إعلامٌ “إسرائيلي: “حلقةُ النار” ستطوِّقُ “إسرائيلَ” كما تنبَّأُ لها الشهيد “قاسم سليماني”

2000 ساعة حرب من عمر معركة “طُـوفان الأقصى” البطولية:

 

المسيرة | خاص

مع دُخُولِ معركة “طُـوفان الأقصى” البطولية يومها الـ84 على القتال، تزدادُ عملياتُ جيش “العدوّ الإسرائيلي” تعقيداً داخل قطاع غزة؛ إذ تزدادُ أعدادُ القتلى والجرحى في صفوفه في ظل تعنت حكومة العدوّ على موصلة القتال، وفيما الجبهة الشمالية ما تزال نشطة، مع تصاعُدِ عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان، يزداد الحديث داخل الكيان عن احتمالية اندلاع حرب مع لبنان لدفع حزب الله إلى مناطق شمال الليطاني، كما صرحت به الكثير من الوسائل الإعلامية لكيان العدوّ.

ويشكِّلُ استمرارُ الحرب في غزة لأكثر من ألفَي ساعة حرب، منذ الـ7 من أُكتوبر، هاجساً مخيفاً لمصدر القرار “الإسرائيلي” ويبدو أن استعصاء المقاومة الفلسطينية على الانكسار، وتعاظم احتمالات تحول الحرب في غزة إلى حربٍ إقليمية؛ بفعلِ تطوُّرات الجبهة مع لبنان، والتصعيد اليمني في البحر الأحمر، مع ما يعنيه هذا بالنسبة إلى الأمريكيين من تضرّر للمصالح وتهديد للنفوذ، كُـلُّ ذلك دفع كابينت الحربِ المصغَّـر في الكيان، إلى وضعِ مناقشةِ ما كان يرفض نقاشه طوال الفترة الماضية، رغمَ الضغوط الأمريكية التي يبدو أن وتيرتَها ارتفعت للبحث في مسألة اليوم التالي، على جدول أعمال جلسته، صباح الخميس.

 

العملياتُ الميدانيةُ في قطاع غزة:

في السياق، أعلنت مصادرُ المقاومة في غزة، الجمعة، تنفيذ أبطال الجهاد والمقاومة عدة كمائن نوعية ضد القوات المتوغلة، وخاضوا عمليات واشتباك معها من مسافة صفر وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح، وتفجير حقول ألغام، ضد قوات العدوّ وعتادة الحربي، في محاور التوغل في قطاع غزة، كما فجّرت المزيد من الدبابات والآليات، وأسقطت طائرة استطلاع “إسرائيلية”، في حين نفذت صاروخية المقاومة عدة عمليات ورشقات صاروخية على بعض المستوطنات في إطار التصدي للعدوان.

وحول هذه العمليات كتب “أمير بار شالوم” مقالاً في موقع “زمان إسرائيل” أشار فيه إلى أنه “رغم تقدُّم القوات في مختلف أرجاء القطاع، إلا أن استمرارَ عمليات المقاومة ووقوع قتلى وجرحى في صفوف الجيش، دلالة على أن تقدم جيش الاحتلال يفقد عاملَ السيطرة”، وَأَضَـافَ، “لقد كانت نهايةُ أسبوع قاسيةً في قطاع غزة – أسماء 14 قتيلًا بأحداث مختلفة خلال الأسبوع الفائت – أثبتت أنه رغمَ الإعلان عن “سيطرة” الجيش على الجزء الشمالي من القطاع، فَـإنَّ المنطقةَ أبعدُ من أن تكونَ مطهَّرةً؛ فهي لا زالت مليئةً بالعبوات، ومقاومين وأنفاق؛ ولذلك فَـإنَّ السيطرة على ما يبدو فوق الأرض قليلة وخطيرة”.

وبسقوطِ القتلى الجدد، يرتفعُ عددُ قتلى “الجيش الإسرائيلي” منذ 7 أُكتوبر الماضي، إلى 502، وإلى 168 منذ بدء التوغّل البري واندلاع المعارك في قطاع غزّة، في الـ 27 من الشهر نفسه.

