فلسطينُ الحُرَّةُ المقاوِمةُ هي كرامةُ وعزةُ الأُمَّــة كلها

 

أ. د. عبدالعزيز صالح بن حبتور*

للأسبوع الثالث على التوالي، ومُنذ انطلاق بشائر النصر القادم للإنسان الفلسطيني العظيم المُسَمَّى بـ (طوفان الأقصى) في يوم السبت، الموافق 7 أُكتوبر 2023م من قِبَل أبطال المقاومة الفلسطينية في غَـزَّة، مُنذ تلك اللحظات الاستثنائية التي طال انتظارُها لأزيد من سبعةِ عقودٍ من الزمان وهي عمرُ الكيان الإسرائيلي الصهيوني المؤقَّت، والشعبُ العربي الفلسطيني يعيشُ حالةَ أَلَمِ الهجرة في شتات الأرض، وحالة الظُّلم والقهر من طغيان وعنجهية المحتلّ الصهيوني الإسرائيلي، ومن وجع وحسرة الإنسان الفلسطيني الحُر الأبي على المواقف الهزيلة التافهة لأشقائه من الحكام العرب، ومن قهر سجون الاحتلال الظالم الذي حاول إهانة الأسير الفلسطيني الحُر، ومن مواقف وسلوك وتصرفات النظام الغربي وحلف شمال الأطلسي المعادي من حول العالم الذي زرع هذه النبتة الغريبة الصهيونية السرطانية في أرض فلسطين الحرة.

مُنذ أَيَّـام خلت ونحن في اليمن نتضامَنُ تضامُناً مطلقاً مع أهلنا في غَـزَّة الحُرة، نتضامَنُ مع المقاومة الإسلامية والوطنية في جنوب فلسطين المحتلّة، في غزة، نتضامَنُ مع المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان، نتضامَنُ مع شعوبنا العربية الحُرة المقاومة من الخليج شرقاً وحتى المحيط غرباً، وهذا هو أبسط ما يُقدَّمُ لأهلنا في غَـزَّة الصامدة.

حتى لحظة كتابتنا لهذا المقال يكونُ العدوُّ الصهيوني الإسرائيلي قد دمّـر قُرابةَ 40 % من مباني ومساكن أهلنا في غزة، ونلحظ الأهل بغزة دون مأوى يأويهم، دمّـر المساكن الشخصية على رؤوس سكانها ونازحيها؛ حتى إن بعض العائلات الغزاوية أبيدت من الوجود عن بكرة أبيها وتم شطبها من السجل المدني الفلسطيني بِرُمَّته، دمّـر العدوّ الصهيوني العديد من المستشفيات والمستوصفات في القطاع وعلى رأسها مستشفى المعمدان، الذي دكَّه العدوّ الإسرائيلي، دمّـر المستشفى على رؤوس المرضى والعاملين والأطباء وفرق العمل الصحي؛ إذ بلغ عدد الشهداء في المستشفى أزيد من 500 شهيد، كذلك دمّـر المدارس والكليات ومنها مدارس الأونروا ضعيفة الإمْكَانات والقدرات وهي التي كانت تأوي النازحين الغزاويين من داخل مدن وضواحي قطاع غَـزَّة كلها، وعمل على تدمير أفران طباخة الخبز والرغيف والروتي، ودمّـر محطات الكهرباء وآبار المياه، والمهم أن جيش العدوّ الإسرائيلي الصهيوني أباد أهلنا في حرب عنصرية تصفوية، وبلغ عدد الشهداء حتى لحظة كتابة مقالنا هذا ليوم الأحد، بتاريخ 29 أُكتوبر 2023م بأزيد من 8000 شهيد فلسطيني، بلغ نسبة الأطفال والنساء منهم قرابة 70 %.

وللمزيد من إيذاء أهلنا في غَـزَّة تم إغلاق المعابر من جهة فلسطين المحتلّة، ومن جهة صحراء سيناء، وتم قطع التيار الكهربائي، وإيقاف تمويل مياه الشرب على كامل قطاع غَـزَّة، وقطع شبكة الاتصالات عن القطاع.

