قراءةٌ مختلفةٌ للمحاضرة الرمضانية الحادية عشرة

 

مراد راجح شلي

– يعيش شانسيز الاسباني في مقاطعة كتالونيا الشهيرة بوجود نادي برشلونة فيها.

شانسيز ابن الـ28 عاماً يعمل في مجال التسويق الإلكتروني.. أعلن إسلامه منذ خمس سنوات ومن حينها بدأ يهتم بدراسة الإسلام واللغة العربية.

تعرف أكثر على اليمن منذ عمليات الانتصار لغزة فلسطين.. لم يفوّت من بداية رمضان أية محاضرة رمضانية فقد أعجبته طريقة السيد القائد في استبيان الآيات القرآنية واستدلالاته وتأثيرها على الواقع المعاصر.

بدأ وقت المحاضرة وسانشيز متسمراً على شاشة الكمبيوتر:

“هناك درسٌ كبيرٌ جِـدًّا فيما يتعلق بالتحول الذي حصل في واقع الشيطان، في واقع إبليس نفسه، عندما ما خرج من تلك الحالة التي كان فيها متعبداً بين الملائكة، كما ورد في الآثار أنه بقي آلاف السنين متعبداً بين الملائكة، وكان قد ارتقى ليكون متعبداً بينهم، ومن جملتهم يعبد الله معهم.

من ذلك المستوى في العبادة والارتقاء الذي وصل إليه، ثم هذا التحول: إلى عاصٍ، متمرد، خبيث النفس، سيء، مصرٍّ على المعصية، يتجه إلى أسوأ مستوى من العصيان، إلى أحط مستوى من الخبث والعياذ بالله! لماذا هذا التحول الخطير؟

هناك من البشر أنفسهم من يتجه في طريق الحق والإيمان والعمل الصالح، ويستمر لزمنٍ طويل، والبعض في ظل ذلك قد يبرز له دورٌ مميز، فيظهر في ظاهر الحال على أنه على مستوى متقدم من الإيمان والعمل الصالح، ومستوى راقٍ يظهر فيه في إطار عملٍ من الأعمال الصالحة، كالجهاد في سبيل الله، أَو أي عملٍ آخر من الأعمال الصالحة، فيأخذ وقتاً لا بأس به وهو في ذلك الاتّجاه، ومع الزمن أَيْـضاً يبرز في إطار دورٍ مميز، ثم يتغير واقعه في مرحلة معينة، أَو عند ظروفٍ معينة، أَو أحداثٍ معينة، فيتجه اتّجاهاً منحرفاً تماماً.

– ارتعد جسد شانسيز من عاقبة هذا التحول الخطير.. يحدث نفسه يا سبحان الله كيف قدم السيد مقاربته للتحول الذي حصل لابليس وكذا لبعض البشر.

“هناك أمورٌ خطرة جِـدًّا تؤثِّر على الإنسان:

منها: “عندما يكون غارقاً في نفسه، ومتمحوراً حول ذاته” هذه الحالة حالة خطيرة جِـدًّا؛ لأَنَّها في الأخير تحوّل نفس الإنسان لدى الإنسان إلى صنم، وتحوّل وجهته في العمل إلى النفس، وليس إلى الله سبحانه وتعالى.

هذه من المخاطر التي تورط فيها الشيطان، فهو مع طول عبادته التي هي لآلاف السنوات كما في الآثار والأخبار، عظمت عنده نفسه، واستغرق في نفسه بعد كُـلّ دهر طويل وهو على تلك الحال من العبادة، ويرى نفسه أنه قد وصل إلى أن يكون في جملة ملائكة الله بينهم، مستقراً بينهم، يتعبد لله معهم، أصبحت تعظم عنده نفسه، تكبُر عنده نفسه، يسبح بحمد نفسه، يستغرق في نفسه؛ فعظمت نفسه عنده أكثر وأكثر وأكثر، فأُصيب بداء الكبر.

الكبر داءٌ خطيرٌ جِـدًّا، ذنبٌ عظيمٌ، ومفسدةٌ رهيبة لأي مخلوق (للإنسان، أَو للجن أنفسهم)، حالة خطيرة جِـدًّا”.

– يتذكر شانسيز كيف أن تمحوره حول ذاته اوصله لفكرة الانتحار قبل سنوات وكيف تخلص منها.

“البعض مثلاً ميوله في شهواته النفسية، فهو لا يقتنع بالحلال، إمَّا رغبته الجنسية، لم يقتنع فيها بالحلال، ولم تتزكَ نفسه، لتظهر وتبتعد عن الحرام وتمقت الحرام، يكبر ذلك الخلل، يكبر يكبر يكبر، فعند لحظة اختبار حساسة يسقط الإنسان سقوطاً خطيراً ومدوياً.

والأطماع مثلاً، أطماع مادية، لم يتطهر منها، ولم يحاول أن يتجه الاتّجاه الإيماني المتكامل، الذي تزكو به نفسه، فيكبر عنده ذلك الخلل.

أَو الطموح في المقام المعنوي، يجد أن يكون صاحب شهرة وسمعة كبيرة، ومكانة بين أوساط الناس، ويصبح هذا بالنسبة له هدفاً، ويكبر معه ذلك، فهو يرى في الأخير أن تلك الأعمال هي لتحقيق هذا الهدف، بدلاً عن أن يكون اتّجاهه إلى الله، والله هو يعز عباده المؤمنين، ويجعل لهم الودَ في قلوب عباده.

الإنسان إذَا اتجه مع الله بإخلاص، الله سبحانه وتعالى هو من يتولى أن يجعل له العزة، وأن يجعل له المودة في قلوب عباده، من دون أن يكون ذلك هدفاً للإنسان من الناس أنفسهم.

قد يؤثِّر في البعض عن طريق الغضب، والغضب كما قال عنه أمير المؤمنين علي عليه السلام: (جُنْدٌ عَظِيمٌ مِنْ جنُود إِبلِيس)، يعني: ثغرة خطيرة جِـدًّا للشيطان”.

– يا الله كيف تتحول رغبات الإنسان وأطماعه وشهواته وطموحاته لأن يكون أدَاة لإبليس.. هكذا حدث نفسه شانسيز.

“{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أنفسنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} اعترفا وأنابا إلى الله، ولم يكن موقفهما كموقف الشيطان: العناد، والإصرار، والاتّهام لله، أَو الإساء إلى الله، بل بأدب، وخضوع، وندم، واعتراف بالخطيئة، أنابا إلى الله، طلبا منه المغفرة، بهذا التعبير: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أنفسنَا}”.

– انتهت المحاضرة وشانسيز يقف مبهوراً من المحاضرة وكأنه يستمع لآيات الله بطريقة مختلفة للمرة الأولى.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com