رمضان شهرُ الصيام ونصرُ الإسلام

 

القاضي/ حسين محمد المهدي

الصيام في رمضان تلطيفٌ وتخفيفٌ لسلطان النفس الجانح نحو المغريات والشهوات، وتخفيفٌ للشره والاسترسال في الملذات، وتعويدٌ للنفس على الصبر والثبات، والإخلاص لله في العبادة.

فقد جاء في الحديث (الصيام جُنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يسخب).

مما لا ريب فيه أن الصيامَ يتعوَّدُ فيه الإنسان على إبعاد جوارحه عما يغضب الله؛ لأَنَّ الصائم مأمور بفعل الطاعات واجتناب المعاصي.

ففي الحديث (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامَه وشرابه).

وأنزل الله في هذا الشهر الكريم القرآنَ العظيم وتعبَّدنا بتلاوته والعمل بأحكامه.

وتلاوةُ القرآن نوعان: لفظية وحكمية.

وللتلاوة اللفظية في رمضان ميزة خَاصَّة، فقد كان جبريل -عليه السلام- يعارض رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في رمضان في كُـلّ سنة مرة، حتى إذَا كان العام الذي توفي فيه عارضه مرتين تأكيدًا وتثبيتا.

وقد ورد في فضل التلاوة اللفظية والحكمية أحاديث كثيرة منها: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)

ومنها (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البرّرة، والذي يتعتع في القرآن وهو عليه شاق له اجران) ومنها (اقرأوا القرآن فَــإنَّه يأتي يوم القيامة شفيعا) ومنها (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله في من عنده).

أما التلاوة الحكمية فَــإنَّه يشترط لصحتها الإيمان بما جاء فيه، وتنفيذ أحكامه، وإتيان أوامره، واجتناب نواهيه، (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ).

وهذا النوع من التلاوة بها تكون السعادة ويتجنب الشقاء، دل على ذلك قوله تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى‏ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى‏ قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى‏ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى‏ وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الآخرة أَشَدُّ وَأَبْقى‏)

فهذه التلاوة هي التي تزيد الإنسان إيمانا.

على الإنسان أن يتدبَّر ما جاء في القرآن من الهدى والنور؛ لأنَّ أفضل كتب الله وأكثرها نفعًا لعباد الله؛ فقد أحاط علومه بما يصلح شؤون البشرية كلها ويهذب أخلاقها، ويرفع مكانتها؛ فمبادئه ومثله وقواعده وأحكامه النور الذي يرشد إلى الخيرات ويبعد عن المقبحات، وبها يرد الشارد، وتضيء آفاق الحياة.

والإفادة من علومه وأحكامه ليست مقصورة على إصلاح العقائد والأخلاق فحسب، بل إنها ترشدُ العالم بالتوجيه للاستفادة من علوم الطبيعة والطب وغيرها.

ومع ذلك فَــإنَّ القرآن يأبى الظلم والذل والهوان.

فقد فرض الله الجهاد فيه صيانةً للدماء، والاعراض، والعقائد، والحقوق، وتوفير الأمن والسلام للبشرية، وأمر برد الاعتداء (وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).

وأي عدوان أكبر من اعتداء الصهيونية اليهودية على عقائد المسلمين وعلى أرضهم؛ فهي تهدم الديار وتغتصب الأرض وتسفك دماء الشعب الفلسطيني شيوخا وأطفالا ونساء وتبيح الشذوذ والانحراف، وتسعى في الأرض بالفساد على مرأى ومسمع من العالم كله.

وهو الأمر الذي توجب قواعد القرآن وأحكامه جهاد هؤلاء الشذاذ وقتالهم وتحرير الأقصى من دنسهم.

المسلمون اليوم في أصقاع الأرض مدعوون للاستجابة لأمر الله والقتال بالنفس والمال غير متخاذلين ولا متقاعسين، فالإسلام كُـلٌّ لا يقبل التجزئة.

والقرآن لا يجيز الإيمانَ ببعض آياته والكفر والإعراض عن بعض؛ فذلك كفر بواح (يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّـهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً، أُولئك هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً).

فعلى المؤمنين من هذه الأُمَّــة وجوبُ مناصرة فلسطين والمجاهدين فيها واتباع محور المقاومة في رفع علم الجهاد في البر والبحر فإذا لم تتحَرّك الضمائر وتستجيب المشاعر للقرآن في شهر رمضان شهر القرآن فمتى الاستجابة؟ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مالَكُمْ إذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى الأرض أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الآخرة فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الآخرة إِلاَّ قَلِيلٌ).

الشكر والثناء للأسود الغاضبة لغضب الله في فلسطين ومحور المقامة ولأسود أنصار الله الذين يقفون لأمريكا الصهيونية وأُورُوبا في البحار عونًا لفلسطين بثبات وعزيمة المؤمنين المتبعين لهدي خاتم النبيين وسيد المرسلين.

العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين.

(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com