هذه الجرائمُ الحربيةُ التي اقترفها جيشُ الاحتلال الصهيوني بدعمٍ سخيٍّ وواضحٍ من حكومات الولايات المتحدة الأمريكية وحكومات الدول الأُورُوبية الغربية من أعضاء حلف شمال الأطلسي ومن برلماناتها ومؤسّساتها السياسية والإعلامية وجميع منابرها الثقافية التي أظهرت انحيازاً كليًّا بطابعٍ عُنصري مَقيتٍ إلى جانب دولة الكيان الإسرائيلي الصهيوني العنصري.

بعد كُـلّ تلك الجرائم الإنسانية المروِّعة التي اقترفتها آلةُ حرب دولة العدوّ الصهيوني نجد توافد (في حجيج فاضح) لرؤساء الدول الشريكة في العدوان على دماء الفلسطينيين وهم الرئيس الأمريكي/ جو بايدن ووزرائه مع أُسطولَينِ نوويَّين بحريَّين عملاقَين، في تهديد صريحٍ للضحية من الأبرياء من شعبنا الفلسطيني في أرض فلسطين، زيارة الرئيس/ جو بايدن، يُذِّكر العرب والمسلمين بزيارة سابقِيه من الرؤساء الأمريكيين الذين زاروا مدينة كابل عاصمة أفغانستان قبل تدميرها ولكنهم هُزِموا، وبغداد قبل حرقها ولكنهم هُزِموا، وطرابلس الغرب قبل استباحتها من قوات حلف شمال الأطلسي ولكنهم أَيْـضاً هُزِموا، واليوم يزور “بايدن” ولكنه سيُهْزَم على أرض الأحرار بفلسطين كُـلِّ فلسطين.

والرئيسُ الفرنسي/ ماكرون، الذي ذَكَّرتنا زيارتُه لـ (تل أبيب) بالحروب الدينية الصليبية التي انطلقت من حقول مدينة كليرمونت الفرنسية إثر الخِطابِ الهيستيري الذي ألقاه يومَذاك بابا الفاتيكان المسيو/ أُورُوبان الثاني، الذي حرض القتلة المسيحيين الأُورُوبيين بتجهيز الحملة الصليبية الأولى للذهاب لاحتلال أرض القدس الشريف بتاريخ 27 نوفمبر 1095م.

هكذا سجَّل لنا التاريخ الواقعة التاريخية بأحرف من نار الحقد والكراهية والبغضاء الدينية المسيحية ضدَّ المواطنين العرب الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين في القدس الشريف، وقارن بينها وبين خطاب وتصريح الرئيس الفرنسي/ ماكرون في مدينة تل أبيب في فلسطين المحتلّة، وهو واقفٌ إلى جانب رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي المجرم/ بنيامين نتنياهو، وقد شاهدهما العالم كله وهو يكيل المديح للقاتل الصهيوني، ويتهجم بكلمات نابية حاقدة على الضحية من القتلى الشهداء الفلسطينيين، حينها يشعر المشاهد للتلفاز بأن أزيد من ألف عام على أولى الحملات الصليبية الأُورُوبية على العرب المسلمين بأنها تتجدد بوقاحة المعتدي وصلفه.

ويشعر الفردُ منا كعرب ومسلمين بأن معانيَ المفردات ذاتها لم تتغير، وأن نكهة العداء الغربي الرسمي للعرب هي ذاتها، وأن لغة الانتقام والوعيد والتهديد ما زالت هي هي.

وعادت بي الذاكرةُ إلى ثورةِ أهلِنا بالجزائر المجاهدة الحرة، وتذكرت بأن أهلَ وأجدادَ الرئيس/ ماكرون، قد قَتلوا في الجزائر قرابةَ مليون ونصف مليون جزائري شهيد، بل وأزيد من هذه الأعداد من الشهداء.

