ذنبي أنيّ أنتمي إلى الإسلام والعرب

 

خلود خالد الحوثي

صوت أنين الألم يعلوا، صوت صفارة الإنذار ينذر، صوت الطفولة بالصراخ يهتف، أين الإنسانية والشرف، أين القلوب التي تشعر، أين الضمائر التي تُحييّ البلد.

أنا طفل ثياب الطهر لطخها الصهاينة، أنا جنين قُطع حبلي السري دون تغذية، أنا من وجدت في الحياة ولم ألقَ أهلي في الأرض، أنا من خرجت من بين الأنقاض ارتجفُ، وأطراف جسدي يكسوها الرعشة، وعقلي لم يعرف أين الصواب، ومن الخوف لم تسمع أذانًا ولم ترَ عيوني إلا الانفجار والحطام، أنا من صرخت بأعلى صوتي أين العرب، أين الإسلام حين ينشدُ، أين الذي قال رب العالمين (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)، ذنبي الوحيد أني أنتمي للإسلام والعرب، أين أبي لما سمعتُ صوتهُ يهتفُ؛ ولدي لا تخف إن الفتح اقترب، فلم أصرخ ولكنِ لم أجدُ سوى أشلاء هامدة من جسد والدي، أين من أعدت بالأمس لنا أطعمة أترى أعرف أين أشلائها وقعت، أنا أخٌ أناشد شقيقي بهُتاف وقد أصم الحجار أحرفي فلم أجد صوتًا يعبِّر عني، إني ما زلت أتكبد معاناة الموت وبقيت آه في آه، شقيقي إني طائر محلق إلى الجنان ولكن قبل ذهابي سمعتك تتوسل تهتفُ أريد تقبيل شقيقي وبـالوداع أترحم، أين منزلٌ كان بالأمس مرتكزًا واليوم أراه حطاماً متناثراً، أين حيٌ كان بالضجيجِ وبـالألعاب يسطعُ، أين شمس الأمس التي تغربُ وتشرقُ، وأرواح العديد من الأطفال كانت تلعب، لقد سُلبت.

أين من كان لي الأب والخليلُ، أين من كان أمس يقعد في بداية وجبة الإفطار، أين زوجي الذي عشتُ معهُ ومع أبنائي، أين طفلي الذي كان أمس في أحشائي، أين طفلي الذي بالأمس تفقدتُ الغطاء عليه من البرد، طفلي أتسمعُ ندائي الأخير أأرضعك لتذهب إلى بارئك، أين أنت يا صغيرتي لقد رسمتُ لي أحداث برفقتكِ، أين أنتم يا أبنائي فبالأمس كانت شفاهنا بالتسبيح والاستغفار تلهج ليعصم ويربط الله على قلوبنا من الخوف، أين ذاك البيت الذي بالأمس كان يحوينا واليوم دُك وأصبح مع الحي منهار، أين غزة فو الله إنها اليوم تتكبد قصفٌ بغزارة، بل أصبحت أهدافًا لطائرات يعلُو فيها جنود الصهاينة.

أين أسرتي أتسمعُ أصواتي، فبالأمس تركتكم في ساحة المستشفى خوفًا من تهدم المنزل، واليوم أتيت إليكم ووجدت المستشفى مهدمًا والنار تعلُو أرجاء ساحته، أين أبنائي أحقاً أنتم الآن بين يدي أودعكم، وهتفتُ لم يتبقَ لي أي شيء في هذا الوطن غير أن أرجو الله أن يلحقني بكم مع الشهداء، أين منزلٌ تحمل مشقات الحياة لأعوام، ليكون مأوى لي ولأبنائي، أين غزة اليوم والأمس أحقاً هذا رمادُكِ المبعثرُ.

أين فلسطين اليوم، أين غزة اليوم التي شُن عليها الحرب من الصهاينة وتطبيع الأعراب، ويحكم أيها الأعراب الذين تخاذلتم، فَو الله إنكم من قال الله عنكم (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا) من سورة التوبة- آية (97)، قد كساكم الخزي والعار، قد أعلنتم ما كان بالأمس نفاقاً، اليوم انبعث ما كان بالأمس مخفي تحت طاولتكم وبالتطبيع أعلنتم وزادكم الناس كراهية، خوفكم اليوم أصبح يصدر في حقد على مقدساتكم، إنه الأقصى قبلة الإسلام، ما بال الجميع نسي أنكم أشد كفراً ونفاقاً وما زال ينشد منكم الموقف، لعنكم الله ولعنكم الناس وكان الله بعون القدس، فالشعوب الحرة تتألم معكم وتشعر بألمكم وتستوجع أضعاف أوجاعكم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com