أهميّةُ الوعي القرآني في مواجهة الغزو الفكري

 

د. شعفل علي عمير

عندما تصلُ حالةُ الاختراق في الوعي لحَدِّ التغيير في القِيَمِ المتعارَفِ عليها في ثقافةِ الإنسان المسلم أَو تجاوزت حَدَّ الإخلال بالثوابت الدينية، كما هو حاصلٌ في واقع بعضٍ من أبناء أمتنا العربية والإسلامية من توجُّـهات منحرفة مثل موالاتهم والتطبيعِ مع الكيان الصهيوني الذي يتناقضُ مع تعاليم الإسلام، الذي قال اللهُ عنه في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أولياء بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِـمِينَ).

لا نجدُ تفسيراً لهذا الحال غيرَ الابتعاد عن القرآن الكريم، الذي يقدِّمُ صورةً حقيقيةً لمن هم أعداؤنا ويضبُطُ التوجّـهاتِ طبقاً للضوابط الدينية والأخلاقية، وقد أكّـد على ذلك السيد القائد عندما قال: (من أهمِّ ما تحتاجُ إليه أمتُنا هو نشرُ الوعي القرآني على قاعدة “عين على القرآن وعين على الأحداث”؛ لأَنَّ الوعيَ القرآنيَّ يصنعُ اليقينَ ويضبُطُ التوجّـهاتِ بالضابط المبدئي والقيمي والإلهي)، وعندما تكون توجُّـهاتُنا دينيةً فهي حتماً أخلاقيةٌ وقيمية؛ ونظراً لابتعاد الكثير من أمتنا الإسلامية عن تعاليم ديننا الحنيف وانفصالهم عن مبادئه أصبح الدينُ الإسلامي لديهم عبارةً عن طقوس دينية بعيدة عن ربط السلوك بتعاليم الإسلام.

ومن نتائج الاختراقات في الوعي العربي تغييرُ بُوصلةِ العداء من العدوّ الحقيقي “أمريكا وإسرائيل” إلى العدوّ الوهمي، إلى معادَاة المسلمين وموالاة أعداء الدين الإسلامي وانحرافهم عن القيم الدينية والعربية، وتشويه لفطرتهم الإنسانية؛ فعندما نبتعد عن تعاليم الدين يسهُلُ على الأعداء اختراقَ الوعي على المستوى الفردي والجمعي؛ فتسن القوانين التي تجيزُ للفرد ما لم يُجِزْه الله –سبحانه-؛ فيكون حينها من السهل على العدوّ توجيهُ المجتمعات طبقاً لأهدافه، ويصبح كُـلّ ما هو محرَّمٌ متاحاً، وما هو مخالفٌ للضوابط الدينية والأخلاقية كالعلاقات غير الشرعية سيرًا في ركب الحضارة، لا سيَّما إذَا كانت الأنظمة جُزءاً من أدوات الأعداء في تمرير مخطّطاتهم؛ فتقنّن السلوكَ والأعمالَ المخلّة بالقيم الدينية والأخلاقية مثل حرية المرأة في علاقاتها خارج العلاقات الزوجية، وكذلك نشر مظاهر الفساد كالنوادي الليلية والحفلات الماجنة التي ظهرت مؤخّراً في بعض الدول العربية، كُـلّ هذا كان نتاجَ الابتعاد عن الثقافة القرآنية التي تعد المصدرَ الوحيدَ للوعي الديني الذي يضبُطُ السلوكَ ويوجِّهُه طبقاً لتعاليم الدين ويصوِّبُ الاختلالات في السلوك والاختراقات في الأفكار.

يسعى أعداءُ الأُمَّــة دائماً إلى احتلال الفكرِ العربي قبل التفكير في احتلال الأرض والثروة ليوجدوا بيئةً نفسيةً وبنية فكرية متهيأةً لتقبُّل مخطّطات الأعداء.

عندما يفقِدُ المسلمون زَكَاءَ النفس؛ نتيجةَ انغماسهم في أوحال الرذيلة فَــإنَّ سلوكهم يصبح غيرَ منضبط بأي رادع ديني أَو أخلاقي؛ لذلك نجدُ العدوَّ الصهيوني يسعى إلى تدنيس النفسية المسلمة، وَالفطرة الإنسانية في كُـلِّ المجتمعات البشرية؛ تنفيذاً لتعاليم دينهم المحرَّف الذي ينُصُّ على أن انتصارَ وهيمنةَ اليهود على العالم يتحقَّقُ عندما ينتشرُ الفسادُ بكل مسمياته في كُـلّ العالم.

ومن هذا المنطلق فَــإنَّنا نؤكّـدُ أنَّ خطرَ الصهيونية العالمية لا يقتصرُ على العرب والمسلمين فحسب، إنما هو خطر على العالم برمته؛ فكُلُّ الفساد الأخلاقي الذي ظهر مؤخّراً كالمثليين وغيره في العالم كان مخطَّطاً صهيونياً، وقد بدأ الوعيُ ينتشرُ في بعض الدول غير الإسلامية بالخطرِ الصهيوني عليها أخلاقيًّا وفكريًّا واقتصاديًّا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com