وتظهر التقارير بأن الفرنسيين يساهمون الآن في إرسال طائرة يوميًّا وأكثر من مطار جورج بومبيدو في باريس متجهة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلّة مُحمَّلة بالمرتزِقة المقاتلين الصهاينة ليشاركوا في قتل أطفال فلسطين ونسائه في غَـزَّة.

أما إذَا تحدثنا عن زيارة رئيس وزراء بريطانيا (العظمى) المستر الهندي الصورة فحسب/ ريشي سوناك، الذي أجرم أجدادُه البريطانيون بحق الشعب الفلسطيني من خلالِ اتّفاقية سايكس-بيكو، ووعدِ بلفور اللعين المشؤوم الذي وعد اليهودَ حولَ العالم بتخصيصِ أرضِ فلسطين لإيواء المشرَّدين المنبوذين من اليهود حول العالم فيها، الذي انطبق عليهم المَثَلُ (وعدُ مَن لا يملِكُ الأرضَ لمن لا يملِكُ ولا يستحقُّ العيشَ فيها)، هؤلاء البريطانيون في خِسَّتِهم ونذالتهم تجاه الشعوب قد تجاوزوا خسةَ وإجرامَ النازيين القَتَلَةِ من الألمان والفاشيين المجرمين الطليان.

جريمةُ البريطانيين أشبهُ بمرض مريض السرطان نهايتهم إلى القبر أَو ما يشبه ذلك، والغريب في الأمر بأنهم ما زالوا يمارسون عُقدتَهم التاريخيةَ وحقدَهم الدفينَ على العرب المسلمين، يواصلون تآمرهم وكيل كيدهم بمشاريعهم المريضة ضدَّ أي مشروع عربي قومي تحرّري، وخير مثال على ذلك مشاركتهم في العدوان الثلاثي على مصر العربية، ومشاركتهم في تدمير العراق العظيم، وتدمير ليبيا البطلة، ومحاولة تدمير دولة سوريا العروبة، وزرع دويلات عربية متصهينة في الخليج العربي.

أما زيارة مستشار ألمانيا الاتّحادية الهر/ أولاف شولتز، والذي يسعى لممارسة التطهُّر الروحي من دماء الضحايا اليهود الذين سفكهم أجدادُه النازيون في معسكرات الهولوكوست، لكنه تناسى أنه يشارك اليوم في جرائم هولوكوست فلسطيني جديد في أرض فلسطين، ويساهم بشكل مباشر في تزويد العدوّ الصهيوني بالمال والسلاح والخبراء؛ ليقتل أهلنا في غَـزَّة، عليه أن يتذكر جيِّدًا بأن محكمة الشعوب الإنسانية ستحاكمه وعصابته المتطرفة في برلين؛ لأَنَّه شارك في سفك دماء أطفال فلسطين الذين تجاوز عددهم إلى اليوم أكثر من 3000 طفل تم انتشالهم من تحت أنقاض المباني التي دمّـرتها الآلة الدموية للعدو الإسرائيلي الصهيوني وكان الهر/ أولاف شولتز شريكاً مباشراً بالجريمة النكراء.

أما بقية الدول الأُورُوبية التي سارعت بزيارة عاصمة الكيان الصهيوني الإسرائيلي، فَهُم عبارة عن تكملة عدد لهذه الدول سالفة الذكر التي هيمنت على قرار حلف شمال الأطلسي طيلة عقود خلت.