يُشارُ إلى أنّ المؤسّسةَ العسكريةَ “الإسرائيليةَ” تفرضُ رقابةً مشدَّدةً على نشر أعداد القتلى والمصابين من “الجيش”، في محاولةٍ منها لإخفاء ما تتكبّده من خسائرَ كبيرةٍ في صفوفها خلالَ المعارك المُستمرّة والمتصاعِدة مع المقاومة الفلسطينية.

ويظهر حجمُ الخسائر التي يتكبّدها “جيش” الاحتلال أثناءَ المعارك البرية في محاور القتال من خلال البيانات الدقيقة التي تصدرها المقاومة الفلسطينية، والمقاطع المرئية التي توثّق استهدافاتها وتوجيهها ضرباتٍ نوعية وإيقاعها القوات المتوغلة في كمائن محكمة.

 

سقوطُ العدوّ “الإسرائيلي” في “فَخٍّ استراتيجي خطر”:

كتب “ميخائيل توخفيلد” مقالاً تحليلياً في “ماكور ريشون” اعتبر فيه أن “كلام نتنياهو في وسائل الإعلام وفي تصريحاته مخالف تماماً لما يقوم به فعلياً”، معتبرًا أن “تقويض حماس أمر غير ممكن في ظل وجوده في السلطة”، وَأَضَـافَ “من الصعب تصديقُ نتنياهو عندما يعلن مرارًا وتكرارًا أننا سنقوّض حماس، لكنه في لحظة الحقيقة يتراجعُ ويغيِّرُ قراراتِه. نحن بحاجة إلى قيادة مختلفة”.

في السياق، تحدّث محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس”، “عاموس هرئل”، عن سُقُوطِ العدوّ “الإسرائيلي” في “فَخٍّ استراتيجي خطر” نتيجة عملية “طُـوفان الأقصى”، مُشيراً إلى أنّ رؤية “حلقة النار” التي ستطوّق “إسرائيل” والتي عبّر عنها قائد فيلق القدس قاسم سليماني بدأت تتحقّق”.

وقال هرئل: “إنّ الاستخفاف بالتهديدات الأمنية على الحدود مع غزة، سمح لمعظم من يعيشون حياتهم اليومية هناك أن يشعروا بمحدودية المخاطر، إلّا أنّ ما حدث في 7 أُكتوبر غيّر الحياة اليومية الإسرائيلية بشكل جذري”.

وَأَضَـافَ، أنّه “لا يزال من غير الواضح ما إذَا كان بالإمْكَان الخروج من هذا الفخ وكيف”، فيما “قد ينشأ هنا وضع شبه دائم، تُدار فيه حرب استنزاف طويلة على امتداد اثنين من الحدود على الأقل، أي عند الحدود الشمالية والجنوبية”.

وتابع، لا يزال “هناك خطرٌ من أن تشتعل الجبهة اللبنانية أَيْـضاً، الأكثر تهديداً، إلى مستوى الحرب، ويمكن أن تُدمج في صراع أوسع نطاقاً مع إيران وقوات مسلحة أُخرى، وفي مقدّمتها حزب الله”، وفق هرئل.

 

غيابُ الإنجازات والفجوة بين التوقُّعات والواقع على الأرض:

يرى الكثيرُ من المحللين “الإسرائيليين” أن هناك فجوةً بين “ما يحقّقُه الجيشُ الإسرائيلي في غزة”، وبين الرأي العام، بحسب “عاموس”، الذي قال: إنّ “الانطباعَ عَمَّا “تُحقّقُه إسرائيلُ” في القطاع “يتضاءل”، بينما “الانطباع عن الخسائر يتزايد”، مُشيراً إلى أنّ ذلكَ يتزامَنُ أَيْـضاً مع “أزمةٍ جديدةٍ في احتياط الجيش تلوحُ في الأُفُق”.

فعلى وَقْعِ استمرارِ السجال في “إسرائيل” وتبادل الاتّهامات وتقاذف المسؤوليات عمّا آلت إليه الأمور، شكّك خُبَراءُ في قدرة “إسرائيل” على تحقيقِ أهداف حربها على غزة في ظل غياب الإنجازات والفجوة بين التوقّعات والواقع على الأرض.

