وقفاتٌ على أطلال العروبة

 

سند الصيادي

(العربي الجيّد.. هو العربيُّ الميت) مقولةٌ يهوديةٌ يتداولونها في مدارسِهم وأحاديثِهم، إلى جانبِ الحِقد الشديد الذي تحملُه لهذا العِرْقِ كله، فَــإنَّها تفسِّرُ إمعانَ هذا الكيانِ في جرائم الإبادة والإذلال للمواطن العربي الفلسطيني.

ومَن يتابِعْ تفاصيلَ الصورة التي تبثها وسائل الإعلام عن المشهد الإنساني، يجزمْ بأنَّ ما يجري بحق أبناء فلسطين هو على طريق نوايا الإبادة والتهجير، ويكتشفْ أنَّ ثمةَ إمعانًا في الامتهان والإذلال، وَالذي يُقصَدُ من خلاله هزيمة كُـلّ العرب نفسياً، وإشعارهم أنهم في هذا العالم مُجَـرّد صِفر هامشي؛ فهل يستفزُّ ذلك العربَ؟!.

يراكمُ الكيانُ الصهيوني هذه السياسات ويعززها بالمشاهد الصادمة كُـلّ يوم، ولا ينتظر حتى تجُفَّ دماءُ مجزرةٍ حتى يرتكبَ أُخرى أشدَّ وحشيةً وإجراماً، ومن مجزرة سوق الرشيد إلى مجزرة مماثلة في رفح استهدفت البطونَ الجائعة التي تنتظر وصولَ قوافل المساعدات!

أَمَّا عن مهازل الأنظمة العربية فحدِّثْ بكل حرج؛ كون هذه الأنظمة تمثل أمتنا وشعوبها؛ إذ لم تزدنا عمليات الإنزال الجوي للمساعدات “الاستعراضية” التي أقدمت عليها بعض الدولُ إلَّا تأكيداً على مهانتِها وَمدى تناغُمِها مع المخطّط الصهيوأمريكي بالإذلال لهذا الشعب وتصفية قضيته.

حتى المنظماتُ الدولية حذَّرت مِمَّا وراء هذا الإنزال الجوي للمساعدات وَدورها في تحقيق الأجندة الصهيونية الساعية إلى فصل وتقسيم القطاع، وتشديد الحصار على أبناء غزة، وتغطية لجرائم ومجازر الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، كما يتماهى مع الرواية الصهيونية الداعية إلى تقليص عمل “الأونروا” التي تمتلك إمْكَانيات مساعدة المحاصَرين شمالي القطاع.

ولو كان الأمر يتعلقُ بموقف بطولي من أنظمة الخيانة، ألم يكن الأجدى ممن يستطع أن ينسِّقَ عملياتِ الإنزال أن ينسق مهامَّ قوافل المساعدات التابعة للأونروا!.

وبقدر ما ميَّز اللهُ في العدوان على غزة الخبيثَ من الطيب، فَــإنَّ هذه الحربَ كشفت العوراتِ وسجّلت سقوطاً مدوياً للمنظومة العربية والإسلامية باستثناء دول وفصائل أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، كما عرَّت ما يُسمى المجتمعَ الدولي بمواقفه وغَضِّه الطرفَ عما يحدثُ من إبادة جماعية.

أما عن شعوبِ الأُمَّــة فليست أقلَّ شأناً من أنظمتها، ومن يرصُدْ اندفاعَها وتفاعُلَها النفسي والعاطفي والإعلامي مع غزة؛ فَــإنَّه لا يقارِنُ بمدى تفاعُلِها وعنترياتها إذَا ما تعلَّقُ الأمرُ بصراعات بَينية.

وباستثناء شعوبِ الأُمَّــة المقاوِمة فقد أثبتت المراحلُ أننا صرنا أُمَّـةً خاويةً، باستثناء ما يختارُ الأجنبيُّ أن يعبِّئَه فينا.. ويعبِّئَنا إليه!

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com