أما لماذا حضرت كُـلّ الزعامات الأُورُوبية والأمريكية إلى تل أبيب؟! فهو ببساطة شديدة، جاءت لمباركة جرائم العدوّ الصهيوني الإسرائيلي في قتل أطفال ونساء وشيوخ فلسطين العُزَّلِ طيلةَ الأيّام والليالي الماضية لما بعد يوم “طُوفان الأقصى” المبارك، هؤلاء الرؤساء والوزراء والمسؤولون شُركاءُ في التلذذ بطعم دماء أطفال ونساء الفلسطينيين الأحرار في غَـزَّة الصامدة المقاومة، لكن لماذا يحضرُ استغرابُنا اليومَ من كُـلّ تلك الزيارات وذلك الدعم السخي بالسلاح والذخائر والمال والخبراء والمرتزِقة من حول العالم؛ كي يشاركوا في سفك دماء أشلاء أطفال فلسطين؟!، ألم نتذكر دورهم جميعاً في حروب دعم إنشاء كيان العدوّ الصهيوني في العام 1948م، ودورهم في إقرار التقسيم لأرض أهلنا بفلسطين عام 1947م، قرار مجلس الأمن رقم 181، وحرب العدوان الثلاثي على جمهورية مصر في عدوان السويس عام 1956م، وفي عدوان الخامس من حزيران عام 1967م، وفي عدوان العدوّ الصهيوني الإسرائيلي على المقاومة الفلسطينية واللبنانية عامَيْ 1982، 1983م حينما اجتاحوا بيروت، وهل نسي العرب مذبحة ومجازر صبرا وشاتيلا في سبتمبر 1982م، ومجزرة قانا الأولى في جنوب لبنان عام 1996م، ومجزرة قانا الثانية عام 2006م؟!

وهل نسي العرب كُـلُّ العرب اجتياحَ القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي أراضي العراق واحتلوا بغداد؟، وهل تناسى العرب الحملة العسكرية العدوانية الأطلسية على ليبيا ودمّـروا البنية التحتية للشعب الليبي.

إن لائحة الإدانة على النظام الاستعماري الأطلسي الأمريكي والأُورُوبي طويلة وطويلة جِـدًّا، جرائم استعمارية لا يمحوها تقادم الأزمان، ولا تراكم الأزمات الداخلية لدينا، وهي عارٌ أبدي أسودُ منقوش على جبين النظام والحكام الأُورُوبيين والأمريكان، ولن يمحوها شيءٌ سوى بهزيمتهم في الميدان.

هل يتذكر هذا العالَمُ الظالمُ بأنه في يوم واحد تم قتلُ أكثر من 500 شهيد، وهم الذين استشهدوا في مستشفى المعمداني في قطاع غَـزَّة؟! ولماذا يغمضُ هؤلاء المتشدقون أعينَهم بحقوق الإنسان عن جرائم الدويلة الإسرائيلية الصهيونية؟! هل مِن أجل أن لا يروا عددَ الشهداء الذين بلغوا مُنذ أن بدأت الحرب العدوانية ضدَّ أهلنا في قطاع غَـزَّة الذي تجاوز 8000 شهيد، جُلَّهم من الأطفال والنساء.

هل يشاهد سياسيو ومنظرو وإعلاميو الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان حلف شمال الأطلسي القنوات الفضائية التي تنقل في كُـلّ لحظة وحين صُوَرَ أشلاء أجساد أطفال غَـزَّة الممزقة، وجثامين نساء وشيوخ غزة الطاهرة؟، أم أنه قد أصابهم العَمَى والحَوَل؟!، ولم يشاهدوا إلَّا ما تنقله لهم وسائلُ إعلام العدوّ الصهيوني؟!

الرأيُ العام العربي الذي خرج بالملايين الغاضبة للساحات والشوارع من المحيط إلى الخليج، خرج مستنكراً وشاجباً، ومديناً لجرائم العدوّ الإسرائيلي الصهيوني وأعوانه الأمريكان والأُورُوبيين، جميعهم يدركون بأن هذا الكيان المؤقَّتَ الذي صورتموه في إعلامكم بأنه أقوى جيش وأقوى استخبارات وأقوى أمن داخلي، وأقوى نظام اقتصادي وعلمي وتقني، كُـلّ ما روَّجوا له طيلة أزيد من نصف قرن، هذا الكيان قد هُزم شَرَّ هزيمة، وتهاوت سُمعتُه بين المستوطنين أنفسهم، الذين فقدوا الثقة في أمنه وثباته وقوته، ولم يعد ذلك الكيان الإسرائيلي الهزيل وطنَ وأرضَ الميعاد ولا هو وطنَ يهود العالم المشردين الصهاينة حول العالم.

