المقاومةُ الفلسطينية تحقّق انتصاراً استراتيجياً في غزة

 

عبدالحكيم عامر

منذ بزوغ يوم السابع من أُكتوبر والانتصارات التي تحقّقها المقاومة الفلسطينية فاقت كُـلّ التصورات، فالمقاومة تمتلك في غزة قصة انتصار استراتيجي لا تُنكر عليه، سنستعرض الأبعاد المتعددة لهذا الانتصار الاستراتيجي:

  • عسكرياً: لقد اختارت المقاومة الفلسطينية مواجهة العدوّ الإسرائيلي واختيار القتال بشجاعة، بالرغم من الفارق الهائل في الإمْكَانيات، حقّقت المقاومة نجاحاً عسكريًّا.

استخدمت المقاومة الفلسطينية في غزة استراتيجية القتال الهجومي والدفاعي والمقاومة الشديدة، بالرغم من القصف المكثّـف والضربات الجوية الإسرائيلية، تمكّنت المقاومة الفلسطينية من الصمود وتحقيق مكاسب عسكرية هامة، نجحت في تدمير أهداف للعدوّ الإسرائيلي وإحباط محاولات التسلل والغزو، هذا أظهر قدرتها على مواجهة العدوّ الإسرائيلي وتكبيده خسائر فادحة.

وفي المقابل، لجأ العدوّ الإسرائيلي إلى استراتيجية العنف والقتل للشعب في غزة في محاولة لكبح المقاومة، ومع ذلك، فشلَ في تحقيق أهدافه، تسببت استراتيجية العدوّ الإسرائيلي في جلب سخط الشعوب وغضبها، مما أَدَّى إلى زيادة التضامن العالمي مع المقاومة والقضية الفلسطينية.

  • أمنياً: فشل العدوّ الإسرائيلي رغم امتلاكه أجهزة استخباراتية ودعمًا أمنيًّا واستخباريًا أمريكيًا، من اختراق المقاومة الفلسطينية والوصول إلى نواتها، بل وجدَ نفسه مفاجَأً بظهور المقاومة من قلب مدينة غزة بكامل قوتها وتأثيرها.

وحيث تتميز المقاومة الفلسطينية في غزة بنظام أمني محكم وتنظيم فعال، مما جعلها صعبة المراس ومقاومة قوية لأي محاولة لاختراقها، تمتلك المقاومة الفلسطينية هياكل وتنظيمًا متينًا، وتعتمد على شبكة متكاملة من المقاتلين والمجتمع المحلي في غزة، تعمل المقاومة بحذر وذكاء، وتتخذ تدابير أمنية صارمة للمحافظة على سرية أعمالها وحماية نواتها الأَسَاسية.

وفي هذه المعركة، نجحت المقاومة في تحقيق الكثير من الانتصارات الأمنية، تمكّنت من تحييد وتدمير عدد من وحدات الاستخبارات والتجسس التابعة لإسرائيل، وتكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة.

  • سياسياً: فيما يتعلق بالانتصار السياسي للمقاومة في غزة، فقد شهدت السردية للعدو الإسرائيلي تفككًا لم يسبق له مثيل، استيقظت مجتمعات حول العالم واستنكرت الأحداث والانتهاكات التي تعرضت لها القضية الفلسطينية المشروعة، تعبيرًا عن التضامن، نظمت مظاهرات واحتجاجات في العديد من البلدان، حَيثُ عبّر المشاركون عن غضبهم ودعمهم للفلسطينيين واستنكارهم للعدوان الإسرائيلي.

إن هذا الانتصار السياسي يعكس تغيرًا في توجّـهات بعض الدول حول العالم تجاه القضية الفلسطينية.

قد أَدَّى هذا التحول إلى زيادة الضغط على العدوّ الإسرائيلي وتشديد الرقابة عليه فيما يتعلق بانتهاكاته لحقوق الإنسان والقانون الدولي، ومع ذلك، فَــإنَّ الدعم الأمريكي والأُورُوبي للعدو الإسرائيلي لا يزال قويًا، وقد يؤثر ذلك في السياسة العملية والتطبيقية للقضية الفلسطينية.

  • إعلامياً: تفوقت المقاومة الفلسطينية في هزيمة الصورة المشوهة التي حاول العدوّ الإسرائيلي بنشاط ترويجها، استطاعت المقاومة كشف التزييف والتلاعب وفضحهما، وبالتالي حظيت بتأييد واسع من الرأي العام العالمي، يقف الآن 95 % من الرأي العام العالمي مع غزة ومقاومتها، مقابل 5 % فقط يدعمون الاحتلال وروايته.

وبفضل جهود المقاومة الفلسطينية في توجيه الرسائل الإعلامية وتوثيق الأحداث، نجحت في جذب انتباه وتعاطف العديد من الشعوب والمنظمات حول العالم، بات الآن العديد من الأفراد والمؤسّسات الإعلامية يدعمون قضية غزة ويعبّرون عن تأييدهم للمقاومة، في حين أن الدعم المؤيد للاحتلال الإسرائيلي وروايته يقتصر على نسبة صغيرة جِـدًّا.

  • قانونياً: في تطور قانوني هام، بدأت جيوش من المحامين والحقوقيين في أنحاء العالم ملاحقة حكومة العدوّ الإسرائيلي أمام القضاء الدولي، وذلك في إطار مساعيهم لتحقيق العدالة وإنصاف الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
  • الجبهة الداخلية: تتميز الجبهة الداخلية في غزة بتماسكها وتوحدها في وجه التحديات الصعبة، يتجاوز الفلسطينيون الخلافات ويتوحدون على طريق المقاومة، مما يمنحهم القوة والصمود، يتحدون الظروف الصعبة ويواجهون الحصار والعدوان بقوة وإصرار.

في المقابل، تعاني الجبهة الإسرائيلية من التفكك والصراعات الداخلية، وتنهشها الخلافات والانقسامات، وتتوقع اضطرابات ونزاعات، بينما يخطط أغلبية سكانها للهجرة، حَيثُ بات الأمان مفقوداً.

  • الأسرى: عندما يتعلق الأمر بقضية الأسرى الفلسطينيين، يكون النضال والصمود هما العنصران الأَسَاسيان للشعب الفلسطيني، إن الفلسطينيين يحتفلون بالانتصار الذي حقّقوه في استرجاع أسراهم من بين أنياب العدوّ الإسرائيلي، وذلك بعد سنوات طويلة من المعاناة والقهر، وحيث تعجز كُـلّ الوسائل سوى ما تفرضه المقاومة، فيشعر الاحتلال الإسرائيلي بالهزيمة والانكسار ويُقبلُ مرغماً على مقايضة أسراه بأسرى فلسطينيين.

حيث وقد وعدت المقاومة الفلسطينية شعبها بأنها ستعمل جاهدةً لتحقيق إفراج الأسرى، وقد أوفت بوعدها، وقد هدّد نتنياهو باسترجاع محتجزيه بالقوة فأخلف، وذهب بجيوشه إلى غزة كي يسترجعهم بثمن باهظ ولكنه خاب ظنه.

لقد انتصرت المقاومة استراتيجياً، وشقَّت طريقها نحو التحرّر والاستقلال بينما انهزم العدوّ الإسرائيلي استراتيجياً، وشق طريقه نحو الهزيمة والانكسار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com