثر بشكل كبير باضطرابات البحر الأحمر”.

وأشَارَ التقرير إلى أن “قطاع التصنيع هو بلا شك أحد القطاعات التي يتعين عليها معالجة العواقب الوخيمة للوضع المُستمرّ أَيْـضاً؛ فعلى سبيل المثال، في بداية عام 2024، اضطرت شركات صناعة السيارات الكبرى مثل فولفو وتيسلا وسوزوكي إلى تعليق بعض الإنتاج في جميع أنحاء أُورُوبا؛ بسَببِ النقص في المكونات”.

وَأَضَـافَ أنه “في المملكة المتحدة على وجه الخصوص فقد شهد قطاع التصنيع انخفاضًا في العمليات في الآونة الأخيرة، وساهمت مشاكل البحر الأحمر في إعاقة الوضع بشكل أكبر، واعتبارًا من يناير 2024، بلغ مؤشر مُدِيري المشتريات 47.0، علمًا بأن أية قراءة أقل من 50 تشير إلى الانكماش”.

وذكرت المجلة أن “التأخيرات الحالية تؤدي إلى إطالة أمد عمليات التسليم المتوقعة؛ مما يتسبب في اضطرابات في جداول الإنتاج وزيادة الضغوط المالية في وقت تكافح فيه الشركات بالفعل لتغطية نفقاتها”.

وأشَارَت إلى أن الوضع في البحر الأحمر يؤدي أَيْـضاً إلى ارتفاع في تكليف شحن البضائع إلى بريطانيا، حَيثُ قالت: إن “التغيير القسري في المسار أَدَّى إلى زيادة أوقات الإبحار بنسبة 30 %؛ مما أَدَّى إلى زيادة في استهلاك الوقود وتمديد نوبات العمل لطواقم السفن”.

وأضافت أن “شركات الشحن تواجه رسوم موانئ إضافية، حَيثُ تحتاج السفن إلى التوقف في كثير من الأحيان على طول الطريق، فضلًا عن ارتفاع تكاليف الشحن بشكل عام”.

وبحسب التقرير فَــإنَّه “في النهاية، هذا هو السبب الذي يجعل الشركات في جميع أنحاء المملكة المتحدة تضطر حَـاليًّا إلى إنفاق المزيد من الأموال على تسليم المنتجات والعناصر والمواد لمواصلة عملياتها”.

وبالإضافة إلى ذلك، أشار التقريرُ إلى أن “تأخيرَ خروج البضائع من الصين وأجزاء أُخرى من العالم يؤدي إلى تصاعد الطلب والتأثير على توافرها، وقد تواجه بعض القطاعات مشكلات كبيرة في التخزين، في حين قد لا تمتلك قطاعات أُخرى المواد التي تحتاجها لتغذية عملياتها الصناعية”.

وأوضح أنه “باختصار، تتسبب الاضطرابات في البحر الأحمر في تباطؤ الإنتاج؛ مما يؤدي إلى انخفاضه وإلى خسائر إجمالية في الإيرادات للشركات في جميع أنحاء البلاد”.

واختتم بالقول: إن “وضع الرفاهية المالية للعديد من القطاعات على المحك”.

وفي نهاية فبراير الماضي كانت غُرفةُ التجارة البريطانية قد نشرت تقريرًا كشفت فيه أن العمليات اليمنية أَدَّت إلى أضرار طالت 55 % من المصدرين في بريطانيا و53 % من الشركات المصنِّعة وتجار التجزئة، كما أَدَّت إلى ارتفاع تكاليف شحن الحاويات بنسبة 300 % وتأخيرات كبيرة في تسليم البضائع إلى المملكة المتحدة.

وذكر تقرير الغرفة التجارية البريطانية أن “تأثيرات العمليات اليمنية أَدَّت أَيْـضاً إلى صعوبات التدفق النقدي ونقص المكونات في خطوط الإنتاج، داخل بريطانيا”.

وقال ويليام باين، رئيس السياسة التجارية في غرفة التجارة البريطانية: إنه “كلما طال أمد الوضع الحالي، زاد احتمال أن تبدأ ضغوط التكلفة في التراكم”.

وتكشفُ هذه المعلومات بوضوح أن الورطة التي وقعت فيها بريطانيا من خلالها اشتراكها في العدوان على اليمن لخدمة الكيان الصهيوني تتصاعد مع مرور الوقت، ويصل أثرها إلى كُـلِّ المستهلكين داخل بريطانيا؛ وهو ما يعني أن الحكومة البريطانية تضحِّي بمصالح البريطانيين؛ مِن أجل مهمة حماية الملاحة الصهيونية، علمًا بأنها لم تنجح حتى في هذه المهمة، حَيثُ نقلت “بي بي سي” قبل أَيَّـام تصريحاتٍ لضباط كبار في البحرية الأمريكية أكّـدوا أن مدمّـرة “دايموند” التي تعمل في المنطقةِ لم تتمكّن من إسقاط أي صاروخ باليستي يمني، وأن القوات المسلحة تستخدم أسلحةً “أكثرَ تقدُّمًا وفتكًا”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com