وللتذكير فحسب بأن جماعةً فلسطينيةً محدودةَ العدد والعِدَّة من شباب المقاومة من معظم الفصائل الفلسطينية المقاومة بقيادة حماس والجهاد الفلسطيني هم من صَنع معجزةَ 7 أُكتوبر 2023م، هم جماعةٌ لا يتجاوز عددهم 1200 مجاهد مقاوِمٍ بطل، هم وحدَهم من صنع هذا النصر العظيم الخالد؛ باعتباره أعظمَ يوم نصر خلَّدوا من خلاله أعظمَ ملحمة انتصار في التاريخ العربي الإسلامي الحديث، ومسحوا من على جبين الأُمَّــة العربية الإسلامية عارَ الهزائم المتكرّرة على الجيوش العربية التي ألحقوا بها الهزائمَ المُرَّةَ في المنازلات الماضية.

لقد أضافوا هذا النصرَ المُبينَ للانتصارات البطولية للجيش العربي المصري والسوري والعراقي في حرب 6 أُكتوبر 1973م.

 

دروسُ ودلالاتُ الانتصار العربي الإسلامي الذي تحقّق في 7 أُكتوبر 2023م هي المؤشرات الآتية:

أولاً: أظهرت المعركةُ الحاليةُ الممتدةُ من 7 أُكتوبر وحتى كتابة مقالنا هذا بأن معركةَ قطاع غَـزَّة هي معركة الإدارة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، وتساندُها دولة كيان العدوّ الإسرائيلي الصهيوني فحسب، وأن خط الإمدَاد الجوي والبحري العسكري الأمريكي لم ينقطع لحظة واحدة، ويشترك القادة العسكريون لحلف شمال الأطلسي والإسرائيلي الصهيوني في غرفة العمليات الموحدة المشتركة، وقد وظفت القدرات الغربية المالية والعسكرية في خدمة المعركة الفاصلة ضدَّ الشعب الفلسطيني ومعسكر المقاومة العربية الإسلامية في عالمنا العربي.

ثانياً: هذه المعركة أظهرت بروز تكتل المعسكر السياسي والعسكري والاقتصادي لمحور الشرق روسيا الاتّحادية والصين الشعبيّة مع تحالفهما من بلدان العالم الثالث في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وأظهرت تماسك هذا المحور رغم حداثة تكوينه.

واستطاع استخدام قرار الفيتو الروسي الصيني من إبطال قرار أمريكي يساند الكيان الصهيوني، ويدين حركة المقاومة الإسلامية / حماس.

ثالثًا: أظهرت المعاركُ العدوانية في قطاع غَـزَّة، والانتهاكات الإجرامية السافرة لآلة العدوّ الإسرائيلي الصهيوني بقتل الأطفال والنساء والشيوخ المدنيين الفلسطينيين، وحجم التضامن الأمريكي والأُورُوبي لحلف شمال الأطلسي مع الكيان الصهيوني، أظهرت نفاقَ وزيفَ جوهر تلك النُّظُم السياسية، وأن كُـلّ شعاراتها البرَّاقة لحقوق الإنسان، وحرية الصحافة وَ…، كلها ظهرت أكاذيبَ وزيفًا وتدليسًا لجميع شعوب العالم، وظهروا على حقيقتهم العارية بأنهم عبارة عن نظم سياسية عنصرية شوفينية كاذبه، وأن تاريخَهم الدموي ضدَّ الشعوب ظلوا أمناءَ له وحافظين لتراثه القذر.

رابعاً: بعثت الولاياتُ المتحدة الأمريكية وبريطانيا عددًا من أساطيلها البحرية؛ بهَدفِ معلَنٍ، وهو: عدمُ توسُّع دائرة الحرب العدوانية، وكذلك تزويد جيش العدوّ بالتجهيزات والعتاد اللازمة ورفع معنويات الجيش الإسرائيلي الصهيوني المنهار سلوكياً ونفسياً ومعنوياً؛ جراء ما حدث له من صدمة مروِّعة من قبل أبطال المقاومة الفلسطينية المجاهدة.

