العدوانُ الأنغلو ـ ساكسوني على اليمن

لا خوفَ على اليمن فاليمنيون يعرفون ماذا يفعلون.. والمعركة صراعٌ مباشِرٌ ضد الإمبريالية الأمريكية والعدوّ الصهيوني ولا تزال في بداياتها

طريقةُ أمريكا في العدوان أتت بصورةٍ أُحادية، لكنها تريد من العالم أن “يغطِّيها” سياسيًّا وقانونياً، بل أن يصفق لتلك الخطوات الأحادية، وألّا يقيّد خطواتها مجلس أمن أَو حتى حلفاء

من المؤكَّـدِ أن هدفَ “الردع” الذي يعتقد الأمريكيون أنهم سيفرضونه على اليمن لن يتحقّق، فَــإنَّ الولايات المتحدة ستجد نفسها متورطة في نزاع إقليمي واسع النطاق

اليمن لا يلعب وعندما دخل هذه المعركة فَــإنَّه كان يدرك ماذا يفعل، وأعَدّ لها العدة جيِّدًا

التفرُّد الأنغلو – ساكسوني في القرار الغربي يُفسح المجال دوماً لتفرد أمريكي في القرار وجاءت الضربة الثانية بمبادرة أمريكية فقط

لم يرتكز إعلان العدوان الأنغلو – ساكسوني على اليمن على القرار 2722 وحدَه طبعاً؛ إذ إن جهودَ حشد تحالف دولي ضد اليمن مرت بسلسلة من الحلقات قبله، عبّرت عنها بيانات رسمية يذكرها تحالف العدوان في مقدمة إعلانه

 

“الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل” يجب أن يصبح شعاراً شعبيًّا عربياً وإسلامياً وعالميًّا بعد أن أثبت تطور الأحداث والأداء اليمني صدقيته

 

د. إبراهيم علوش*

كانت القوةُ الضاربةُ الأَسَاسيةُ في العدوان على اليمن أمريكيةً وبريطانية. وأظهر بيان تحالف العدوان، المنشور في موقع “البيت الأبيض”، والمؤرخ في 11/1/2024، تشكيلةً من الدول يغلب عليها الطابع الأنغلو – ساكسوني، من كندا وأستراليا ونيوزيلاندا، الناطقة كلُها بالإنكليزية، إلى ألمانيا وهولندا والدنمارك، وهي من أرومة الأقوام الجرمانية التي ينحدر منها الأنغلو – ساكسونيون.

أما الدولتان الباقيتان في تحالف العدوان؛ أي كوريا الجنوبية والبحرين؛ فشبه مستعمرتين للأنغلو – ساكسونيين؛ إذ يتمركز في الأولى 28.500 جندي أمريكي حَـاليًّا، وتؤول قيادة قواتها المسلحة تلقائياً إلَى البنتاغون في حالة الحرب، في حين يتمركز في الثانية المقر البحري للقيادة المركزية الأمريكية، مع 9000 جندي أمريكي، بالإضافة إلى قاعدة عسكرية بريطانية، مع العلم بأن البحرين تحوَّلت إلى محمية بريطانية عام 1861.

تحكم الصلة الأنغلو – ساكسونية العابرة لشمالي المحيط الأطلسي حلف الناتو فعلياً؛ الأمر الذي لطالما سبّب توتراً في القارة الأُورُوبية، التي تتكون، في الأعم الأغلب، من ثلاث مجموعات أَسَاسية، هي الجرمان، وفرعهم الأنغلو – ساكسوني، واللاتينيون، ورثة الرومان، ومنهم الفرنسيون والإسبان والإيطاليون وغيرهم، والشعوب السلافية في أُورُوبا الشرقية.

كَثيراً ما عمل الروس، في زمن الاتّحاد السوفياتي وبعده، على توظيف طغيانِ البُعد الأنغلو – ساكسوني على سائر المكونات الأُورُوبية؛ مِن أجل بناء جسور معها، وما زال الخطابُ الروسي بشأن العقوبات الأُورُوبية على روسيا، بعد ضم القرم وحرب أوكرانيا، أنها تفيدُ الولايات المتحدة، وتضر أُورُوبا، أكثر مما تضر روسيا.

