حصادُ تحرّك اليمنيين الأحرار: لستم وحدَكم

 

عدنان عبدالله الجنيد

الحمد لله القائل: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أنفسهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئك هُمُ الْـمُفْلِحُونَ) الحشر- آية (9).

إن ارتباطَ الشعب اليمني برسول الله منذ القدم، حَيثُ ذكر المؤرخون في التاريخ أن الملكَ تبع اليماني خلّف قبيلتَيْ الأوس والخزرج لتبقيا في ذلك المكان وتسكنا فيه، وترابطا حتى يأتي هذا النبي فتكونان من أنصاره.

وقد نال الأوس والخزرج الشرفَ الكبيرَ والفضل العظيم في إيواء الرسول -صلى عليه وآله وسلم-، واستقبال المهاجرين، ويعتبر مجتمع الأوس والخزرج هو المجتمع الذي شكل اللبنة الفاعلة والصلبة والقوية لنشوء الكيان الإسلامي، أي هم البيئة التي نصرت وتؤوي وتؤيد وتحمل لواء الحق والعدالة وتحمل قيم الإسلام وتحمل هذه الرسالة بدلاً عن قريش.

وعندما بدأت المرحلةُ الجهادية مع المشركين أرسل الرسول -صلوات الله عليه وآله- وفدًا من الأنصار إلى موطنهم الأصلي اليمن ليعلموهم صنعَ السلاح؛ لأَنَّ اليمن في ذلك العهد كانت صنعاء وكشر وكرش مشهورة بصنع السلاح، وتم تصنيعُ أسلحة ودروع لرسول الله، وعاد الوفد حاملاً الأسلحة والدروع اليمنية وخبرة التصنيع إلى رسول الله، وكانت بردة الرسول يمانية.

وكما كان للسلاح اليمني دورٌ فعال في عهد الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- في مواجهة طغيان اليهود والمشركين ودك حصونهم، فاليوم التاريخ يعيد نفسه في عهد القائد السيد للسلاح اليمني نفس الدور الفعال في دك حصون المواقع العسكرية والبوارج والسفن الحربية لقوى الاستكبار العالمي في المنطقة.

إن الركيزة الأَسَاسية للهُــوِيَّة الإيمانية لشعب الإيمان والحكمة “التي هي منظومة من المبادئ والقيم والأخلاق التي تجذرت في الشعب اليمني الذي يأبى أن يخضع إلا لله”، هي إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم، تعبيراً عن تعزيز العلاقة بالرسول والقرآن، وتوحيد صف الأُمَّــة الإسلامية بعد أن تفرقت إلى طوائف وشيع ومذاهب متفرقة؛ لأَنَّ الرسول محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- هو الأمل الوحيد لتوحيد صف الأُمَّــة، والعمل بالمهام الرئيسية لأنبياء الله العظام عليهم صلوات الله أجمعين، الذي هو تنوير الناس في معرفة الله وهدايتهم واستنهاضهم من وهم الخنوع والذل والهوان والانبطاح ضد الظالمين والمستكبرين والطغاة المعتدين على الشعوب المحرومة والمستضعفة التي تنهب ثرواتهم وتصنع الحروب والأزمات.

مهام هذا النور هو استنهاض الشعوب المحرومة والمستضعفة إلى الثورة في وجه الطغاة والمستكبرين؛ مِن أجل بناء مجتمع قائم على العدالة الإلهية والاستقلالية، نورٌ يخرج به الناس من الظلمات، ذلك النور الذي يرى الإنسان به الحقائق الكبرى في الحياة، ذلك النور الذي نعرف به الله المعرفة اللازمة، ونعرف سر وجودنا في هذه الحياة، ذلك النور الذي يكشف كُـلّ الظلمات، ويحمي الإنسان من الضلال، ذلك النور الذي هو حكمة وبصيرة وهو وعي وهو رؤية نافذة، ذلك النور الذي يحفظ للإنسان كرامته كإنسان في وعيه العالي وفهمه الصحيح وإدراكه للأمور.

ومن حصاد ذكرى إحياء المولد النبوي الشريف في شعب الإيمان والحكمة تبنيهم القضية المركزية للأُمَّـة فلسطين وتحرير المقدسات، وعندما بدأت معركة “طُـوفان الأقصى”، وتنفيذاً لتوجيهات قائد الثورة “لستم وحدكم” خرج نفَسُ الرحمن وأحفادُ الأنصار وأبطالُ الفتوحات وحاملو الرايات إلى كُـلّ الساحات والميادين يعلن النفير العام ويهتفون “فوّضناك يا قائدنا فوضناك.. يا غزة نحن معكم أنتم لستم وحدكم”، مؤيِّدين كلام قائد الثورة، معلنين الجهاد في سبيل الله ضد ثلاثي الشر الأمريكي والبريطاني والعدوّ الصهيوني حتى يتم رفع الحصار عن غزة، وبهذا التفويض وتنفيذاً لتوجيهات قائد الثورة نفذت القوات المسلحة اليمنية العديد من العمليات العسكرية النوعية.

ونتيجةً لهذه الهُــوِيَّة الإيمان والمشروع القرآني للشهيد القائد السيد/ حسين بن بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-، ركزت دولُ قوى الاستكبار العالمي في المنطقة محاولةً طمس الهُــوِيَّة الإيمان بشن حروبٍ لمدة تسع سنوات، وحَـاليًّا تريد عسكرة البحر الأحمر وتوسيع الصراع وتريد فصل أحداث البحر الأحمر والعربي وباب المندب على معركة غزة.

وبفضل الله وبركة قائد الثورة لم تحقّق قوى الاستكبار العالمي هدفها المشؤوم في طمس الهُــوِيَّة الإيمان لشعب الإيمان والحكمة وفصلهم عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-.

بل أصبح اليوم شعب الإيمان والحكمة النواة الحقيقية للأُمَّـة الإسلامية في مواجهة دول قوى الاستكبار العالمي الذي تتزعمها أمريكا و”إسرائيل” في المنطقة وإفشال هدفهم المشؤوم في ضرب الأُمَّــة من داخلها.

وأصبح شعب الإيمان والحكمة النواةَ الحقيقية للأُمَّـة الإسلامية في نصرة الشعوب المستضعفة والمحرومة من ظلم وطغيان وجبروت قوى دول الاستكبار العالمي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com