وكي تمنعَ تلك الأساطيلُ مِحورَ الجهادِ والمقاومة من أن يدعم قواتِ المجاهدين في قطاع غَـزَّة، ولسان حال الأساطيل الغازية بأن تمنعَ الجماهير العربية والإسلامية بأن تقدِّمَ المَدَدَ والعَونَ للمجاهدين الفلسطينيين في قطاع غَـزَّة.

خامساً: يعد يوم 7 أُكتوبر يومَ انتصار عظيم للمقاومة الفلسطينية والعربية والتحرّرية بشكل عام، وما شاهده العالم من ثباتِ الطفل والشيخ والنسوة الفلسطينية وهم يتعرضون لكل تلك القَسوة الوحشية البربرية الصهيونية من تدمير المباني والمستشفيات والمدارس والعمارات الطويلة فوق رؤوسِ الفلسطينيين دون أن يمسوا المقاومةَ بأنواعها بأية كلمة سوء أَو اتّهام ضدَّ مقاومتهم، هذا هو الطاقةُ المتجدِّدةُ لمواصلة النضال الفلسطيني المقاوِم للعدوان، كانوا جاهزين للاستشهاد؛ مِن أجل فلسطين كعنوانٍ للعزة والكرامة والتحرير.

سادساً: يوم 7 أُكتوبر كان إيذاناً صادقًا وصريحاً بأن جميعَ مشاريع التطبيع الأمريكي الصهيوني بين صهاينة الحكام العرب والفلسطينيين وَالكيان الإسرائيلي قد انتهت وتبخرت، وليست لها أية قيمة حقيقية تُذكر؛ لأَنَّ عددًا من الحكام العرب يعتقدون واهمين بأنهم سيسندون نُظُمَهم السياسية، ويتكئون في حكمهم على الكيان الصهيوني الإسرائيلي؛ لحماية نظمهم السياسية وعروشهم الواهية الركيكة، لكنهم اكتشفوا في تلك اللحظة؛ أيْ لحظة الحقيقة، أن هذا الكيان المؤقَّتَ فعلاً هو أوهنُ من بيت العنكبوت، وأنه عبارة عن نمرٍ من ورق، ولن يستطيع حمايةَ ذاته، فكيف به أن يحمي الآخرين؟!

سابعاً: أظهر مِحورُ المقاومة صلابةً وتكتيكاتٍ عسكريةً وأمنية تنسيقيةً عالية المستوى، وبرغم من وعيد وتهديد الأساطيل الأمريكية، إلاّ أن مِحورَ المقاومة من طهران، وبغداد، ودمشق، وبيروت، وفلسطين وصنعاء اليمن، هي الضامنُ لمسار حركة التغيير المقاوم لجميعِ المشاريع الأمريكية الصهيونية، وأن النصرَ حليفُه -بعون الله-، طالما وهو يحملُ على عاتقه قِيَمَ التحرير والحرية والكرامة ودحر المشروع الصهيوني.

 

الخلاصةُ:

إن يومَ السبتِ المبارك وتاريخَ 7 أُكتوبر 2023م، هو أهمُّ أَيَّـام التاريخ العربي والإسلامي في عصرنا الحديث، ولن يتوقَّفَ هذا السَّيْلُ من الانتصارات -بإذن الله تعالى- حتى يتم تحرير الأراضي الفلسطينية كاملة من النهر وحتى البحر، ويعودَ أهلُنا الفلسطينيون من الشتات العالمي؛ ليجد له مأوى ومسكناً كسائر مخلوقات الله على هذه الأرض، وستعودُ جحافلُ المشردين الصهاينة إلى، حَيثُ كانوا قبل احتلالهم الأراضي الفلسطينية المقدَّسة، ما قبل ما سُمِّيَ بيوم النكبة المشؤومة.

﴿وَفَوْقَ كُـلّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾.

* رئيسُ مجلس وزراء تصريف الأعمال في الجمهورية اليمنية / صنعاء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com