مواقفُ غربية غير متوقعة

فاطمة عبدالملك إسحاق

بينما كنا ننتظر القادة العرب أن يتخذوا موقفاً واحداً ضد ما يرتكبه الكيان الإسرائيلي بحق المدنيين في غزة من جرائم مروعة، لم نجد موقفاً واحداً يساند الشعب الفلسطيني، أقل ما يمكنهم أن يصنعوه كموقف إنساني بعيدًا عن المذهبية والطائفية أن يحاصروا كُـلّ دولة تدعم إسرائيل من خلال إيقاف تصدير النفط وبالمقاطعة الاقتصادية، ولم يُطلب منهم أن يقفوا إلى جانب المقاومة الفلسطينية لقتال الصهاينة، فذلك الذي لم يطرح حتى اللحظة برغم أنه واجب على الأُمَّــة الإسلامية كافة، ما يجعلنا في استغراب أن بعض شعوب ورؤساء دول غربية قاموا بالتضامن مع أبناء غزة كموقف إنساني بعيدًا عن الديانات، فالمظاهرات القائمة في بعض دول أُورُوبا وإغلاق سفارات لإسرائيل في بعض الدول، وكذلك قطع العلاقات الدبلوماسية، هي محط مقارنة بين مواقف الغرب تجاه الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ومواقف العرب الذين هم أقرب جغرافياً ودينياً وعِرقياً ولكن جعلوا رؤوسهم تحت أقدام الصهاينة في مواقف انحطاط لا مثيل لها في التاريخ، لا يخجلوا من مواقف الغرب التي تُجرم كُـلّ ما يرتكبه الصهاينة، بينما العرب تصف حماس بالإرهاب.

إن لم تنتفض الشعوب العربية وتخرج من حالة الجمود التي وصلت لها خُصُوصاً الشعب المصري الذي تسمع محافظاته الحدودية دوي انفجارات الصواريخ التي تفتك بمربعات سكنية وتمسح عائلات بأكملها من السجلات المدنية، ستطالكم الحرب إن لم تنتصروا لأبناء غزة؛ فالحكام يجرون شعوبهم إلى الركوع للكيان الإسرائيلي بكل ذل وخنوع، فمن لا تسنده إنسانيته لأن يتخذَ موقفًا؛ مِن أجل إخوته الذين يقتلون كُـلّ يوم بالمئات فمصيره خزيٌ في الدنيا والآخرة، فلتنهضوا كما نهضت الشعوب الغربية، فأنتم الأقرب حدوداً وديناً.

كلّ تلك المواقف الغربية هي هزيمة تضاف لهزائم الصهاينة الواضحة أمام العالم، تضامن الغرب مع غزة هي واحدة من الحتميات الثلاث الذي ذكرها قائد الثورة، هي خسارة اليهود لحلفائهم التي كان من أهم أسبابها القصف المتواصل الهمجي على المدنيين في قطاع غزة، فذلك قد وضح كذب وزيف وإجرام الصهاينة ما جعل الغرب اليوم تخرج بالآلاف، ولا سيَّما في لندن التي حكومتهم تدعم الكيان الإسرائيلي بصورة مباشرة ولكن الشعب تضامن مع الجاليات العربية وخرج غاضباً يندّد بجرائم اليهود في حق الفلسطينيين.

كذلك الغرب شاهد حجز السفينة الإسرائيلية فعرف مدى هشاشة وضعف الصهاينة أمام القوة العربية التي مثلتها القوات البحرية اليمنية، هذه هزيمة أَيْـضاً تضاف إلى جانب هزائمهم، وتُعد ضربة قاصمة وحصاراً مشدّداً ينبئ بانهيار الاقتصاد وارتفاع الأسعار.

قد ربما تعجب العالم من هذه المعادلات غير المتوقعة “الجيش الذي لا يُقهر” والنفوذ غير المنتهي عسكريًّا واقتصاديًّا المقدَّم من الدول العظمى المتقدمة، لم تنفعه أمواله ولا معداته العسكرية الضخمة ولم ينتصر جيشه ولا طائراته التي قتلت الآلاف وحاصرتهم، تنتصر فلسطين برغم تخاذل العرب، برغم أنها لا تملك ما تملكه إسرائيل للقتال، ولكن نحن نرى قوة الله التي منحها لعباده الصالحين، المؤمنين، المجاهدين، نرى الانتصار واضحًا فوعد الله حق، تلك المواقف غير المسبوقة من شعوب الدول الغربية، تجعلنا نرى النهاية الحتمية القريبة لليهود.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com