من “أم الرشراش” إلى المحيط الهندي: أسلحةٌ يمنية مطوَّرة تفتحُ “أفقًا جديدًا” لإيلام الصهاينة

القائدُ يبقي مسارَ المفاجآت مفتوحًا ويتوعَّدُ بخطط أكبرَ وضربات أقسى لاستهداف العدو:

 

المسيرة: ضرار الطيب

فجّر قائدُ الثورة السيدُ عبدُ الملك بدر الدين الحوثي، الخميس، مفاجأةً جديدةً كشف فيها أن الصاروخَ اليمنيَّ الذي أطلقته القوات المسلحة اليمنية على منطقة “أم الرشراش” المحتلّة (إيلات) والذي اعترف العدوّ الصهيوني بوصوله واختراقه للمنظومات الدفاعية، كان صاروخًا مطوَّرًا، وأنه فتح آفقاً جديدًا للقوة الصاروخية اليمنية، مؤكّـداً على أن هناك إنجازات أكبر وخططاً أوسعَ لتنفيذ ضربات أكثر إيلامًا للعدو في إطار مسار المفاجآت العسكرية التي تهدف لفرض المزيد من الضغط المباشر والكبير لوقف الإبادة الجماعية والتجويع في قطاع غزة.

حديثُ قائد الثورة عن تفاصيل العملية الصاروخية التي أعلنت القوات المسلحة، الثلاثاء الماضي، عن تنفيذها، يأتي بعد اعتراف جيش العدوّ الإسرائيلي ووسائل إعلامه يومَها بأن صاروخَ “كروز” يمنيًّا نجح في الوصول إلى أم الرشراش (إيلات) لأول مرة بدون أن تتمكّنَ المنظوماتُ الدفاعية من رصده والتصدي له؛ وهو الأمر الذي حاول جيش الاحتلال التقليلَ منه من خلال الادِّعاء بأن الصاروخ سقط في منطقة مفتوحة، لكن ذلك لم يفلح في مواجهة التساؤلات والمخاوف الكبيرة التي أثارتها العملية داخل كيان العدوّ، حَيثُ انتقد مراسل القناة الـ13 العبرية جيش الاحتلال على تأخّره يوماً كاملاً عن الاعتراف بالعملية، وعدم إرسال تحذيرات للسكان، فيما كشفت صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية عن مخاوف جراء وصول الصواريخ المجنحة اليمنية، مشيرة إلى أن هذه الصواريخ تمثل خطراً كَبيراً يختلف عن الصواريخ البالستية؛ لأَنَّها قادرة على المناورة والوصول من جهات غير متوقعة، وقد عبر معهد الأمن القومي “الإسرائيلي” في تقرير عن قلق خاص من وصول القوات المسلحة اليمنية إلى تقنيات تجعل الصواريخ المجنحة أسرع بكثير من الصوت، مؤكّـداً أن ذلك سيشكل تحدياً صعباً للتقنيات الدفاعية.

وبإعلانه عن أن الصاروخ الذي تم إطلاقه كان “مطوراً” أكّـد قائد الثورة كُـلّ تلك المخاوف والتساؤلات داخل الكيان الصهيوني، بل ورفعها إلى مستوى أعلى من خلال الإشارة إلى أن تلك العملية مثلت بداية نحو “أفق جديد للقوة الصاروخية في تطوير المديات البعيدة”، وأن هناك خططًا أوسع لضربات “أكثر إيلاماً”؛ وهو ما يعني أن وصول الصاروخ اليمني لم يكن مصادفة، بل كان ترجمة لاختراق تقني وعسكري هائل سيترتب عليه معادلات جديدة تكتب نهاية للإجراءات الدفاعية الأمريكية والصهيونية المتطورة التي يعتمد عليها العدوّ في إبقاء الأراضي المحتلّة محميةً نسبيًّا من النيران اليمنية بعيدة المدى.

والحديثُ عن “الأفق الجديد” مفتوح على احتمالات عديدة مرعبة للعدو، أقربها إلى المشهد هو تنفيذ المزيد من الضربات المركزة والمكثّـفة على “أم الرشراش” وتحويلها من منطقة مهدّدة بالقصف إلى منطقة عمليات فعلية يعلم العدوّ أن تداعياتها ستكون واسعة وكبيرة، بالنظر إلى عدة اعتبارات، أبرزها أنه قد لجأ منذ بدء (طُـوفان الأقصى) إلى فتح هذه المنطقة كملجأ آمن لقطعان المستوطنين الفارين من ضربات المقاومة الفلسطينية وحزب الله في غلاف غزة والشمال؛ وهو ما يعني أنه سيواجه أزمة داخلية خانقة قد تصل إلى حَــدّ الهجرة العكسية، وذلك طبعاً بالإضافة إلى قتل ما تبقى من النشاط الاقتصادي في المنطقة التي أصبحت تعاني بالفعل جراء إغلاق الميناء؛ بسَببِ الحصار البحري اليمني والضربات المُستمرّة بالصواريخ والطائرات المُسيَّرة.

وبالنظر إلى الوقت القصير الذي استغرقته القوات المسلحة منذ أن أعلن قائد الثورة عن التوجّـه نحو تطوير القدرات اليمنية لتجاوز التقنيات الدفاعية للأعداء، حتى تنفيذ أول اختراق ناجح، فَــإنَّ الأفق الجديد للصواريخ اليمنية قد يمتد إلى ما هو أبعد من أم الرشراش إذَا استمر العدوان الصهيوني على غزة، خُصُوصاً أن قائد الثورة جدّد التأكيد على أن وراء العملية الصاروخية الأخيرة إنجازات أكبر وأوسع سيتحدث عنها الميدان في وقتها؛ وهو ما بدا أنه إشارة جديدة إلى ما أعلنه في وقت سابق عن الوصول إلى قدرات تضع اليمن في مصاف بلدان محدودة في العالم؛ الأمر الذي أثار تساؤلات واسعة خلال الأسابيع الماضية حول ما إذَا كانت القوات المسلحة قد وصلت إلى تقنية الأسلحة فرط الصوتية التي لا سبيل للأعداء لمواجهتها.

وقد أشار قائد الثورة في كلمته الأخيرة إلى أن توسيع العمليات البحرية اليمنية إلى المحيط الهندي يأتي ضمن مفاعيل التطورات الكبيرة التي تشهدها القدرات العسكرية؛ وهو ما يزيد التأكيد على أن القوات المسلحة تتجه نحو تصعيد نوعي كبير لن يطول الوقت حتى تبدأ تداعياته بالظهور على الأعداء في كُـلّ جوانب الجبهة اليمنية المفتوحة على مساحة واسعة من الخارطة، من أم الرشراش إلى طريق رأس الرجاء الصالح، بما في ذلك الخسائر الاقتصادية المضاعفة التي ستترتب على إغلاق خط الشحن البديل المتبقي بين كيان العدوّ والشرق؛ وهو ما يعني أن تداعيات الجبهة اليمنية ستطال حتى موانئ العدوّ الواقعة على البحر المتوسط، بعد إغلاق ميناء إيلات، لتتحول اليمن إلى كابوس اقتصادي وعسكري مرعب، سيضاعف الضغط؛ مِن أجل وقف الإبادة الجماعية والتجويع في غزة، وسيضع أَسَاس تحول جيوسياسي تأريخي لن ينحصر تأثيره حتى على المنطقة وحدها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com