لكنْ، للأسف، لم تسارع روسيا (ولا الصين) إلى نقضِ قرارِ مجلس الأمن 2722 الذي اعتمد في 10/1/2024، والذي أدان الحصارَ اليمني على “إيلات” فعلياً، وأكّـد “حق الدول الأعضاء في الدفاع عن سفنها من الهجمات”؛ أي “حق” الكيان الصهيوني في استهداف اليمن، مشيداً بجهود تعزيز مرور المراكب التجارية الآمن والمضمون لكل الدول عبر البحر الأحمر؛ أي مشيداً بحلف “حارس الازدهار” فعلياً.

عارضت روسيا والصين والجزائر مسودة القرار 2722 خلال النقاش، وحاولت إحداث تعديلات عليه، ولا سيما روسيا، لكن في اللحظة الحاسمة، امتنعت الدول الثلاث عن التصويت مع موزامبيق.

مر القرار إذَن بأغلبية 11 صوتاً في مجلس الأمن، مع امتناع أربع دول؛ ليقدم غطاءً دوليًّا لطالما بحث عنه الحلف الأنغلو – ساكسوني لضرب اليمن، على الرغم من أن ذلك الحلف هو العدوّ اللدود لروسيا وللصين، ومن أن مشروع التعددية القطبية، والذي يمثل مصلحة استراتيجية لكل شعوب الأرض، يتطلب مواجهة الحلف الأنغلو – ساكسوني، والهيمنة الغربية التي يقودها، عند مفصل باب المندب الاستراتيجي بالذات.

الأظرَفُ أن بيانَ التحالف الأنغلو – ساكسوني، وبيان الرئيس جو بايدن المنشور في موقع “البيت الأبيض” أَيْـضاً في 11/1/2024، واللذين نشرا معاً إعلاناً للعدوان على اليمن، يرتكز كلاهما أيديولوجياً على مبدأ المحافظة على “حرية التجارة الدولية”، كأن الغربَ الجماعي لم يفرض سلسلةً متتابعة من العقوبات على روسيا والصين وغيرهما تعوّق التجارة الدولية، في سياق الصراع الجيو-سياسي، وسعياً للمحافظة على هيمنته، أَو في سياق المنافسة الاقتصادية مع الصين مثلاً.

وكأن مبادئ، مثل “حرية الملاحة” و”التدفق الحر للشحن البحري”، لا تنطبق، على سبيل المثال لا الحصر، على خَطَّي غاز السيل الشمالي 1 و2 الروسيَّين، اللذين جرى تفجيرهما في بحر البلطيق، أَو على الناقلات الممنوعة غربياً من شحن النفط الروسي في المياه الدولية!

يتبنى الغرب الجماعي إذَن مبادئ “حرية التجارة” و”حرية الملاحة”، وما شاكل، عندما يلائمُ ذلك مصالحه فقط. ولعل اعتراضَ شحنات النفط والغاز إلى سوريا المحاصَرة أكبر مثال. وما عدا ذلك، فَــإنَّه لا يتدخل فحسب في التجارة الدولية، وفي حرية انسياب السلع والخدمات ورؤوس الأموال والتكنولوجيا عبر الحدود، بل يتدخل فيها أَيْـضاً بالقوة العسكرية الغاشمة، إذَا لزم.

 

محاولةُ الغرب حشدَ إجماع سياسي وقانوني للعدوان على اليمن:

لم يرتكز إعلان العدوان الأنغلو – ساكسوني على اليمن على القرار 2722 وحدَه طبعاً؛ إذ إن جهودَ حشد تحالف دولي ضد اليمن مرت بسلسلة من الحلقات قبله، عبّرت عنها بيانات رسمية يذكرها تحالف العدوان في مقدمة إعلانه، مثل:

أ – التصريح الصحافي الصادر عن مجلس الأمن في 1/12/2023، موقَّعاً باسم رئيسه الإكوادوري فقط، والذي يَدين هجمات القوات المسلحة اليمنية على “حقوق الملاحة وحريتها في خليج عدن والبحر الأحمر”، ويدعو القوات إلى وقف هجماتها والإفراج عن باخرة “غالاكسي ليدر”، مستذكراً أهميّة تعزيز “التعاون، دوليًّا وإقليمياً، لمواجهة التهديدات للسلام والأمن في المنطقة” (أين كان سائر أعضاء مجلس الأمن عن هذا التصريح؟).

ب – “موقف الإجماع العريض الذي عبر عنه 44 بلداً في 19/12/2023″، والذي يدين “التدخل في حقوق الملاحة والحريات المائية” في البحر الأحمر، ويهاجم حركة أنصار الله، ويدعوها إلى الإفراج عن سفينة “غالاكسي ليدر”.