كما تحدّث الصحافي “الإسرائيلي”، “يوسي ميلمان”، عن تزايُدِ القلقِ في صفوف الجمهور و”جيش” الاحتلال (خَاصَّة في صفوف جنود الاحتياط) من أنّ المعركة، “يمكن أن تشهدَ ركوداً وتتحوّلَ إلى حرب استنزاف طويلة”.

وفي إشارة إلى احتمالِ دخول “إسرائيل” في حربِ استنزاف طويلة، صرّح رئيسُ أركان الاحتلال، “هرتسي هليفي”، بأنّ الحربَ على قطاع غزة “لها أهدافٌ ضرورية، ليس من السهل تحقيقُها”، موضحًا أنّه “لا توجدُ حلولٌ سحريةٌ ولا طرق مختصرة لتفكيك حماس بصورة شاملة”.

إلى ذلك، شبّه وزيرُ “أمن” الاحتلال السابق، وعضو “الكنيست”، “أفيغدور ليبرمان”، المستوطنات المتاخمة للسياج بمخيم جباليا، شمالي غزة، الذي دمّـره العدوان “الإسرائيلي”، في إشارة إلى أن المستوطنات هناك دمّـرت، ولا تزال المقاومة تدمّـر المزيد.

 

المساعدة الأمريكية واحتمالات فقدان السيطرة:

في سياقِ ضرورة الحفاظ على الدعم الأمريكي للعدو “الإسرائيلي” في حربه على غزة وعدم فقدان السيطرة على الوضع، كتب “داني أيالون” تحليلاً في موقع القناة 12 العبرية، قال فيه: “نحن لا نقدم خدمة للأمريكيين بالتخطيط لليوم التالي، بل نفعل ذلك؛ مِن أجل أنفسنا فقط. وعندما يدعو بايدن، الذي أثبت أنه صهيوني حقيقي، إلى تغيير في الحكومة في القدس، فَـإنَّه لا يفكر فقط في مصلحته ومصلحة الولايات المتحدة، بل يفكر في مصلحةِ “إسرائيل” ومستقبلها”.

وخلافاً لذلك، أشَارَت شبكةُ “سي إن إن” الأمريكية في تقريرها، الخميس، “إلى تزايُدِ المخاوفِ الأمريكية من اتساع نطاق الحرب في الشرق الأوسط وإنّ الاحتمال المتزايد للخسائر في صفوف الجنود الأمريكيين، وتدهور الوضع الأمني من المحيط الهندي إلى البحر الأحمر والعراق وسوريا ولبنان و”إسرائيل”، يُمثّل أزمةً خارجيةً جديدةً غيرَ مُرحَّب بها، ولا سيما في موضوع إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي، جو بايدن”.

بدوره، رأى النائبُ الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي، “مايك والتز”: أن “على حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن تغيير سياساتها تجاه النظام الإيراني؛ مِن أجل مساعدة “إسرائيل”؛ بعد انتهاء الحرب مع حركة حماس المسلحة”.

وقال: “طالما أن إيرانَ مليئةٌ بالأموال، فَـإنَّها سوف تنمو مرة أُخرى وسيعود الإرهاب، أكبر عمل يمكن أن تفعلَه الحكومةُ الأمريكية لمساعدة “إسرائيل” هو أن تعكسَ سياستَها تجاه إيران 180 درجة، وتعود إلى أقصى قدر من الضغط، ومنع امتلاء خزائن أُولئك الذين يغذون الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة”، حَــدّ تعبيره.

“نيويورك تايمز” رأت أن “الإدارةَ الأمريكية تواجه اختباراتٍ لا نهايةَ لها ومصداقيتها باتت على المحك من قبل خصومها، تصريحات “إسرائيل” التي أطلقتها بشأن استمرار حربها ضد غزّة لأشهر عدّة، على الرغم من الضغوط الأمريكية لتهدئة حدّة الصراع تهدّد بزيادة فرص خروج الحرب عن نطاق السيطرة وجر الولايات المتحدة إليها”.

وأشَارَت إلى أن، “وتيرةِ الاستهدافات والتصعيد في الأيّام الأخيرة تكتسب زخمًا مميتاً ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا، وتسلّط موجة الأحداث الجديدة الضوء على احتمال حدوث تصعيد خطير للحرب، وتكشف مدى تعرّض القوات الأمريكية للخطر بشكلٍ مُباشر، وتُساعد في تفسير المناشدات العاجلة المتزايدة من واشنطن لـ”إسرائيل” لتقليص الحرب في غزّة”.

