اليمنُ في خطابِ سيّد المقاوَمة

 

منتصر الجلي

يصادفُ يوم 11/ 11 من كُـلّ عام إحياءَ مناسبة “يوم الشهيد” لدى المقاومة الإسلامية في حزب الله، مناسبة يُحييها حزب الله منذ 1982م، يقفُ عليها سيدُ المقاومة من كُـلِّ عام على أحداث ومتغيرات لبنانية وإقليمية ودولية عالمية، في حين كان إحياء هذه المناسبة هذا العام بطريقة خطابية أُخرى، وواقع مُلئ بالأحداث الاستراتيجية، وحزب الله يشيع خيرة رجاله الذي ارتقوا شهداء على طريق القدس في مواجهة العدوّ الصهيوني.

يحِلُّ هذا اليوم والشُهداء على قافلةِ الدرب خلف من سبقهم من شهداء 82م، والجبهةَ الإقليمية تتسع والعدوّ يزيد تصعيداً قتلاً ودماراً في قطاع غزة والضفة وشمال لبنان، غزة التي أرغمت المحتلّ الصهيوني في دوامة أنفاقها التي لا يخرج منها أبدًا.

رغم كارثة الإجرام والاستباحة الوحشية للكيان الصهيوني على فلسطين ككل وقطاع غزة على وجهٍ أخص، قصف جنوني غير مسبوق في تاريخ الحروب، طال كُـلّ شيء حتى التي يزعم القانون الدولي أنها أهداف محرمة على شريعة الحروب، المستشفيات، والمراكز الصحية، والبُنى والمُخيمات الإنسانية، كلها لا حرمة لها أمام وحشية مجرمَي العصر: الصهيوني والأمريكي.

في هذا الصدد وقف سيد المقاومة سماحة السيد: حسن نصر الله، في لفتةٍ استراتيجية لبيان طبيعة الوضع وساحة المعركة الموحدة لدى محور المقاومة مساندةً ونصرةً للمقاومة الفلسطينية ودفعاً للإجرام الوحشي بحق غزة والفلسطينيين، مستعرضاً محورية التقابل في هذه الحرب الضروس وتموضع حركات المقاومة وخارطة المشهد العسكري في كُـلّ جبهة مقاومة، منها جبهة اليمن، والتي وقف أمامها السيد نصر الله وقفة شموخ وعزة لهذا الشعب، وقفة جرى فيها مهابة هذا الشعب وإيمانه وصلابته، رغم العدوان الكوني الذي يواجهه والحصار والجبهات التي هدّد الأمريكي بإشعالها على فتيل الترقب للحظة الصفر.

على سياق اليمن لم يكُن سماحة السيد ليقفَ ملياً أمام المقاومة اليمنية عسكريًّا وشعبيًّا وسياسيًّا إلا لما تركته من أثر أوجع العدوّ وأصابه بالأرق والنزوح، في كيانه المتهالك، رغم عمالة دول التطبيع العربية في التصدي أَو محاولة دفع فاعلية الباليستي اليمني والمسيَّرات الفاعلة، إلا أنها وصلت ووصلت بقوة وعمق وفاعلية أذهلت العدوّ وكيانه، وأصبح يرى فيها جبهة مؤرقة له على مفاعلاته ومواقعه وأماكنه الحساسة في فلسطين المحتلّة مما جعله في حالة حرجة في توجيه معظم دفاعاته عن الشمال اللبناني والجهة الفلسطينية إلى جهة “إيلات العدو” في مرحلة يعيش فيها تخبط الأذرع.

هذا ما أكّـدت عليه القيادة اليمنية في صنعاء من خلال العمليات المُستمرّة، والتي استهدفت كيان العدوّ أنها ماضيةً في المعركة ومساندةً للمقاومة في غزة ودفاعاً عن المقدسات وانتقاماً لأشلاء غزة وأبناءها الذين بلغوا ما يزيد على عشرة آلاف شهيد دون الجرحى.

هنا تقف المعادلة على كفة المقاومة متأرجحة بالعدوّ الإسرائيلي، يتصدرها المشهدُ اليمني الذي أذهل العالم وأوجع العدوّ، وغيرها في العراق ولبنان وإيران السند والساعد وسوريا الجريحة حاضنة أبطال المقاومة كما أوضح سماحته.

على الجانب الآخر يقف نحو 57 شخصاً ما بين رئيس وزعيم وملك عربي وإسلامي على طاولة الانبطاح، في القمة العربية المنعقدة في الرياض، يبحثون حول مهترئة لا تنفع الفلسطينيين بشيء، حتى إدخَال المساعدات عجزت هذه القمة ومثيلاتها أن توصلها إلى أبناء غزة، كما طالبهم بها الفلسطينيون على لسان مأساتهم وجراحهم.

واقعٌ هو الأزرى والأذل، أصبحت قمم الأُمَّــة نِقَمًا على أبنائها لا حلولَ نافذةً سوى دعوات للسكوت، أَو التجريم، أَو الشجب الطفولي العاجز.

واقعٌ يقفُ المشهد السياسي العربي تحت رحمة السياسة الأمريكية الحاكمة، وفاقدُ الشيء لا يُعطِيه، وما فقده زعماء العرب من عزة وسيادة وقرار موحد جعل منهم سُلَّمًا لتمرير السياسة الإسرائيلية بشكلٍ أَو بآخر نحو الأُمَّــة وضرب كيانها الإسلامي العربي، وما خرجت به قمة الرياض لن يغيِّرَ في المعادلة سوى أرقام تُضاف لأرقام التنديد والاستنكار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com