فإذا تمعّنا في ذلك البيان، فسنجد أنه ليس مذيَّلاً بتوقيع 44 بلداً، وأن موقعيه، كما ورد النص في موقع السفارة الأمريكية في بكين، هم: جوزيف بوريل بالنيابة عن الاتّحاد الأُورُوبي، ينس ستولتنبرغ بالنيابة عن حلف الناتو، أستراليا، جزر الباهاما، اليابان، ليبيريا، نيوزيلاندا، كوريا الجنوبية، سنغافورة، الولايات المتحدة الأمريكية واليمن (من الذي وقع عن اليمن، في أي حال؟ وما وزنه شعبيًّا فيها، على الأقل في الموقف الحالي المساند لغزة وفلسطين؟).

ج – البيان المشترك الصادر عن 13 دولة في 3/1/2024، والذي يَدين حركة أنصار الله ويهدّدها بأن تتوقف عن الهجمات في البحر الأحمر، و”إلا واجهت عواقب”.

وكان الموقّعون على ذلك البيان حكومات: الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، كندا، أستراليا، نيوزيلاندا، الدنمارك، ألمانيا، هولندا، بلجيكا (المكونة من خليط جرماني ولاتيني)، إيطاليا، سنغافورة، اليابان والبحرين.

لا تخرج جولة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في المنطقة مؤخّراً، عن مسعى حشد الدعم للعدوان على اليمن، على الرغم من كثرة عناوينها. لكنّ العبرة أن كُـلّ تلك الجهود لم تثمر في تحشيد تحالف حقيقي ضد اليمن، دوليًّا أَو إقليمياً، وأن ذلك برز في غياب عناوين أَسَاسية مشاطئة للبحر الأحمر لم تعلن انضمامها إلى ذلك التحالف، أَو حتى في جوار خليج عدن أَو البحر العربي، وُصُـولاً إلى الهند، باستثناء البحرين (786.5 كيلومتراً مربعاً).

ويتميز غياب الواجهات المحلية والإقليمية هذه المرة في أنه أبرز الصراع مع العدوّ الصهيوني بوضوحٍ كونه صراعاً مع الغرب الجماعي، تحت لواء ديكتاتوريته الأنغلو – ساكسونية، إذ لم تغب الدول العربية والمسلمة، على الأقل علانيةً، عن حلف “حارس الازدهار” فحسب، بل تغيبت عنه دول أُورُوبية تُعَدّ “عظمى”، مثل فرنسا وغيرها.

على الرغم من ذلك، فَــإنَّه كان من الممكن إبقاء العدوان الأنغلو – ساكسوني على اليمن مكشوفاً سياسيًّا، بصورةٍ تامة، لو جرى نقض القرار 2722 في مجلس الأمن، وكان ذلك سيكون في مصلحة روسيا والصين.

 

الصراعُ مع الإمبريالية الأمريكية كنتيجة حتمية للصراع مع العدوّ الصهيوني:

كانت عمليةُ “طُـوفان الأقصى” أبرزت تلك الحقيقة أكثر من أي وقت مضى من قبلُ، وخُصُوصاً بعد أن حلت مجموعتا حاملتَي الطائرات الأمريكيتين، جيرالد فورد ودوايت آيزنهاور، في شرقيّ المتوسط عشية الـ7 من تشرين الأول/أُكتوبر الفائت.

وتُعَدّ مجموعة حاملة طائرات جيرالد فورد المجموعة الأكبر في الأسطول الأمريكي، وغادرت البحر المتوسط في 5/1/2024 عائدة إلى مقرها في الولايات المتحدة، بعد عبور مضيق جبل طارق.

أما مجموعة حاملة طائرات آيزنهاور فغادرت شرقي المتوسط، عابرةً قناة السويس إلى البحر الأحمر، لتكون منطلقاً أَسَاسياً للعدوان على اليمن، فجر الجمعة، 12/1/2024، بالإضافة إلى قاعدة العديد في قطر، التي انطلقت منها طائرات أمريكية وبريطانية، بحسب وسائل إعلام “إسرائيلية”، نشرت إحداثيات مساراتها الجوية، ولا سيما أربع طائرات بريطانية من بينها، وطائرة استخبارية أمريكية، طارت من قطر، عبر الأجواء السعوديّة، نحو اليمن.