وكشفت القناة 13 العبرية، عن تقرير أفاد بأن “واشنطن وتل أبيب قدمتا مقترحاً لهُدنة جديدة في قطاع غزة، بعدَ ما سقط المقترح المصري، ويقومُ المقترحُ على انسحاب “إسرائيل” في المرحلة الأولى من المناطق المأهولة بالسكان، على أن تدخل بشكل موازٍ معداتٌ ومعوناتٌ طبية إلى القطاع وفي مرحلة ثانية، تطلق حماس سراح النساء والجنود وتسلم جثث “الإسرائيليين” التي بحوزتها، وبعد ذلك يرسم الجيش “الإسرائيلي” خطوطًا جديدة في قطاع غزة. لكن تم رفض المقترح من قبل حماس”.

 

ملامحُ انكسار العدوّ “الإسرائيلي” وانتهاء الهيمنة الأمريكية:

مثّل الصمودُ الأُسطوري للمقاومة في قطاع غزة أكبر صدمة للمستويين السياسي والعسكري “الإسرائيلي”، فقد كان الجيشُ يتوقَّعُ أن تكونَ مهمتُه أقلَّ صعوبة مما بدت خلال الهجوم البري؛ وهو ما جعل تفكيره في مرحلة ما بعد الحرب أمراً مشكوكاً في واقعيته، وبات يطرح حلولاً مثل إقامة شريط عازل داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، وهو أمر فاشل عملياتياً من المعلوم أن المقاومة لن تسمح بوجوده، وأن هذا الفعل هدفه إعلامي لإرضاء المستوطنين وتفاوضي مع قرب نهاية الحرب.

وسائلُ إعلام عبرية أكّـدت أن ملامحَ انكسار الهجوم البري تتنامى في ظل شعور الجنود “الإسرائيليين” بأنهم يتعرضون لخطر كبير، ولا يستطيعون تحقيق أي إنجاز يمكن أن يتفاخروا به وأن يسوقوه أمام المجتمع “الإسرائيلي” بأنهم أبطال، ولا يوجد هدف محدّد لهم من قبل القيادة السياسية يمكن تحقيقه.

وعلى الجبهة اللبنانية، قالت صحيفةُ “التايمز” البريطانية: إنّ “الهجماتِ التي يشنّها حزب الله عبر الحدود اللبنانية، تضع إسرائيل في حرب متعددة الجبهات، وهي التي أثارت القلق الأكبر بالنسبة لها، من بين جبهات أُخرى تضرب أهدافاً إسرائيلية وأمريكية”.

وأشَارَت إلى أنّه وعلى جبهة البحر الأحمر تمثل “الهجمات التي يشنّها اليمن دخلت المرحلة الأكثر كثافة من الحرب في غزة حتى الآن، إذ أطلقت عشرات الصواريخ والمسيرات ناهيك عن “فرض الحصار البحري الخانق الذي وقفت أمريكا عاجزة حياله”.

كما ولفتت إلى أنّه بالتزامُنِ مع التصعيد بين “إسرائيل” وحزب الله، شنّت المقاومة الإسلامية في العراق، هجوماً بطائرة من دون طيار على القاعدة الجوية الأمريكية في أربيل في كردستان العراق، مما أَدَّى إلى إصابات مادية وبشرية، ورأت “التايمز” أنّ “تصاعد تبادل إطلاق النار عبر الحدود بين إسرائيل ولبنان قد يتحوّل إلى حرب إقليمية أوسع”.

وعليه فهذا الأمر جعل قيادة الجيش والجنود في الميدان يشعرون بأنهم ذاهبون إلى المجهول، وأن نسبة عودتهم سالمين ضئيلة جِـدًّا، وهو ما جعل الجيش يشعر بالذهول مما يواجه من مقاومة، ويدرك أنه دخل وحلاً خطيراً سيؤدي الاستمرار فيه إلى انكسار وحدات وقوات كانت يتغنى بأن اسمها يرعب أعداء الكيان.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com