تقول مواقعُ أمريكية: إن 100 مقذوف “ذكي”، أَو موجَّه، جرى توجيهها في العدوان على اليمن نحو 60 هدفاً في 16 موقعاً لحركة أنصار الله، وإن تلك الأهداف تضمنت مخازن ذخيرة، ومنصات إطلاق صواريخ، ومرافق إنتاج عسكرية، وأنظمة رادار مرتبطة بالدفاع الجوي، وإن الإطلاقات جرت من الجو والبر، ومن تحت الماء عبر غواصة.

تجدَّد القصف على اليمن خلال إعداد هذه المادة، وأعلن البنتاغون أنه استهدف منظومات رادار يمنية رداً على قصف يمني لسفينة نهار الجمعة،. لكن الطريف أن التفرُّد الأنغلو – ساكسوني في القرار الغربي يُفسح المجال دوماً لتفرد أمريكي في القرار الأنغلو – ساكسوني، إذ ثبّت ناطق باسم البنتاغون، كما نرى في الموقع الرسمي لوزارة “الدفاع” الأمريكية في 12/1/2024، أن الضربة الثانية جاءت بمبادرة أمريكية، استناداً إلى “حق الدفاع عن النفس”، وأن تلك الضربة منفصلة عن عملية “حارس الازدهار”، وغير مرتبطة بها. وهذا يعني أن القيادة المركزية الأمريكية تصرفت وحدها.

إن طريقةَ الولايات المتحدة في العمل إذَن تقوم على الاحتفاظ بحق التصرف بصورةٍ أُحادية، لكنها تريد من العالم أن “يغطيها” سياسيًّا وقانونياً، بل أن يصفق لتلك الخطوات الأحادية، وألّا يقيّد خطواتها مجلس أمن أَو حتى حلفاء، وما ذلك إلا أحد تطبيقات تلك “الاستثنائية الأمريكية”.

 

عواقب العدوان على اليمن على إدارة بايدن:

تورط بايدن في قصف اليمن حمل معه تحدِّيَين سياسيَين كبيرَين:

أ – خطورة توسع الصراع الدائر في غزة إلى جبهات أُخرى، وخُصُوصاً أن جبهة جنوبي لبنان على صفيح ساخن، ومِلف الاغتيالات الصهيونية لقيادات فلسطينية ولبنانية لم يُغلَقْ بعدُ، وخُصُوصاً أن الضفة الغربية ذاتها ربما تكون على شفير الانفجار، بحسب أنتوني بلينكن ذاته.

ب – عدم وجود إجماع بين النخب الأمريكية على فتح جبهة اليمن؛ إذ أيَّد جمهوريون كُثْرٌ العدوانَ الأنغلو – ساكسوني على اليمن، عادِّين أنه تأخَّر كَثيراً، في حين سارع بعض الديموقراطيين إلى اتّهام الرئيس بايدن بانتهاك الدستور الأمريكي عندما أوعز في قصف اليمن من دون تفويض من الكونغرس.

يمثل جنوح تيار في الحزب الديموقراطي، حزب الرئيس بايدن، إلى معارضة سياسة العدوان على اليمن، حتى لو كان السبب المعلَن تجاوز صلاحيات الكونغرس، بالإضافة إلى معارضة تيار أوسع في الحزب موقفه الداعم للعدوان الصهيوني على غزة، مشكلةً كبيرة بالنسبة إلى رئيس يواجه استحقاقاً انتخابياً في الـ5 من تشرين الثاني/نوفمبر من العام الجاري؛ أي بعد أقل من 10 أشهر.

فإذا توسع الصراع إلى جبهات أُخرى، وطال أَمَدُه، ومن المؤكَّـدِ أن هدفَ “الردع” الذي يعتقد الأمريكيون أنهم سيفرضونه على اليمن لن يتحقّق، فَــإنَّ الولايات المتحدة ستجد نفسها متورطة في نزاع إقليمي واسع النطاق.

يُذكر أن بايدن قدم برنامجاً انتخابياً يقوم على تقليص الوجود العسكري الأمريكي فيما سمّاه الاستعمار “الشرق الأوسط”، وعلى عدم التورط المباشر في الصراعات الإقليمية؛ مِن أجل التركيز على مواجهة الصين وروسيا، و”إعادة الاعتبار إلى أمريكا دولياً”. وشكل الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، في صيف عام 2021، أحد معالم تلك الاستراتيجية، وكذلك العودة إلى طاولة المفاوضات مع إيران بشأن الملف النووي.

أمّا بعد عملية “طُـوفان الأقصى”، فَــإنَّ الرأس الأمريكي للحلف الأنغلو – ساكسوني وجد نفسه يسير مرغَماً نحو خوض معركة “إسرائيل” في منطقتنا، من شرقي المتوسط إلى باب المندب إلى مضيق هرمز، ولم يكن ذلك ما وعد به بايدن الناخبين الأمريكيين.

لذلك، ربما يساهم تعزيز الحضور العسكري الأمريكي في منطقتنا، والتورط في صراعاتها عسكريًّا بصورةٍ مباشرة، في القضاء على جوزيف بايدن انتخابياً، أي أن اليمن سوف يكون مقبرة جوزيف بايدن سياسيًّا، لا مقبرة الأنغلو – ساكسونيين الغزاة فحسب.

لكنّ خيارات إدارة بايدن أحلاها مُر؛ لأَنَّه لو لم يضرب اليمن، فَــإنَّ الكيان الصهيوني كان سيضطر إلى خوض معركة اليمن مباشرة، وما زال ذلك الاحتمال قائماً ووارداً، وهو سيناريو يشبه إطلاق شرارة في برميل بارود عربي وإسلامي محتقن من جراء العدوان على غزة أصلاً. لذلك، وجدت إدارة بايدن نفسها مضطرة إلى التصدي لتلك المهمة، ربما في مقابل تنازلات تقدمها حكومة نتنياهو في التعامل مع ملف غزّة.

فهل سهّل الروس والصينيون تمرير القرار 2722؛ لأَنَّهم أرادوا للأمريكيين أن يتورطوا في صراع إقليمي مع محور المقاومة، أم كي لا يستفزوا “إسرائيل”، أم؛ بسَببِ الاثنين، معاً؟ إن ذلك هو السؤال الذي تطرحه التطورات، والذي ستجيب عنه الأيّام.

 

كُلُّ الدعم لليمن في مواجهة العدوان الأنغلو – ساكسوني:

المؤكّـد أن اليمن لا يلعب. وعندما دخل هذه المعركة، فَــإنَّه كان يدرك ماذا يفعل، وأعَدّ لها العدة جيِّدًا. وكان من أكثر الأمور اللافتة في بيان الرئيس بايدن، والذي يعلن فيه العدوان على اليمن، ما ذكره بشأن استخدام اليمن صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن تحديداً، يجري استخدامه لأول مرة في التاريخ، بحسب بايدن.

فهل يمتلك اليمنيون مثل تلك التكنولوجيا؟ عند البحث في تلك المسألة تبيّن أن تكنولوجيا ذلك النوع من الصواريخ صينية في الأَسَاس، وجرت مشاركتها مع إيران، وأن هناك سلسلةَ تطويرات أحدثها اليمنيون أنفسهم على النموذج الإيراني، ليُنتجوا نموذجين كبيرين يمنيين من تلك الصواريخ الباليستية المضادة للسفن: صاروخ “عاصف”، وصاروخ “تنكيل”.

ويبدو أن اليمن يمتلك كمية وافرة من تلك الصواريخ، بدلالة استخدامها مراراً في الأسابيع الفائتة، ومعها نُسَخٌ يمنية عن صواريخ كروز مضادة للسفن، ومسيّرات.

لا خوفَ على اليمن إذَن، والقوم يعرفون ماذا يفعلون. وكما قلتُ، عندما بدأ العدوّ الصهيوني اختراق غزة براً، إن معركة غزة لا تزال في بداياتها، كذلك أقول اليوم إن معركة اليمن لا تزال في بداياتها.

كلمة أخيرة: من واجب كُـلّ عربي ومسلم وإنسان حر في هذا العالم أن ينتصر لليمن في مواجهة العدوان الأنغلو – ساكسوني عليه، كما انتصر اليمن لفلسطين غير خائفٍ ولا متردّد، ومستعداً لدفع أغلى الأثمان. ويزداد ذلك الواجب إلحاحاً بعد أن ظهرت طبيعة المعركة على الملأ على أنها صراعٌ مباشِرٌ مع الإمبريالية الأمريكية والعدوّ الصهيوني.

لذلك، فَــإنَّ الشعار اليمني “الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل” يجب أن يصبح شعاراً شعبيًّا عربياً وإسلامياً وعالميًّا، بعد أن أثبت تطور الأحداث والأداء اليمني صدقيته. لقد كانت المعركة مع هؤلاء منذ البداية، والآن سقطت الأقنعة.

* كاتب عربي – الميادين نت

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com